تعليم الإسكندرية تستقبل وفد الوكالة الألمانية    وزير البترول والثروة المعدنية يشهد توقيع اتفاقية اطارية للشراكة مع القطاع الخاص المصري في مشروعات تصنيع الفوسفات    محافظ المنوفية يحيل عدداً من المختصين بالزراعة والوحدة المحلية بالبرانية وجريس للنيابة    شحاته السيد عضواً بتحالف اليونسكو للدراية الإعلامية والمعلوماتية    مساعدة المحتاجين الأبرز .. تعرف على وصية الدكتور أحمد عمر هاشم قبل وفاته    استشهاد 11 فلسطينيًا.. الجيش الإسرائيلي يشن غارات عنيفة على غزة في ذكرى 7 أكتوبر    6 أكتوبر.. أبطال الظل من "الهجان" إلى "مروان"!    الكرملين: تسليم صواريخ "توماهوك" لأوكرانيا تصعيد خطير    مع مناقشة امكانية فسخ عقده .. تعرف علي قيمة الشرط الجزائى في عقد فيريرا مدرب الزمالك    لتطوير منظومة العمل الإداري .. الزمالك يعتمد تشكيل المكتب التنفيذي الجديد بخروج أحمد سليمان ودخول محمد طارق    عقوبات الجولة العاشرة من الدوري المصري    Number 1 برنامج رياضي جديد ل محمد شبانة على CBC بدءًا من الأحد    تعرف علي 3 طرق للتقديم لحج القرعة لعام 2026    رئيس الوزراء يتفقد سير العمل بمشروع حدائق «تلال الفسطاط»    مهرجان جيلنا يكرم الفنان الراحل لطفي لبيب تقديرًا لمسيرته الفنية ويهدى ابنته درعا    حدث بالفعل .. عالم يكتشف فوزه بجائزة نوبل خلال رحلة فى البرية للتخلص من إدمان الهواتف الذكية    نائب وزير الصحة يبحث مع محافظ الغربية سبل تطوير المنظومة الصحية وتخفيف الأعباء عن المرضى بالمحافظة    مدبولي: استضافة مصر لقاءات بين حماس وإسرائيل دليل على قوتنا الإقليمية    هل نستقبل شتاء لم نشهده منذ 20 عاماً؟ .. الأرصاد تُجيب وتكشف حالة الطقس    4 أبراج روحهم في مناخيرهم.. العصبية جزء من شخصيتهم    قبل مغادرته.. البابا تواضروس يُدشّن كنيسة أُنشئت بأمرٍ ملكي في عهد الملك فاروق قبل أكثر من 80 عامًا    بحضور شخصيات عامة وسياسية.. أسماء زعفان تناقش رسالة الدكتوراة في طب الأطفال    لمناقشة عدد من الملفات المهمة.. بدء اجتماع الحكومة الأسبوعي برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي    سوق حضارى جديد ببنى مزار للقضاء على الأسواق العشوائية بالمنيا    كشف غموض اقتحام 3 محال تجارية في قنا    فتح باب التسجيل لقبول دفعة جديدة من الدارسين برواق العلوم الشرعية والعربية بالأزهر    وزير الرياضة يطمئن على بعثة منتخب رفع الأثقال المشاركة في بطولة العالم بالنرويج    بيان رسمي من برشلونة بشأن افتتاح ملعب كامب نو    خاص.. كيشو ممنوع من تمثيل أي دولة أخرى غير مصر حتى يناير 2028    توزيع جوائز مسابقة أفضل مقال أو دراسة نقدية حول الأفلام القصيرة جدًا بأكاديمية الفنون.. غدًا    أسماء جلال من كواليس «فيها إيه يعني؟»: «كل واحد يخليه في حاله»    «وهم».. عرض جديد يضيء خشبة المعهد العالي للفنون المسرحية    «بصلي وبصوم وبسرق وعاوزة أكفر عن ذنبي».. أمين الفتوى يجيب    رمضان عبد المعز: الإيمان بأقدار الله يُريح الروح ويُهدي القلب    ما حكم سب الدين عند الغضب؟.. أمين الفتوى يُجيب    محافظ الغربية يفتتح الملعب القانوني الجديد بنادي السنطة بتكلفة 797 ألف جنيه    مجلس جامعة حلوان يستهل جلسته بالوقوف دقيقة حداد على روح رئيس الجامعة الأسبق    تُدشّن مبادرة الكشف المبكر عن أمراض سوء التغذية لطلاب المدارس بالمنوفية..صور    «فوائد بالجملة».. ماذا يحدث لجسمك عند تناول كوب من الشاي الأخضر في الصباح؟    