جامعة المنصورة تُنظِّم الملتقى الأول لكليات التربية بإقليم الدلتا    تنظيم الاتصالات: تأثر بعض الخدمات نتيجة حريق سنترال رمسيس    برنامج الأغذية العالمي: واحد من كل 3 أشخاص في غزة لا يحصل على الطعام لعدة أيام    الزمالك يترقب قيمة صفقة انتقال ياسين مرعي للأهلي    إسبانيا تكتسح بلجيكا بسداسية في يورو 2025 للسيدات    الزمالك يخوض ودية يوم الجمعة أمام اورانج    النائب أيمن أبو العلا عن نظام البكالوريا: نؤيد التغيير بشرط جاهزية الحكومة لوجستيا وبشريا    وزير الثقافة يصل معهد الموسيقى العربية ويؤكد سلامته والعاملين به بعد حريق سنترال رمسيس    نجوم ريكوردز تحتفل بنجاح ألبوم رامي جمال محسبتهاش (صور)    أطعمة قدميها لأسرتك لحمايتهم من الجفاف في الصيف    حريق سنترال رمسيس.. الصحة تخصص أرقاما بديلة للرعاية العاجلة والإسعاف بالمحافظات    رسميًا.. برشلونة يجدد عقد تشيزني لمدة موسمين    الأهلي يكشف قراره بشأن رحيل إمام عاشور    إعلام عبري: عسكريون من الاحتياط يطعنون بقانونية عربات جدعون بغزة    ماركا تحسم الجدل: ميسي لا يخطط للرحيل عن إنتر ميامي هذا الصيف    الأرصاد تفسر ظاهرة أمطار الصيف وتنبه لاحتمالية تكرارها    مدارس البترول 2025.. الشروط والأوراق المطلوبة للتقديم    انطلاق مهرجان جرش 23 يوليو بمشاركة كبيرة لنجوم الغناء    شكلها اتجوزت طارق.. دنيا جمعة تتصدر تريند التواصل الاجتماعي    عطل يضرب ماكينات الصراف الآلي ATM وPOS    مسؤول ب«الأمومة والطفولة»: نزع الطفل من أسرته لحمايته والردع مستمر فى مواجهة العنف الأسر    موعد افتتاح حديقة الحيوان بالجيزة بعد التطوير الشامل.. لا تفوت أول زيارة    بقيمة 5 مليارات جنيه.. «المركزي» يطرح سندات خزانة بفائدة تصل ل23.71%    أول سيدة تتقدم للترشح على مقعد الشيوخ بالفيوم في ثالث أيام فتح باب التقديم    لماذا نحتفل باليوم العالمي للشوكولاتة في 7 يوليو؟    محافظ الوادي الجديد يُصدِر قرارًا بتكليف رؤساء مركزي الداخلة والفرافرة    برلمانى: توجه مصر نحو «بريكس» يعكس رؤيتها لمستقبل عالمي    إلغاء رحلات جوية في بالي بسبب ثوران بركان لووتوبي لاكي-لاكي    الثانية منذ توليه منصبه.. أحمد الشرع يزور الإمارات    فتح باب التقديم غدًا.. شروط المدارس الثانوية الفنية للتمريض بعد الإعدادية 2025- 2026    البورصة المصرية تختتم بتباين وربح مليار جنيه    مدبولي: مصر أولت اهتمامًا كبيرًا لتطوير نظام الرعاية الصحية والخدمات الطبية    وزير الصناعة يستعرض مع مُصنعي السيارات تعديلات واشتراطات برنامج الحوافز الجديدة    إعلامية شهيرة توجه رسالة ل أحمد السقا: «راجل جدع ومحبوب ومحترم»    بأمسيات شعرية وعروض فنية.. ثقافة الدقهلية تواصل الاحتفال بذكرى ثورة 30 يونيو    تعليم الوادي الجديد تعتمد جدول امتحانات الدور الثاني للصف السادس الابتدائي    مجلس أمناء كليات جامعة قناة السويس يبحث تطوير الأداء الإداري والتحول الرقمي    الزمالك يرسل عقود شيكو بانزا لنادي استريا أمادورا البرتغالي للتوقيع النهائي    وزير البترول يتفقد بئر "بيجونا-2" بالدقهلية تمهيدًا لحفر 11 بئرًا جديدًا للغاز    دنيا ماهر: أجمل مرحلة في حياتي هي بعد ما وصلت لسن الأربعين    للفوز بحب أصعب الأبراج.. 