أثار قرار مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر بحل المجلس، وتفويض رئيس الاتحاد ونائبه والسكرتير العام وأمين الصندوق في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإجراء انتخابات جديدة في التاسع والعشرين من إبريل المقبل، ردود أفعال واسعة داخل أروقة الاتحاد الذي انقسم أعضاؤه بين مؤيد ومعارض للقرار. ولم تنقطع المناقشات الساخنة بين الأعضاء في الجلسات الخاصة، أو عبر الاتصالات الهاتفية، وفي مقر الاتحاد، حتى وصلت مؤخرا إلى المنتدى الأشهر عالميا، وهو صفحات "الفيس بوك" الخاصة بالأعضاء على شبكة الإنترنت الدولية، والتي شهدت جدلا حادا للوصول إلى أفضل وضع، يتم على أساسه النهوض بالاتحاد وإقامة انتخابات نزيهة بين أعضائه. فالروائي فؤاد قنديل علق على القرار بالقول: إن تكليف هيئة المكتب باتحاد الكتاب، لنفسها بتسيير الأعمال، هو إجراء باطل، وأن المجلس كان من المفروض أن يتقدم باستقالته إلى الجمعية العمومية التي انتخبته في البداية، ويقرر أعضاء الجمعية، ويختارون من يمثلهم لإدارة الاتحاد وتسيير أعماله، إلى حين انتخاب مجلس إدارة جديد، أو التحضير لجمعية عمومية طارئة، كما يتم الدعوة إليه حاليا. وأضاف قنديل، أن ما تم كأن يقوم رئيس الدولة بالتنحي، ويقول إنه سوف يقوم بتسيير الأعمال، رغم ذلك، ومن ثم يكون معه رفاقه القدامى الذين سبق واعترض عليهم الشعب، مؤكدا رفضه هذا الأجراء، وضرورة أن يتم تصحيحه بسرعة شديدة حتى لا يضيع الوقت، ولا يتم احتسابه مثلبة على المجلس. وكان مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر قد أصدر في جلسته الطارئة في 27 فبراير الماضي حل نفسه، وتفويض رئيس الاتحاد ونائب الرئيس والسكرتير العام وأمين الصندوق في اتخاذ الإجراءات اللازمة وفق ما نص عليه قانون الاتحاد، لعقد انتخابات جديدة تشمل جميع مقاعد المجلس، بدلا من الانتخابات النصفية التي كانت مقررة يوم 25 مارس الجاري، وذلك في جمعية عمومية جديدة تنعقد يوم 29 أبريل 2011. وقال الروائي فؤاد قنديل: إنه تقدم باستقالته من مجلس إدارة اتحاد الكتاب، لحدوث خلط وعبث، بما تم الاتفاق عليه في اجتماع سابق منذ 3 أسابيع، وتم الاتفاق على تأجيل الانتخاب، نظرا للظروف القاهرة وغير المناسبة، وعدم معرفة بعض الأعضاء بموعد الانتخابات والتقدم إليها، موضحا أنه لم يقصد المعنى المباشر والسطحي للمسألة، ومؤكدا أنه يتحدث في مبادئ ومنطق، ويكن كل الاحترام لأصدقائه في الاتحاد. وبمجرد أن نشر قنديل رأيه على صفحته "بالفيس بوك"، تسارعت الردود والآراء من أعضاء الاتحاد لطرح وجهات نظرهم، فقد اتفقت معه في الرأي الكاتبة منى عارف التي قالت إن الروائي فؤاد قنديل عنده حق في كل كلمة، موضحة أن فكرة البقاء الدائم وإلى الأبد كانت شعار المرحلة السابقة، داعية الأدباء والكتاب لتوحيد رأيهم. كما قال الكاتب محمد عبد الموجود: "إن الإجراء الذي تم لا يستند إلى قانون الاتحاد ولا إلى لائحته الداخلية، ومعنى الاستقالة هو ترك الاتحاد تماما لمن يأتي بالانتخاب، وليس الالتفاف على القرار، وكما يقولون لتتماشى مع أهداف الثورة. وطالب محمد العباسي بالدعوة إلى جمعية عمومية، ويتم هذا الإجراء على الأقل حتى تستتب