الكاتب العالمي الراحل العظيم نجيب محفوظ، عندما كتب رواية الحرافيش، كان يصف فترة فوضوية من تاريخ مصر، عندما سيطر الفتوات علي كل شيء، وتكبّروا وتجبّروا، ولم يقيموا وزناً للقانون أو المبادئ، وراحوا يفرضون الإتاوات علي كل من يريدون، وقتما يريدون، وكيفما يريدون، وبأي وسيلة يريدون، باعتبار أنهم فتوات، مسنودون بالقوة، والبلطجة والدراع، ولو أنه عاش، رحمة الله عليه، حتي اليوم، لكتب حتماً حرافيش 2010، حيث عادت الأمور إلي ما كانت عليه، وتجاوزته بمراحل؛ لأن الفتونة صارت حكومية، والبلطجة أصبحت وزارية، والشعب صار كله من الحرافيش، الذين لا حول لهم ولا قوة، في ظل جبروت طغياني، لا يجد من يردعه.... ومن أكبر فتوات هذا الزمان، وزير رأي أنه خليفة عاشور الناجي، فور جلوسه في منصبه، الذي لم يحصل عليه بقوته وكفاءته، وإنما مجاملة لوالده، فتوة الدرك السابق.... وبدر الناجي، الفتوة الجديد، رأي أن الفتونة بلطجة وطجرمة وعافية، وأن الفتوة لو التزم بالقانون، راحت هيبته وضاعت، ولما كان يفتقر إلي الموارد، والدولة تري أنه ليس بالأهمية التي تستحق تزويده بها، فقد مال علي حرافيش مصر، وانتقي منهم فئة، صوّر له خياله المريض أنها تملك مغارة علي بابا، وفرض عليها إتاوات تذهب العقل، وتثبت الغرور والتعالي والغطرسة، واستخدم نبوت السلطة؛ ليجمع الإتاوة بالعافية، متصوّراً أنه بهذا سيثبت أنه فتوة الفتوات، وأنه يستحق عن جدارة منصب كبير الفتوات، متناسياً أن عاشور الناجي نفسه، عندما تجاوز حدوده، وطال لسانه علي كل من طاله، طارت رقبته وخمد صوته... ثم إنه لو كان من سبقه من فتوات بقي، لما حمل هو نبوت الفتونة اليوم، ولكنه غرور القوة، وجنون السلطة، وهوس الجبروت.. والضحايا في النهاية ليسوا الحرافيش كما يتصوّر، بل النظام كله..... ولهذا حديث آخر.