3 نصائح لجذب انتباه وإبهار برج الدلو    وفقا للحسابات الفلكية.. تعرف على موعد المولد النبوي الشريف    سوريا تواصل مكافحة حريق ريف اللاذقية الشمالي    7 ميداليات.. حصيلة الفراعنة ببطولة إفريقيا للريشة الطائرة في غانا    "جبالي": الحكومة تسحب مشروع قانون تنظيم المراكز الطبية المتخصصة    نجاح إجراء جراحة معقدة لإصلاح تشوه نادر بالعمود الفقري لطفلة 12عاما بزايد التخصصي    5 أطعمة تقلل نسبة الأملاح في الجسم.. احرص على تناولها    انطلاق النشاط الصيفي الرياضي لاكتشاف المواهب وتنمية المهارات ب جامعة أسيوط    من 3 إلى 13 يوليو 2025 |مصر ضيف شرف معرض فنزويلا للكتاب    المبعوث الأمريكي توماس باراك: ترامب التزم باحترام لبنان وتعهد بالوقوف خلفه    ضبط موظفين بحوزتهما كميات كبيرة من "الشابو" بأسيوط خلال حملة أمنية موسعة    ضبط 3 أشخاص بالقاهرة لقيامهم بأعمال الحفر والتنقيب غير المشروع عن الآثار    بعد قليل .. مجلس النواب يناقش قانون الرياضة ..و"جبالي" يطالب كافة الأعضاء بالحضور    السكة الحديد: تشغيل حركة القطارات اتجاه القاهرة- الإسكندرية في الاتجاهين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الفساد صناعة ?!    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسلحة الذرية.. ما بين الطلاسم والابتزاز
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 05 - 2009

إذا جاء ذكر معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، تهز الغالبية رءوسها أسفا لأن هذا الموضوع خاص بالكبار فقط ممن يتحكمون فى إنتاج الأسلحة النووية ولا حاجة لنا إطلاقا لأن نشغل أنفسنا بهذا الموضوع.
صحيح أنه إلى جانب الدول الخمس المالكة للأسلحة النووية، الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، هناك بعض الدول التى ضربت عرض الحائط بالمعاهدة، وأفلتت من هذا الحظر وأصبحت أيضا أعضاء فى النادى الذرى؛ مثل إسرائيل فى المقام الأول التى تلقت مساعدات غربية هائلة، ثم الهند التى كافأتها الولايات المتحدة لتحديها معاهدة الحظر لكى تكون ندا للصين، ثم باكستان التى فعلت المستحيل لكى تمتلك التكنولوجيا النووية حتى لا تكون أقل من جارتها وعدوتها اللدودة الهند. إلا أن كل هذه الدول مجتمعة تريد أن يظل النادى النووى حكرا عليها ولا يدخل فيه أحد آخر، حتى إيران التى تقول لهم: «ولماذا ليس أنا؟» وتغلف ذلك بأنها لا تسعى إلى إنتاج قنابل نووية ولكن لامتلاك تكنولوجيا استخدامها فى الأغراض السلمية مثل إنتاج الكهرباء.
وحتى هذه الدول لا تريد أن تسمح لبقية العالم الدخول فى ميدان استخدام الذرة فى توليد الطاقة، وهو أمر تسمح به اتفاقية الحظر نفسها، ولذلك تضع كل العراقيل أمام بناء المفاعلات النووية فى دول العالم الثالث بصفة خاصة. وأنشأت ما يسمى بتكتل الموردين الذين يتحكمون فى توريد الوقود النووى اللازم لتشغيل المفاعلات الجديدة، أو حتى منع بناء المفاعلات نفسها. تختلف هذه الدول عن بعضها البعض بدرجات متفاوتة حيث إن صناعة بناء المفاعلات تؤدى إلى أرباح هائلة.
منذ أيام نسمع عن الاجتماعات التحضيرية التى تعقد فى نيويورك بين الأعضاء فى معاهدة الانتشار النووى، وتحضرها أيضا عدد من المنظمات غير الحكومية. وتشارك مصر باعتبارها عضوا فى المعاهدة إلى جانب دول أخرى مثل الولايات المتحدة والدول الغربية وإيران، التى تسلط الأضواء على نشاطها النووى وتزمع إدارة أوباما إجراء مباحثات معها وتهدد إسرائيل بقصف منشآتها النووية. الغرض من هذه الاجتماعات هو التحضير لجدول أعمال مؤتمر مراجعة المعاهدة الذى سيعقد العام المقبل 2010، وهو موضوع يعتقد الكثيرون أنه معقد للغاية.