الأمور، وتتم انتخابات جديدة تحت مظلة حقيقية، فيما دعا عمارة إبراهيم إلى أن تتشكل لجنة تسيير أعمال من شخصيات جديرة بالثقة من الجمعية العمومية، تكون لديهم بعض الخبرات في هذا العمل النقابي. وتدخل بالتعليق الكاتب محمد السيد عيد، نائب رئيس الاتحاد المستقيل، قائلا، إن هناك سوء فهم للموضوع من ناحية أنه لا يمكن أن يوقع عللى رواتب الموظفين ومعاشات الأعضاء ونفقات علاجهم سوى نائب رئيس الاتحاد، الذي لا يستفيد شيئا من هذا العمل الخدمي التطوعي. وتدخل الكاتب عمارة إبراهيم في النقاش، موضحا أنه يقصد فقط قانونية عمل اللجنة التي تدير الاتحاد حاليا وليس الأشخاص. أما خالد محمود، فحاول إيضاح فكرة نائب رئيس الاتحاد ردا على الروائي قنديل فيقول، إنه بكل حيادية وموضوعية، يجب أن ننظر إلى الوضع الحالي فيما يتعلق بالزملاء الذين لديهم توقيعات معتمدة لدى البنك، موضحا أنه يوفر ويبسط الإجراءات لعدم تعطيل مصالح الأعضاء، وهو الأمر الذي يجب عليه أن نفسح لهم المجال لاستكمال فترة 60 يوما لتسيير أعمال الاتحاد، دون الحق في اتخاذ أي قرارات مصيرية. لكن الدكتور علاء عبد الهادي له وجهة نظر أخرى تتفق مع الروائي قنديل، فيقول: إنه "لا يوجد في القانون ما أطلقوا عليه اسم حل مجلس الإدارة، وهو ما لا يستطيع حل نفسه، ويطالب بضرورة الرجوع إلى المادة 32 من قانون الاتحاد كي تتكشف الحقائق. وهنا يتدخل قنديل فيقول: إن الجمعية يمكنها تكليف من يدير، وتحرير الشيكات مسألة يمكن أن يقوم بها من يقوم بها الآن، دون أن يكون له دخل في الإدارة، فالأمر يرجع في النهاية إلى الجمعية العمومية. ووجه الكاتب محمد السيد عيد سؤالا إلى كل من الروائي قنديل والدكتور علاء، وهو "هل المطلوب هو تأجيل الانتخابات أم القانون؟ أم وجود مجلس مؤقت لحين تغيير القانون في وقت ليس فيه جهة تشريعية في البلاد؟". موضحا أنه حتى لو كانت هناك جهة تشريعية فهل سيكون قانون اتحاد الكتاب أهم عندها من القضايا العامة المتعلقة الآن بمستقبل البلاد؟ وكم سيستغرق هذا، والكل يعلم أننا نحاول تغيير القانون من أيام ثروت أباظة، أي أن المسألة تستغرق سنوات طوالا. وأضاف عيد، أن الوضع الحالي يجب أن يكون مرجعيته صندوق الانتخابات، وإتمام تداول السلطة أفضل، موضحا أنه ينوي ترشيح نفسه مرة أخرى، خاصة مع خدمته للاتحاد بمنتهى الإخلاص، وأولا وأخيرا صندوق الانتخابات هو ضمان الديمقراطية الأول. وتساءل نائب رئيس اتحاد الكتاب المستقيل، الكاتب محمد السيد عيد، قائلا: هل ما فعله المجلس خلال الدورة الحالية والسابقة كان هدما للاتحاد؟ وهل استعادة اتحاد الكتاب العرب كان هدما؟ وهل مضاعفة الإعانات كان هدما؟ وهل رفع المعاشات كان هدما؟". وأضاف عيد: أن الاتحاد سيعقد اجتماعا طارئا لكن بشكل قانوني، لأن القانون يحدد لهذا الاجتماع أحد سبيلين، إما طلب من أعضاء الجمعية العمومية، أو بدعوة من رئيس الاتحاد، وبما أن الطلب لم يكن سليما من الناحية القانونية، ووصفه رجائي عطية بأنه "لغو"، فستعقد الجمعية العمومية بناء على دعوة رئيس الاتحاد، داعيا إلى الهدوء والاحتكام للعقل، والبحث عن مصلحة الاتحاد، بعيدا عن الاتهامات والتجريح بين الأصدقاء. في السياق ذاته، قال الشاعر سمير درويش، عضو