دارت أمس معارك ضارية بين الثوار الليبيين وكتائب معمر القذافى الأمنية فى أكثر من مدينة بالشرق والغرب، فى حين اخذت فكرة فرض حظر جوى على ليبيا تتبلور بموافقة دول عربية، بينما منح الثوار القذافى مهلة 72 ساعة للتنحى عن الحكم مقابل عدم ملاحقته جنائيا. فميدانيا، صعدت القوات الموالية للعقيد الليبى معمر القذافى هجومها على الثوار فى كل من رأس لانوف والزاوية، مستخدمة أسلحة ثقيلة لجأت إليها للمرة الأولى منذ بدء الثورة مما تسبب بوقوع عدد كبير من الضحايا، فيما واصل الثوار زحفهم نحو بن جواد لتحريرها من المرتزقة، ومن ثم مواصلة الزحف غربا نحو مدينة سرت، مسقط رأس القذافى، ذات الأهمية الاستراتيجية والمعنوية. ففى رأس لانوف دارت اشتباكات عنيفة بين الثوار والكتائب الموالية للقذافى، ونقلت وكالات الأنباء العالمية عن شهود عيان تأكيدهم لجوء قوات القذافى للأسلحة الثقيلة، التى لا قبل لهم على مواجهتها بأسلحتهم الخفيفة. وفى مدينة الزاوية غرب طرابلس التى تتعرض منذ عدة أيام لهجوم شرس من جانب قوات القذافى، نقلت وكالة رويترز عن شهود عيان تأكيدهم أن هذه القوات عادت مساء أمس لمهاجمة المدينة بالدبابات والطائرات، وسط أنباء مرعبة عن المصير الذى آلت إليه المدينة. ووصف الشاهد للوكالة إن البلدة باتت «أنقاضا»، وإن قوات القذافى تطلق النار على كل من تراه. وانتشر قناصة فوق أسطح بنايات قريبة من ميدان الشهداء، وأكد عدد من سكان المدينة أن القناصة يطلقون النار على المدنيين، بينما تقصف الدبابات التى يقود بعضها مرتزقة مدينة الزاوية عشوائيا، وهو المصير الذى واجهته كذلك مدينة مصراتة، إضافة إلى طبرق (100 كم إلى الشرق من رأس لانوف). ومواصلا تهديدات وتحذيرات عائلته لليبيين، قال الساعدى القذافى إن القبائل ستتقاتل وتتفرق فى حالة تنحى والده عن السلطة، محذرا من أن ليبيا ستتحول إلى صومال جديد، وأن القبائل فى البلاد ستتناحر فى حرب أهلية، مضيفا أن القبائل كلها مسلحة، وهناك قوات من الجيش، والمنطقة الشرقية مسلحة، فالوضع ليس مثل تونس ومصر. إلى ذلك، قال مصطفى عبدالجليل رئيس المجلس الوطنى الانتقالى الليبى أمس إن الثوار لن يلاحقوا الزعيم الليبى معمر القذافى جنائيا اذا تنحى خلال 72 ساعة. وأضاف «إن غادر القذافى خلال 72 ساعة وتوقف القصف سوف لن نلاحقه»، مشددا على أن المهلة لن تمد. وقال عبدالجليل فى اتصال مع قناة «العربية» ان على العقيد معمر القذافى التنحى لأنه لم يعهد له مكانا فى ليبيا. وكانت الحكومة الليبية قد نفت قبل ساعات من تصريح عبدالجليل اجراء محادثات مع الثوار. ونقلت قناة العربية عن متحدث باسم وزارة الخارجية الليبية قوله إن مزاعم المجلس الوطنى الانتقالى الليبى لا تستحق الرد. من جهة أخرى تعززت خطط فرض منطقة حظر جوى فوق ليبيا ردا على القصف الجوى الذى تقوم به قوات القذافى على المناطق التى يسيطر عليها المعارضون. وتعمل بريطانيا وفرنسا على مسودة قرار للامم المتحدة بفرض منطقة حظر جوى سيناقشه وزراء دفاع حلف شمال الأطلنطى (ناتو) غدا الخميس. وفى هذا السياق، اتفق الرئيس الامريكى باراك اوباما ورئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون الثلاثاء على وضع مجموعة من الخيارات بشأن ليبيا من بينها فرض حظر جوى واجراء عمليات مراقبة والقيام بجهود اغاثة، حسب ما صرح البيت الأبيض. واستمرار فى الضغط الدولى على الرئيس الليبى، شدد الاتحاد الأوروبى مساء أمس العقوبات على نظام القذافى لتشمل صندوق ليبيا السيادى، وهو ما يضيق أكثر الخناق على هذا النظام مع انضمام مزيد من الدول إلى العقوبات. وقال دبلوماسيون إن الاتحاد الأوروبى وسع نطاق العقوبات إلى خمس مؤسسات ليبية من بينها المؤسسة الليبية للاستثمار التى يقدر مجموع أصولها بنحو 70 مليار دولار، وكذلك البنك المركزى الليبى. ومتبعة خطى دول غربية أخرى، أعلنت اليابان أمس أنها فرضت عقوبات على ليبيا تتضمن تجميد أموال القذافى وعدد آخر من الليبيين، عملا بقرار لمجلس الأمن الدولى. ولم تعرف على الفور قيمة الأموال التى شملتها العقوبات اليابانية.