ببساطة نشرح المبادئ الأساسية للمناقشات الحالية وهى: استعراض عمل المعاهدة وهل نجحت فى تحقيق أى من أهدافها أم لا ولماذا؟ مناقشة المبادئ والأهداف التى تؤدى إلى تحقيق وتنفيذ المعاهدة حيث تشتكى الكثير من الدول أنها لا تطبق على الجميع وهناك استثناءات عديدة تؤدى إلى مكافأة المخالفين بدلا من معاقبتهم بل ومعاقبة المنضمين بدلا من مكافأتهم.
المناقشات كذلك ستبحث إنشاء سكرتارية دائمة للمعاهدة وإنشاء آلية لنزع السلاح النووى وهو موضوع قديم وأصبح من الممل تكراره ولو أن الرئيس أوباما أحيا بعض الأمل فى إمكانية السعى إلى إنشاء عالم خال من الأسلحة الذرية وذلك فى الخطاب الذى ألقاه فى براج الشهر الماضى.
ولنستعرض معا ما هى معاهدة حظر الانتشار النووى تلك التى كثر الحديث عنها وفقدت مصداقيتها بين شعوب العالم الثالث. أساسا هذه الاتفاقية وقعت فى الأول من مايو 1968 ودخلت بعد مفاوضات طويلة حيز التنفيذ فى 5 مارس 1970. أتذكر جيدا خلال عملى بوزارة الخارجية أن الاتحاد السوفييتى تعهد بدفع أو «إقناع» الدول الصديقة له بالانضمام للاتفاقية، وتعهدت الولايات المتحدة بنفس الشىء مع «أصدقائها» و«حلفائها». بالطبع اتصل الاتحاد السوفييتى بمصر، وأعلن الرئيس عبدالناصر فى خطاب عام انضمام مصر للاتفاقية دون أن نضع أى شروط حول انضمام الدول الأخرى فى المنطقة إليها، خصوصا إسرائيل، بعد أن وصل إلى علم مصر التحضيرات الإسرائيلية لصناعة أسلحة ذرية بمساعدة فرنسا وسكوت واشنطن على ذلك. افترضت القاهرة وكان افتراضا خاطئا أن واشنطن ستضغط على إسرائيل وهى التى وعدت أيضا عند تصديق مصر على الاتفاقية عام 1982 بأنها ستدفع إسرائيل عاجلا إلى الانضمام إليها، وهو ما لم يحدث.
هدف المعاهدة الرئيسى هو منع انتشار الأسلحة الذرية والسعى إلى نزع سلاح نووى شامل لكل العالم وهو بالطبع هدف لم يتحقق ولا تريد الدول النووية تحقيقه. وتعتمد المعاهدة على ثلاثة محاور أساسية هى:
منع الانتشار نزع السلاح النووى الاستخدام السلمى للطاقة النووية. وكان هناك منذ اللحظة الأولى تفرقه بين الدول المنضمة للمعاهدة إلى فئتان:
الأولى: الدول النووية الذين حددتهم الاتفاقية بأنهم خمس دول هى الولايات المتحدة وروسيا (خليفة الاتحاد السوفييتى) وبريطانيا وفرنسا والصين، أى الدول التى أجرت تجارب نووية عسكرية قبل يناير 1969.
الثانية: الدول غير النووية وتحددهم الاتفاقية بأنها الدول التى لم تجر أى تجارب نووية فى الماضى أو تلك التى أعلنت تخيلها عن برنامجها النووى.
وتقضى المعاهدة بعقد مؤتمر مراجعة كل خمس سنوات. وتمهيدا لذلك عقدت ثلاث اجتماعات تحضيرية قبل المؤتمر الشامل الذى سيعقد فى العام المقبل من أجل تقدير مدى ما تم تنفيذه فى كل مادة من مواد المعاهدة على حدة، وكذلك إجراء مناقشات ومباحثات بين الدول المنضمة للمعاهدة لتسهيل عقد مؤتمر المراجعة المشار إليه أو الاتفاق على توصيات فى هذا الصدد. ولذلك فإن دورة اجتماعات نيويورك الحالية مهمة حيث إنها الأخيرة قبل مؤتمر العام المقبل.