الاتحاد: إن الأمور أخذت أكبر من حجمها الطبيعي، فالاتحاد لا يحكمه ديكتاتور من 30 سنة، ولا شلة فاسدين استنزفت موارده وهربتها إلى الخارج، بالعكس، وعلى المجلس أن يفتخر بما حققه في السنوات الأخيرة من مضاعفة الميزانية ومقر الاتحاد الجديد بالقلعة، وتضاعف المعاش والإعانات، وعودة الاتحاد العام إلى للأدباء والكتاب العرب إلى مصر بعد غياب 20 عاما. ودعا درويش أعضاء اتحاد الكتاب إلى الافتخار ومواجهة الجمعية العمومية، مرفوعي الرأس، بدلا من هذه المشاحنات الجدلية التي تظهر الوضع للناس على غير الحقيقة، مشيرا إلى أن الإنجازات يضاف إليها مشروع العلاج، والترشيح لنوبل، وإصدار مجلة ضاد، وتوسيع الفروع وزيادة مخصصاتها، والمواقف الوطنية المشهودة. وتابع: يكفي أن الاتحاد هو الذي جيش معظم النقابات والاتحادات في مصر والوطن العربي منذ عامين، وقدم مذكرة احتجاج باللغتين العربية والفرنسية إلى السفير الفرنسي بالقاهرة، احتجاجا على استضافة إسرائيل ضيف شرف معرض الكتاب بباريس، والوقفات الاحتجاجية بخصوص القضايا العربية والمصرية، ومشاركة معظم أعضاء الاتحاد، ومنهم بالطبع أعضاء المجلس في مظاهرات ثورة 25 يناير بميدان التحرير وبعض مدن المحافظات. وهنا يقول الروائي فؤاد قنديل: إنه لا يمكن لأحد أن ينكر على مدى ربع قرن في المجلس إنجازات رئيس الاتحاد محمد سلماوي، كونه أفضل من تولى رئاسة الاتحاد. لكن أحمد قرني محمد يعترض بالقول: "لماذا نسيتم أن الاتحاد لم يقم مؤتمرا ذات قيمة طوال تلك الحقبة، ولم يصدر نشرة جادة، ولم يطارد فساد المؤسسات الثقافية وجوائز الدولة؟ وغيابه عن كتاب وأدباء الأقاليم، وأين كان مجلس الاتحاد من اعتقال الكتاب؟ وأين كان الاتحاد وحقوق الكتاب مهدرة من دور النشر العامة، وأين كان والكتاب يموتون دون علاج؟ ورد الشاعر سمير درويش، متسائلا: ما دخل الاتحاد في مطاردة فساد المؤسسات الثقافية وجوائز الدولة؟ مع العلم بأن الكتاب يذهبون إلى دور النشر ويدفعون من أجل طباعة كتبهم، حيث وضع صيغة عقد موحد مع اتحاد الناشرين، لكن الكتاب أنفسهم لا يلتزمون به، موضحا أنه مع وجود مشكلات لا يمكن الحديث عنها بهذا الشكل المكثف الذي يغفل أشياء كثيرة جميلة حدثت، وآخرها منحة حاكم الشارقة التي جاءت نتيجة جهود المجلس. وأضاف درويش، أن الاتحاد خاض معارك كثيرة، من بينها معركة ضد وزير المالية السابق يوسف بطرس غالي للحصول على مليوني جنيه، ومثلها من أفراد ومؤسسات مجتمع مدني، و650 ألف جنيه لترميم مبنى الاتحاد، ومبلغ من صندوق التنمية لتأثيث المبنى التي ساعدت فيه هيئة الآثار، وأموال لصندوق المعاشات. فيما استمر النقاش الحاد بين الأعضاء على "الفيس بوك"، ما بين مؤيد ومعارض، كان آخرهم الكاتب أحمد قرني محمد، الذي قال: "إن قرارات المجلس ليست كلها موضع ترحيب من بعض الأعضاء، خاصة منحة حاكم الشارقة التي رفضها بعض الأعضاء، واعتبروها نوعا من التسول". كما أشار الدكتور علاء عبد الهادي إلى أن اجتماع مجلس الإدارة الأخير خالف قانون الاتحاد 6 مرات في جلسة واحدة، في سابقة هي الأولى في تاريخ الحياة النقابية في مصر، داعيا إلى حفاظ أعضاء الاتحاد على ما تبقى بين الزملاء، وأن يترفع الجميع إلى مستوى يليق بمجتمع المثقفين.