وزير الخارجية يلتقي رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري    بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم: أحمد عمر هاشم خدم كتاب الله وساند المسابقة    "المستشار هشام قطب" يدعو لتفعيل نظام المساعدة القانونية لغير القادرين ماليًا    هشام عطوة يهنئ المخرج خالد جلال بتجديد تكليفه رئيسًا لقطاع المسرح    بسبب معاكسة فتاة.. إصابة شخصين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء في أوسيم    سكرتير عام المنيا يتابع معدلات تنفيذ المشروعات التنموية    مدبولي يوجه بتوفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الكبرى    اليونيسيف: أطفال غزة يعيشون رعبا ينبغي ألا يواجهه أي طفل    قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 2691 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 7 اكتوبر 2025 فى المنيا    كيروش: مواجهة قطر صعبة.. ونطمح للانتصار في بداية مشوار التأهل    الأهلي يحيل ملف ثلاثي الفريق إلى لجنة التخطيط لحسم مصيرهم    محافظ بورسعيد للطلاب: عليكم بالتمسك بالأخلاق الحميدة التي يرسخها الأزهر الشريف    أغلقوا المدرسة قبل موعدها، تحويل العاملين بابتدائية قومبانية لوقين بالبحيرة للتحقيق    وكيل صحة بني سويف يشيد بدور التمريض: العمود الفقري للمنظومة الصحية    ضبط 99 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 5 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    وزير الخارجية: نثق في قدرة الرئيس ترامب على تنفيذ خطة غزة    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسلحة الذرية.. ما بين الطلاسم والابتزاز
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 05 - 2009

إذا جاء ذكر معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، تهز الغالبية رءوسها أسفا لأن هذا الموضوع خاص بالكبار فقط ممن يتحكمون فى إنتاج الأسلحة النووية ولا حاجة لنا إطلاقا لأن نشغل أنفسنا بهذا الموضوع.
صحيح أنه إلى جانب الدول الخمس المالكة للأسلحة النووية، الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، هناك بعض الدول التى ضربت عرض الحائط بالمعاهدة، وأفلتت من هذا الحظر وأصبحت أيضا أعضاء فى النادى الذرى؛ مثل إسرائيل فى المقام الأول التى تلقت مساعدات غربية هائلة، ثم الهند التى كافأتها الولايات المتحدة لتحديها معاهدة الحظر لكى تكون ندا للصين، ثم باكستان التى فعلت المستحيل لكى تمتلك التكنولوجيا النووية حتى لا تكون أقل من جارتها وعدوتها اللدودة الهند. إلا أن كل هذه الدول مجتمعة تريد أن يظل النادى النووى حكرا عليها ولا يدخل فيه أحد آخر، حتى إيران التى تقول لهم: «ولماذا ليس أنا؟» وتغلف ذلك بأنها لا تسعى إلى إنتاج قنابل نووية ولكن لامتلاك تكنولوجيا استخدامها فى الأغراض السلمية مثل إنتاج الكهرباء.
وحتى هذه الدول لا تريد أن تسمح لبقية العالم الدخول فى ميدان استخدام الذرة فى توليد الطاقة، وهو أمر تسمح به اتفاقية الحظر نفسها، ولذلك تضع كل العراقيل أمام بناء المفاعلات النووية فى دول العالم الثالث بصفة خاصة. وأنشأت ما يسمى بتكتل الموردين الذين يتحكمون فى توريد الوقود النووى اللازم لتشغيل المفاعلات الجديدة، أو حتى منع بناء المفاعلات نفسها. تختلف هذه الدول عن بعضها البعض بدرجات متفاوتة حيث إن صناعة بناء المفاعلات تؤدى إلى أرباح هائلة.
منذ أيام نسمع عن الاجتماعات التحضيرية التى تعقد فى نيويورك بين الأعضاء فى معاهدة الانتشار النووى، وتحضرها أيضا عدد من المنظمات غير الحكومية. وتشارك مصر باعتبارها عضوا فى المعاهدة إلى جانب دول أخرى مثل الولايات المتحدة والدول الغربية وإيران، التى تسلط الأضواء على نشاطها النووى وتزمع إدارة أوباما إجراء مباحثات معها وتهدد إسرائيل بقصف منشآتها النووية. الغرض من هذه الاجتماعات هو التحضير لجدول أعمال مؤتمر مراجعة المعاهدة الذى سيعقد العام المقبل 2010، وهو موضوع يعتقد الكثيرون أنه معقد للغاية.
