المشهد: جموع و زحام و تلفونات محمولة مسلطة تصور جسدا مسجيا لا حول له ولا قوة. يعلو صوت خلا من الرحمة يتوعد كل من يقترب من الجسد الذي ايقن المتفرجون ان الروح قد فارقته. تتحرك الكاميرا لتظهر احتراق السيارة المملوكة "للجسد" و الجمهور الكريم يوثق المشهد الفريد ماذا حدث؟ نزعت الرحمة من قلوب المصريين و تمت مباركة البلطجة و التهليل للفتوة الجديد على غرار حرافيش نجيب محفوظ و اسمالله عليه اسمالله عليه!!! يا حسرة قلبي على اهلي و ناسي. خناقة مرور بين شخصن كل منهما يمثل فئة معظمها ساهمت و لا تزال تساهم في عذاب المصريين: الشرطة و سائقي الميكرورباص. العداوة متأصلة بين الفئتين. و ليزيد غلبنا و عذابنا لم يكن كافيا لكل فئة انها نتغص منفردة على حياة و عيشة المواطن، بل تعاونت الفئتان طويلا على الاثم و العدوان. فلقد تطورت العداوة عبر سنين من القهر لتصبح منظومة متناغمة لضمان تعذيب المواطن : الشرطة تتلذذ بذل السائقين و تفريغ جيوبهم في جيوبها ضامنة انتاج فئة مقهورة غاضبة: السائقين . و طبعا لازم هذه الفئة بدورها تطلع غلبها في احد. و ليس امام السائقين إلا الشارع يرتعون فيه. و لكم الله ايها الركاب و يا قائدي المركبات الاخرى. واحب ان اذكر ثانية اني لا اتكلم عن الكل لكن عن المعظم: يعني كمان سائقي المركبات الاخرى منهم الطالح و يمكن اسوأ من سائقي الميكروباص احيانا. المهم، ممارسات الشرطة مع من يسمون انفسهم ملوك الاسفلت (و خدوا بالكم من اللقب ده اللي بيفكرني بملك ملوك افريقيا الهي ينخفي البلطجي البعيد) نتج عنها شيئ مأسوي: بلطجة مجانيه لحساب النظام. كيف؟ الشرطة تبلطج على السواق من دول و تاخد منه اللي فيه النصيب، و هو يبلطج على المواطن و ياخد اللي فيه النصيب و ترجع الشرطة تاني تبلطج على السواق و هلم جرا. يعني ببساطة النظام استطاع بعبقرية لا تضارع انه بدل ما يدفع للبلطجية على غرار موقعة الجمل اياهاان يضرب عصفورين بحجر: يخللي البلطجية يرهبوا المواطنين و كمان البلطجية يدفعوا فلوس!!! يعني ما فيش بعد كدة ذكاء و لا خلق و لا ابداع و استطاع النظام تحدي كل قوانين الطاقة و استحدثت الطاقة من العدم!!! لكن ربنا بقي لا يسامح عيال الفيسبوك و يعكنن عليهم بعد الثورة وقفت الشرطة عارية. و النتيجة؟؟ كل قهرالشرطة لبلطجية الميكروباس في السنوات الماضية تركز و انصب على "الجسد المسجى" ، عفوا، ضابط المعادي انا لا اعلم التفاصيل و اعترف انني ممن ليس عندهم احتياطي من اي مشاعر ايجابية او حتى محايدة تجاه الشرطة يمكنني ان استحضرها في هذا اليوم الاسود، لكن ان يقف مواطنون يشاهدون، بل يصورون ضرب مواطن آخر حتى لو كان فرد شرطة و "العياذ بالله" )طبعا لازم اقول و العياذ بالله ما هي بقت سبة و كتر خير حبيب العادلي اللي ما فيهوش ريحة الحب و لا العدل( فان هذا شيئ اقل ما يوصف به هو انه سلوك بربري وحشي. طيب نفرض ان الضابط ارعن و ضرب نار و انتم ما شاء الله عدد، ايه لزوم التمادي و ضربه حتي بعد ان فقد الوعي؟ لماذا لم يسلم للجيش بعد ان فقد الوعي؟ الاجابة مرعبة: انها رغبة البلطجية الجدد، عفوا اقصد السائقين، في فرض سيطرتهم و تأكيد مكانتهم بوصفهم الفتوة الاوحد في الحارة و رحمة الله على اديبنا الكبير نجيب محفوظ .. و اسمالله عليه اسمالله عليه!!! نحن نحتاج الى وقفة جادة حتى لا يكون اي منا ذلك الجسد المسجي في الغد القريب