أدانت مؤسسة "حرية الفكر والتعبير" بشدة، منع جهات رقابية رواية "أبناء الجبلاوي" للكاتب إبراهيم فرغلي والصادرة عن "دار العين"، من الدخول لمصر، على الرغم من مرور حوالي عامين على صدورها، وترشيحها لجوائز كثيرة. وتساءل البيان الصادر عن "مؤسسة الفكر والتعبير" عن المكاسب التي من المفترض أن تكون قد حققتها الثورة في مجال الرقابة على الإبداع، وعن الشعارات التي مازال يتردد صداها بخصوص إلغاء محتمل لجهاز الرقابة على المصنفات الفنية، وخصوصا أن نفس الإجراءات الرقابية التي كانت تتم قبل الثورة، هي نفس الإجراءات بعدها. وحول قصة المنع، قالت الدكتورة "فاطمة البودي"، مديرة دار النشر، ل"الشروق" إن: "الرواية تم طبعها في بداية الأمر في مطابع المنطقة الحرة، الأمر الذي يخضع تلقائيا أية رواية مصرية للرقابة، وعندما سألت عن سبب المنع، أخبرتها الأجهزة الرقابية بأن هذه الرواية تحمل قصص حب خارجة، ومشاهد جنسية كثيرة. وهذا غير صحيح". مضيفة أن: "الرواية مثيرة للجدل تنتقد بشدة أداء وزارتي الإعلام والثقافة تجاه إدارة الأزمات؛ ففجأة تختفي روايات (نجيب محفوظ) من على أرفف المكتبات وأرصفة الكتب، ثم يختفي كل تسجيل إذاعي وتليفزيوني له في أرشيف الإذاعة، وهو ما ينتقد وبشدة ارتباك وفشل إدارة الأزمات في وزارتي الثقافة والإعلان، من قبل تبني سياسة التعتيم وعدم توصيل الحقيقة للرأي العام". وأضافت أنه: "على أمل أن يتبدل الموقف، قامت الدار بإعادة طبع الرواية مرة أخرى، ولكن في مطابع مصرية هذه المرة، وبرقم إيداع مصري، وتواجدت الرواية بالمكتبات وتم طباعة أكثر من طبعة منها، ولكن الجهات الرقابية، التابعة لوزارة الإعلام السابقة، قامت مرة أخرى بمنعها من دخول مصر، ولم يصل الدار حتى هذه اللحظة أية ورقة تشير إلى مصادرة الكتاب". وأضافت أن "الرواية تخرج فقط من مصر للمشاركة في المهرجانات، ولكن يتم منعها من الدخول عند العودة؛ حيث سافرت لثلاثة معارض من بداية عام 2011، هم الرياض، أبو ظبي، والدارالبيضاء، وذلك عن طريق إحدى شركات الشحن، وعند عودة الرواية إلى مصر، تكرر نفس السيناريو السابق، حيث تم منعها من دخول مصر ولم يتم إرسال أي وثيقة رسمية للدار تشير إلى هذا المنع، أو حتى إبداء الأسباب". ومن جهته، قال إبراهيم فرغلي ل"الشروق": إن "الموضوع باختصار أن الناشرة أرادت طباعة الكتاب بجودة خاصة وورق من نوعية جيدة لم تكن متوفرة في ذلك الوقت في المطبعة التي تتعامل معها، فقررت أن تقوم بالطباعة في إحدى المطابع الخاصة بالمنطقة الحرة. وبعد طباعة الكتاب، عرضته المطبعة على الرقيب؛ باعتبار الكتاب في هذه الحالة مطبوعا في الخارج، فرفضته الرقابة بدون إبداء الأسباب". وأضاف: "ولأنني كنت في إجازة قصيرة في القاهرة آنذاك، ولأن الناشرة كانت ترغب في إصدار الكتاب خلال وجودي، لم ترغب في إثارة مشكلة قد تضيع الوقت بلا طائل، بالإضافة إلى حساسيتي من أن إثارة موضوع الرقابة، والمنع قد يبدو دعاية للكتاب لم أرغب فيها ولا أحبها، فقد تحملت الناشرة خسارة الألف نسخة وقررت إعادة طباعة الكتاب في مصر، وأصدرت الطبعة الأولى من الكتاب الذي استقبل بشكل جيد جدا، و كتب عنه العديد من الكتاب وتحدث عنه العديد من النقاد في وسائل إعلامية مختلفة، وطبع الكتاب طبعة مصرية ثانية". وحول ظهور المشكلة مرة أخرى، قال فرغلي: إن "الناشرة فوجئت أنها عندما تشارك في المعارض الخارجية وعند عودتها يتم منع النسخ التي تعود من الخارج، فالرقابة على المطبوعات الخارجية تتعامل مع الكتاب على أنه ممنوع. لكنه في الحقيقة ككتاب مصري صادر في مطابع مصرية لم يمنع، وهو متداول في كل مكان؛ مما يكشف عن العقلية المتناقضة والتعسفية للرقابة، خصوصا وأنه حتى هذه اللحظة لا يوجد قرار مكتوب يحدد أو يوضح سبب المنع". مؤكدا أن: "هناك اتجاه لمقاضاة الرقابة من قبل منظمات حرية التعبير بسبب هذا الموضوع قريبا".