ببساطة نشرح المبادئ الأساسية للمناقشات الحالية وهى: استعراض عمل المعاهدة وهل نجحت فى تحقيق أى من أهدافها أم لا ولماذا؟ مناقشة المبادئ والأهداف التى تؤدى إلى تحقيق وتنفيذ المعاهدة حيث تشتكى الكثير من الدول أنها لا تطبق على الجميع وهناك استثناءات عديدة تؤدى إلى مكافأة المخالفين بدلا من معاقبتهم بل ومعاقبة المنضمين بدلا من مكافأتهم.
المناقشات كذلك ستبحث إنشاء سكرتارية دائمة للمعاهدة وإنشاء آلية لنزع السلاح النووى وهو موضوع قديم وأصبح من الممل تكراره ولو أن الرئيس أوباما أحيا بعض الأمل فى إمكانية السعى إلى إنشاء عالم خال من الأسلحة الذرية وذلك فى الخطاب الذى ألقاه فى براج الشهر الماضى.
ولنستعرض معا ما هى معاهدة حظر الانتشار النووى تلك التى كثر الحديث عنها وفقدت مصداقيتها بين شعوب العالم الثالث. أساسا هذه الاتفاقية وقعت فى الأول من مايو 1968 ودخلت بعد مفاوضات طويلة حيز التنفيذ فى 5 مارس 1970. أتذكر جيدا خلال عملى بوزارة الخارجية أن الاتحاد السوفييتى تعهد بدفع أو «إقناع» الدول الصديقة له بالانضمام للاتفاقية، وتعهدت الولايات المتحدة بنفس الشىء مع «أصدقائها» و«حلفائها». بالطبع اتصل الاتحاد السوفييتى بمصر، وأعلن الرئيس عبدالناصر فى خطاب عام انضمام مصر للاتفاقية دون أن نضع أى شروط حول انضمام الدول الأخرى فى المنطقة إليها، خصوصا إسرائيل، بعد أن وصل إلى علم مصر التحضيرات الإسرائيلية لصناعة أسلحة ذرية بمساعدة فرنسا وسكوت واشنطن على ذلك. افترضت القاهرة وكان افتراضا خاطئا أن واشنطن ستضغط على إسرائيل وهى التى وعدت أيضا عند تصديق مصر على الاتفاقية عام 1982 بأنها ستدفع إسرائيل عاجلا إلى الانضمام إليها، وهو ما لم يحدث.
هدف المعاهدة الرئيسى هو منع انتشار الأسلحة الذرية والسعى إلى نزع سلاح نووى شامل لكل العالم وهو بالطبع هدف لم يتحقق ولا تريد الدول النووية تحقيقه. وتعتمد المعاهدة على ثلاثة محاور أساسية هى:
منع الانتشار نزع السلاح النووى الاستخدام السلمى للطاقة النووية. وكان هناك منذ اللحظة الأولى تفرقه بين الدول المنضمة للمعاهدة إلى فئتان:
الأولى: الدول النووية الذين حددتهم الاتفاقية بأنهم خمس دول هى الولايات المتحدة وروسيا (خليفة الاتحاد السوفييتى) وبريطانيا وفرنسا والصين، أى الدول التى أجرت تجارب نووية عسكرية قبل يناير 1969.
الثانية: الدول غير النووية وتحددهم الاتفاقية بأنها الدول التى لم تجر أى تجارب نووية فى الماضى أو تلك التى أعلنت تخيلها عن برنامجها النووى.
وتقضى المعاهدة بعقد مؤتمر مراجعة كل خمس سنوات. وتمهيدا لذلك عقدت ثلاث اجتماعات تحضيرية قبل المؤتمر الشامل الذى سيعقد فى العام المقبل من أجل تقدير مدى ما تم تنفيذه فى كل مادة من مواد المعاهدة على حدة، وكذلك إجراء مناقشات ومباحثات بين الدول المنضمة للمعاهدة لتسهيل عقد مؤتمر المراجعة المشار إليه أو الاتفاق على توصيات فى هذا الصدد. ولذلك فإن دورة اجتماعات نيويورك الحالية مهمة حيث إنها الأخيرة قبل مؤتمر العام المقبل.
