تنتظر أمل عباس ذات العباءة السوداء المزركشة بزهور صفراء وحمراء دورها، لتودع أموالا في فرع لبنك البركة مصر، وهو أحد بنكين إسلاميين في البلاد. وبالرغم من أن مصر تعتبر أن التمويل الإسلامي -الذي يحرم الفائدة والمضاربة- تراجع نموه، بسبب فضائح فساد في الماضي، فيما سعى نظام الحكم السابق إلى تطبيق نظام مالي أكثر علمانية. لكن بعد أن أطاحت الثورة بالرئيس السابق حسني مبارك وحكومته يقبل مسلمون مثل أمل عباس على المصارف الإسلامية، وهو الأمر الذي يزيد من احتمالات أن تتحول مصر إلى مركز مزدهر آخر للتمويل الإسلامي. وقالت أمل عباس، وهي مديرة مركز أبحاث في فرع بنك البركة مصر في حي المهندسين، تبلغ من العمر 50 عاما: "أفضل التمويل الإسلامي. يحميني من الربا، وأشعر أن أموالي فيها بركة، يتعامل زوجي مع البنوك العادية منذ أكثر من 30 عاما، وفشلت كل مشروعاته، لأن تمويلها جاء من مال عديم البركة". ووفقا لتقرير أصدرته شركة ماكينزي للاستشارات عام 2009 لا تمثل الأنشطة المصرفية الإسلامية سوى 3 إلى 4% من قطاع البنوك في مصر الذي يبلغ حجمه 193 مليون دولار. ويقارن هذا مع نسبة 46% في دولة الإمارات العربية المتحدة. يقول إبراهيم وردة، الأستاذ المساعد في كلية فليتشر للدبلوماسية في جامعة توفتس: "في عهد ما بعد مبارك ستصطدم الحاجة الملحة لإعادة البناء وتغيير الأمور مع نقص الموارد والأموال". ومن المرجح أن يمثل هذا فرصة لبيوت التمويل الإسلامي في منطقة الخليج التي تعد حاليا المركز العالمي لهذه الصناعة، يضيف وردة: "ستتطلع مصر إلى الخليج بحثا عن الأموال، وسيتعين عليها أن تعرض خيارات إسلامية لزيادة حجم الاستثمارات". ويملك مصرف أبو ظبي الإسلامي بالفعل البنك الوطني للتنمية، ومقره القاهرة، والذي تحول إلى بنك إسلامي بالكامل. أما بنك البركة مصر فهو وحدة لبنك البركة البحريني. التمويل الإسلامي والجماعات الإسلامية ومن المتوقع أن تظهر إدارة جديدة بعد عهد مبارك تهتم اهتماما أكبر بالتمويل الإسلامي، بالرغم من المخاوف من أن تقدم صناعة تمويل إسلامي متنامية دعما سياسيا لجماعات المعارضة الإسلامية في البلد الذي يقطنه 80 مليون نسمة. ويرى هامايون دار، المدير التنفيذي لبي.إم.بي للاستشارات الإسلامية، أن مصر ستحتاج إلى تبني الأنشطة المصرفية الإسلامية كأداة لاسترضاء الجماعات الإسلامية النشطة سياسيا، أو ستواجه وابلا من الانتقادات، لالتزامها بموقف النظام السابق المناوئ لهذه الصناعة، مضيفا: "مصر بلد ذو حساسية دينية. هناك عدة عائلات ومدخرون صغار قد لا يرغبون في استخدام النظام التقليدي. إذا ما كان هناك تحرك صوب أنشطة بنكية بدون فائدة فسيجذب هذا ودائع".