معيار أساسى آخر لتقييم الأحزاب السياسية هو المبادئ التنظيمية التى يستند إليها بناء الحزب المعنى، وتتشكل وفقا لها آليات العمل داخله. هنا تبرز مجموعة من المبادئ التى ينبغى على المواطنين، قبل الانضمام للحزب كأعضاء أو تقرير دعمه انتخابيا، التثبت من حضورها وتفعيلها. 1 عضوية متاحة لكل المواطنات والمواطنين فالأحزاب العاملة فى المجتمعات الديمقراطية أو الراغبة فى الإسهام فى التحول الديمقراطى لا تقصر عضويتها على فئات اجتماعية أو مهنية أو مناطقية أو دينية بعينها، بل تتيحها على أساس مواطنة الحقوق المتساوية لجميع المهتمين بالانضمام إليها. يعنى هذا أن من غير المقبول مجتمعيا وسياسيا، وكما يمنع بالفعل قانون الأحزاب الجديد، أن نكون أمام أحزاب عضويتها حكر على أصحاب الأعمال فقط أو موظفى الدولة أو أساتذة الجامعة أو بدو سيناء أو أهل الصعيد أو المواطنين صاحبى الانتماء الدينى الواحد. فالحزب ليس كجماعة ضغط لأصحاب الأعمال أو كنقابة عمالية أو كمنظمة خدمية فى منطقة جغرافية بعينها أو كجماعة دعوية، لهم جميعا أن يقصروا عضويتهم على فئات بعينها. بالقطع يمكن للحزب أن يتبنى مطالب ومصالح فئات محددة ويدافع عنها ومن ثم يجتذبهم لعضويته أكثر من فئات أخرى، إلا أن عليه قبل هذا أن يبتغى تحقيق الصالح العام، وفقا لبرنامج واضح المعالم وأدوات عمل انتخابى وسياسى متماسكة وهو ما يقتضى ألا تقصر عضوية الحزب على فئات دون غيرها. 2 الديمقراطية الداخلية وهى تعنى من جهة أن المستويات المختلفة للبناء الحزبى ومناصبها السياسية، من أمانات عامة ومتخصصة ومكاتب سياسية وتشكيلات محلية ووطنية (وعلى اختلاف المسميات) تخضع للانتخاب الكامل والدورى من أعضاء الحزب، وفقا لقاعدة صوت لكل عضو ودون تمييز بينهم فيما يخص الحق فى الترشح لجميع المستويات. كما تعنى، من جهة ثانية، أن شاغلى المناصب داخل المستويات المختلفة يخضعون فى عملهم وعلى نحو مؤسسى للرقابة وللمساءلة والمحاسبة من قبل بقية الأعضاء. ولا يستثنى من قاعدتى الانتخاب والمساءلة إلا بيروقراطية الحزب أى مكاتب تسيير العمل التنفيذى واليومى، وتلك تشغل مناصبها بالتعيين مع التزام بقواعد النزاهة والشفافية. من جهة ثالثة، تعنى الديمقراطية الداخلية أن آليات صناعة واتخاذ القرارات داخل الحزب، من تحديد أهداف الحزب مرورا بصياغة برنامجه إلى اختيار مرشحيه فى الانتخابات، تستند إما إلى الإجماع أو التوافق أو التعبير الحر عن إرادة أغلبية الأعضاء فى تصويت يجرى وفقا لقاعدة صوت لكل عضو. 3 ضوابط التمويل العام والخاص يحتاج كل حزب سياسى لتمويل للقيام بدوره فى اجتذاب أعضاء والمنافسة بمرشحيه فى الانتخابات وبناء تنظيم متماسك ملتزم بالديمقراطية الداخلية. فى الكثير من المجتمعات الديمقراطية تقدم الدولة تمويلا عاما للأحزاب تتفاوت حدوده بالأساس، وفقا لعدد الأعضاء المسجلين وعدد مقاعد الحزب فى المجالس التشريعية المنتخبة، كما قد تعطى تمويلا لحملات الأحزاب الانتخابية. ويحمى التمويل العام حال توافره الأحزاب من أن تخضع للنفوذ المباشر لممولين أو متبرعين أفراد قد يستهدفون بتمويلهم الصالح الخاص. أما حين لا يتوافر التمويل العام أو يقصر على الحملات الانتخابية وتصبح الأحزاب من ثم فى احتياج مستمر للتمويل الخاص بصيغة اشتراكات الأعضاء والتبرعات العينية والمالية، فينبغى ضبط التمويل هذا وفقا للقواعد التى تحددها قوانين الأحزاب وفى ظل الالتزام بها بشفافية كاملة. ويفضل أن يجتهد الحزب المعنى، حين لا تنص القوانين، فى وضع حدود قصوى للتبرعات العينية والمالية كى لا يتحول إلى ملكية غير معلنة لعدد محدود من الأفراد وفى تشجيع تلقى الاشتراكات الدورية من الأعضاء والتبرعات الصغيرة من أكبر عدد ممكن من المواطنين.