وسأتعرض هنا بإيجاز إلى أفريقيا والمعاهدة وهو موضوع لا يبحث جيدا. بالطبع سيقول الكثيرون إن أفريقيا أبعد ما تكون عن إمكانية أو احتمال الحصول أو تجربة تكنولوجيا نووية عسكرية. وهذا غير صحيح، إذ كان هناك تعاون وثيق بين النظام العنصرى فى جنوب أفريقيا وإسرائيل فى الماضى فى ميدان الأسلحة النووية، وتم ذلك سرا بعلم الولايات المتحدة، التى تظهر وثائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التى أفرج عنها مراقبتها اللصيقة لتطورات هذا التعاون، بل وتم إجراء تجربة نووية عسكرية إسرائيلية جنوب أفريقية مشتركة فى السبعينيات من القرن الماضى. وكان ذلك قبل انتهاء نظام الفصل العنصرى. وكان من اشتراطات الغرب للتحول إلى الأغلبية السوداء فى نظام الحكم هو تخلى النظام الجديد عن كل البرنامج النووى لجنوب أفريقيا. وهو ما فعلته حكومة بريتوريا، ولو أننى أعتقد أن لدى حكومة جنوب أفريقيا المعرفة التكنولوجية لاستئناف هذا البرنامج لو أرادت، وهو ما تنفيه بشده بعد أن فكك برنامجها عام 1990. ويلاحظ هنا أن الذى قام بالإجراء هى حكومة الفصل العنصرى، حتى لا يكون هناك مجال أمام حكومة الغالبية السوداء لبحث الأمر. الدولتان الأخرتان فى أفريقيا هما مصر وليبيا، والأخيرة تخلت طواعية عن برنامج للأبحاث النووية دفعت فيه أموالا طائلة لا داعى لها بحجة أنه لا طائل من ورائه، وسلمت كل المعدات والأجهزة إلى الولايات المتحدة وليس إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
كل الدول الأفريقية وقعت على المعاهدة بما يعكس التزاما من جانبها بالأسس الثلاثة لها. وقد أبدت الدول الأفريقية معارضتها للأسلحة النووية فى القارة أو تجربتها فى الأراضى الأفريقية منذ إدانتها للتجارب النووية الفرنسية فى صحراء الجزائر عام 1960 فى بداية الستينيات من القرن الماضى (قبل استقلال الجزائر) وكذلك فى التوقيع على اتفاقية أفريقية لجعل أفريقيا منطقة خالية من الأسلحة النووية والتى لم تدخل حيز التنفيذ بعد. فمصر وقعت على الاتفاقية ولكن لم تصدق عليها حتى الآن.
وتنص هذه الاتفاقية على تعهد الدول الأفريقية بعدم صناعة أو الحصول على أسلحة نووية مع التأكيد على تسهيل استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية. الاتفاقية تتضمن ملحقا إضافيا يطالب الدول النووية خاصة الخمس بالتوقيع والتصديق على هذا البروتوكول واحترام وضع أفريقيا كمنطقة خالية من الأسلحة النووية، خاصة أن الولايات المتحدة تحتفظ فى جزر «ديجو جارسيا» الأفريقية التى كانت قد استولت عليها بريطانيا من دولة موريشيوس الأفريقية وسلمتها أو «أجرتها» للولايات المتحدة التى أقامت فيها قاعدة من أكبر القواعد الأمريكية فى العالم بها فيها من أسلحة ذرية.
ويرأس أفريقى من زيمبابوى هو السفير «تشيد باسيكو» اجتماعات نيويورك الحالية، وقد تم انتخابه بموافقة جميع الأعضاء، وهو موضوع مهم خاصة أنه سيرأس أيضا اللجنة العامة الرئيسية فى المؤتمر الشامل القادم عام 2010. وبعض الدول الأفريقية خاصة مصر وجنوب أفريقيا تشارك بنشاط كبير فى أعمال اللجنة التحضيرية.
أما إسرائيل فهى كما يقال على رأسها ريشه!! أى أنها الدول الوحيدة المستثناة، التى لا يتم التعرض إليها، فى حين أن كل التركيز حاليا على إيران التى تنفى كل يوم أنها لا تسعى لإنتاج أى أسلحة ذرية، ولكنها لن تتنازل عن حقها فى الاستخدام السلمى للطاقة الذرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.