وسأتعرض هنا بإيجاز إلى أفريقيا والمعاهدة وهو موضوع لا يبحث جيدا. بالطبع سيقول الكثيرون إن أفريقيا أبعد ما تكون عن إمكانية أو احتمال الحصول أو تجربة تكنولوجيا نووية عسكرية. وهذا غير صحيح، إذ كان هناك تعاون وثيق بين النظام العنصرى فى جنوب أفريقيا وإسرائيل فى الماضى فى ميدان الأسلحة النووية، وتم ذلك سرا بعلم الولايات المتحدة، التى تظهر وثائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التى أفرج عنها مراقبتها اللصيقة لتطورات هذا التعاون، بل وتم إجراء تجربة نووية عسكرية إسرائيلية جنوب أفريقية مشتركة فى السبعينيات من القرن الماضى. وكان ذلك قبل انتهاء نظام الفصل العنصرى. وكان من اشتراطات الغرب للتحول إلى الأغلبية السوداء فى نظام الحكم هو تخلى النظام الجديد عن كل البرنامج النووى لجنوب أفريقيا. وهو ما فعلته حكومة بريتوريا، ولو أننى أعتقد أن لدى حكومة جنوب أفريقيا المعرفة التكنولوجية لاستئناف هذا البرنامج لو أرادت، وهو ما تنفيه بشده بعد أن فكك برنامجها عام 1990. ويلاحظ هنا أن الذى قام بالإجراء هى حكومة الفصل العنصرى، حتى لا يكون هناك مجال أمام حكومة الغالبية السوداء لبحث الأمر. الدولتان الأخرتان فى أفريقيا هما مصر وليبيا، والأخيرة تخلت طواعية عن برنامج للأبحاث النووية دفعت فيه أموالا طائلة لا داعى لها بحجة أنه لا طائل من ورائه، وسلمت كل المعدات والأجهزة إلى الولايات المتحدة وليس إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
كل الدول الأفريقية وقعت على المعاهدة بما يعكس التزاما من جانبها بالأسس الثلاثة لها. وقد أبدت الدول الأفريقية معارضتها للأسلحة النووية فى القارة أو تجربتها فى الأراضى الأفريقية منذ إدانتها للتجارب النووية الفرنسية فى صحراء الجزائر عام 1960 فى بداية الستينيات من القرن الماضى (قبل استقلال الجزائر) وكذلك فى التوقيع على اتفاقية أفريقية لجعل أفريقيا منطقة خالية من الأسلحة النووية والتى لم تدخل حيز التنفيذ بعد. فمصر وقعت على الاتفاقية ولكن لم تصدق عليها حتى الآن.
وتنص هذه الاتفاقية على تعهد الدول الأفريقية بعدم صناعة أو الحصول على أسلحة نووية مع التأكيد على تسهيل استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية. الاتفاقية تتضمن ملحقا إضافيا يطالب الدول النووية خاصة الخمس بالتوقيع والتصديق على هذا البروتوكول واحترام وضع أفريقيا كمنطقة خالية من الأسلحة النووية، خاصة أن الولايات المتحدة تحتفظ فى جزر «ديجو جارسيا» الأفريقية التى كانت قد استولت عليها بريطانيا من دولة موريشيوس الأفريقية وسلمتها أو «أجرتها» للولايات المتحدة التى أقامت فيها قاعدة من أكبر القواعد الأمريكية فى العالم بها فيها من أسلحة ذرية.
ويرأس أفريقى من زيمبابوى هو السفير «تشيد باسيكو» اجتماعات نيويورك الحالية، وقد تم انتخابه بموافقة جميع الأعضاء، وهو موضوع مهم خاصة أنه سيرأس أيضا اللجنة العامة الرئيسية فى المؤتمر الشامل القادم عام 2010. وبعض الدول الأفريقية خاصة مصر وجنوب أفريقيا تشارك بنشاط كبير فى أعمال اللجنة التحضيرية.
أما إسرائيل فهى كما يقال على رأسها ريشه!! أى أنها الدول الوحيدة المستثناة، التى لا يتم التعرض إليها، فى حين أن كل التركيز حاليا على إيران التى تنفى كل يوم أنها لا تسعى لإنتاج أى أسلحة ذرية، ولكنها لن تتنازل عن حقها فى الاستخدام السلمى للطاقة الذرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.