أكد مواطنون هنود فارين من ليبيا أن البلاد على شفا حرب أهلية، وأشاروا إلى أعمال وحشية تقع هناك، تشمل قتل المصابين من المتظاهرين في المستشفيات. يسيطر المتظاهرون الذين يسعون للإطاحة بالعقيد معمر القذافي- بعد 42 عاما قضاها في الحكم- على أجزاء كبيرة في ليبيا، خارج العاصمة طرابلس. وسرد البعض من بين أكثر من ألف هندي يعودون إلى وطنهم يوميا على متن رحلات جوية خاصة من ليبيا، العديد من القصص حول الفوضى في الشوارع، وكيف قضى الآلاف أياما بدون طعام أو شراب. يقول راجيل بول، الذي كان يعمل في شركة هندسية في طرابلس: "نجونا بحياتنا من الجحيم الذي حل بليبيا. وأضاف، "أخيرا وجد النوم طريقه إلى عيني الليلة الماضية، بعد أيام من الرعب وسط تبادل إطلاق النار". توجه بول الذي كان ضمن مجموعة من 150 هنديا، من العاصمة الهندية نيودلهي إلى ولاية كيرالا، حيث يقيم. ويقول ممرض كان يعمل في مستشفى حكومي ببلدة الزاوية خارج طرابلس، والتي شهدت مواجهات عنيفة وهو لا يزال يعاني هولا من صدمة ما رآه: "إن القوات الموالية للعقيد (القذافي) طاردت المتظاهرين المصابين والمتمردين في مستشفانا، واقتادوهم إلى الخارج ليقتلوهم". وأضاف، "اختفى مصابون عدة، ولكن لم يكن في وسعنا شيء". خاض عدد من الهنود رحلات محفوفة بالأخطار من أجل اللحاق بالرحلات الجوية من طرابلس إلى بلادهم، وقد تركوا خلفهم كل ما يملكون. ومن بين الهنود الفارين المعلمة جيتا، التي تقول، إنها قطعت رحلة طولها 200 كيلو مترا من مصراته إلى طرابلس، وقد رأت خلالها مخربون يضرمون النار في مراكز الشرطة والمباني الحكومية والسيارات، ومحتجون في سيارات يطلقون نيران أسلحتهم في الهواء. وتضيف، " كان الوضع مخيف، كنت لا أتوقف عن الدعاء، والاتصال بزوجي على هاتفه، وصلت إلى طرابلس بسلام، ولكن عصابات اعترضت أصدقائي، وانتزعوا منهم أموالهم وحواسبهم المحمولة". ويقول مدرس آخر، لم يرغب في ذكر أسمه، عن شعوره بالحزن لمغادرته طرابلس، حيث كان يقيم لنحو 30 عاما. وقال: "يمكن للمرء أن يرى أني أحمل جواز سفري، ولم أحضر شيئا من متعلقاتي الشخصية، فأنني لم أتكمن حتى من سحب نقود من أي من البنوك التي كانت مغلقة". تبدو طرابلس مثل مدينة أشباح، حيث أغلقت المحال، وهناك قليل من حركة المرور على الطرق، والموقف في المدن الأخرى أسوأ، حيث أغلقت منشآت النفط وشركات أخرى أبوابها بعد تعرض المواقع وأماكن إقامة العاملين لهجمات. وقال بيرو جوزيف، عامل بناء، "كانت طلقات الرصاص تدوي أثناء الليل، ووقعت أعمال نهب في وضح النار، لا يمكن للكثيرين شراء طعام أو الحصول على مياه بسبب الموقف هناك". وخيم الآلاف من الأجانب في مطار طرابلس انتظارا للحظة الرحيل، حيث يعد مثالا على الفوضى وقت الحرب. ولا يزال هناك 12 ألفا، على الأقل، من بين 18 ألف هندي عالقين في ليبيا، ما أثار انتقادات ضد حكومة بلادهم بسبب بطء التحرك لإجلائهم، غير أن المسؤولين قالوا، إنهم يسرعون من وتيرة عمليات الإجلاء عبر تسيير رحلات جوية خاصة، واستئجار سفن ركاب. من ناحية أخرى، يقول العديد من مواطني الهند الذين عادوا من ليبيا، إنهم لا يعتزمون العودة إلى شمال إفريقيا ثانية، حيث إنهم يشعرون أن حدة القتال ستتزايد. وتقول المعلمة جيتا: "هناك احتمال بنسبة 90% أن يتحول الأمر إلى حرب أهلية، لأن المتظاهرين يسيطرون على عدة مدن، فيما عدا طرابلس، وسوف تشارك كل القوات في القتال، ما سوف يحول ليبيا إلى كرة نار". ويقول إم تي توماس، الأستاذ بجامعة غريان شمال غربي ليبيا: إن الموقف سيظل مضطربا لأشهر قادمة بغض النظر عن سقوط القذافي من عدمه. ويضيف، "يمكن لليبيين أن يخلصوا أنفسهم من الاستبداد، ولكنهم لا يعرفون كيف تعمل الديمقراطية، "لا يمكن للمرء أن يزرع الديمقراطية في أكثر دولة تتمتع بطابع قبلي في العالم العربي، حيث إن ليبيا بها 150 قبيلة". وكما أن الاضطرابات قد تفتح الباب أمام إقامة دولة إسلامية في ليبيا الاشتراكية التي أسسها القذافي، والتي تتسم بالغموض. "في حال حدوث فراغ سياسي، فإن خيار الإسلام الراديكالي ليس باحتمال بعيد، بل حقيقة واضحة".