وصفت قيادات سلفية ثورة 25 يناير بأنها "عهد جديد للسلفية"، فيما تواصلت الدعوات الجماعة ل"دولة إسلامية لا مدنية ولا علمانية" في المحافظات خلال خطبة الجمعة، وأثناءها. ووزع عشرات من المنتمين لجماعات سلفية في أسيوط منشورات تدعو لقيام دولة إسلامية، وقوبل هذا بدعوات مضادة من أقباط لدولة مدنية. وشهدت محافظة أسيوط تشديدات أمنية من قبل الأمن والجيش، حول المساجد والكنائس، تحسبا لاشتباكات قد يثيرها مشعلو فتنة، على خلفية العثور على كاهن كنيسة مقتولا في شقته. وأصدرت الجماعة الإسلامية في أسيوط بيانا مشتركا مع الكنيسة، يؤكد على المحبة والمودة بين الطرفين، وتكاتفهما ضد رموز "النظام الفاسد"، حسب البيان. وذلك بعد أن عقد اللوء أحمد جمال الدين، مدير أمن أسيوط، جلسة حضرها قيادات من الطرفين. وللجمعة الثانية على التوالي، رفض السلفيون في المنيا صعود خطيب الأوقاف منبر مسجد المبرة في وجودهم، وصعد بدلا منه الشيخ إبراهيم زكريا، أحد قيادات السلفية، والذي استهل خطبته بتمجيد ثورة 25 يناير وبدء عهد جديد للسلفية، والتحذير من المساس بالمادة الثانية من الدستور. وشكر زكريا "جميع من لبى دعوة السلفيين للمؤتمر السلفي الأول بالمنيا، والذي حضرة عدد كبير من أئمة الجماعة بمصر، منهم سعد عبد العظيم، وأحمد النقيب، وناصر خضيرى. ووصف زكريا المساس بالمادة الثانية من الدستور بأنه "مطلب كل حاقد وساع لإحداث فتنة كبيرة بمصر"، مطالبا الشعب بتبني توصيات مؤتمر السلفية الأول، والذي أكد على "هوية مصر الإسلامية، وتفعيل المادة الثانية من الدستور، وإصلاح المؤسسة الأمنية والتخلص من العناصر الفاسدة التي ثبت تورطها في الاعتداء على حرمات الناس، واستبدال شخصيات مقبولة ومحترمة من الجماهير، بأخرى مسؤولة، والإفراج الفوري عن كل من اعتقل بغير وجه حق، ودعوة جموع المصريين للتكاتف وتفقد المحتاجين من الطبقة الكادحة، ودعوة الجميع حكاما ومحكومين إلى التوبة الجماعية الصادقة إلى الله تعالى". ونظم عدد من سلفيي المنوفية مؤتمرين في مدينتي شبين الكوم وبركة السبع، لمناقشة تداعيات ثورة 25، وطالبوا خلالهما بالإبقاء على المادة الثانية من الدستور. وشهد المؤتمران تطورا كبيرا في الفكر السلفي، فبعد أن كانوا عازفين عن العمل السياسي، تصاعدت دعوات لإعلان السلفيين الدخول لمعترك السياسة فى مصر، مرددين هتافات: "الشعب يريد تحكيم الكتاب"، و"لا مدنية وعلمانية، إسلامية إسلامية"، و"لا لا للعلمانية، مصر دايما إسلامية"، "لا شرقية ولا غربية إسلامية إسلامية". وقال السلفيون في مؤتمرهم: "لن نسمح بالمساس بالمادة الثانية من الدستور، فلا ينبغي أن نكون سلبيين، ويجب علينا الآن أن نتحرك للدعوة، ولا يجوز لنا فى مرحلة البناء أن نكون مخربين أو مفسدين، ويجب على كل مسلم شريف فى مصر ألا يكون سببا في تعطيل العمل أو الاعتصام فى شركة من الشركات أو في ميدان من ميادين العمل". وحشدت الجماعة السلفية بالسويس أعضاءها من الرجال والنساء والأطفال بأعداد كبيرة في عدة مساجد بالمحافظة لأول مرة منذ سنوات. فيما لم تتطرق خطب الجمعة إلى ثورة يناير، وهو ما برره مواطنون بأن السلفيين كانوا ضد الثورة في بدايتها، ودعوا الناس لعدم الخروج فيها. وكانت محافظة السويس قد شهدت صدامات بين سلفيين كانوا يوزعون منشورات تدعو لإقامة دولة إسلامية، وبين مواطنين رفضوا الدعوة، واتهمو موزعي المنشورات بأنهم يركبون الثورة، ويخلقون فتنة طائفية، وهو ما رد عليه السلفيون بالعنف. وشهدت محافظة الغربية عودة مفاجئة للسلفيين، الذين ظلوا طيلة سنوات بلا أي نشاط ملموس، معلقين لافتات تدعو لدولة إسلامية "لا مدنية ولا علمانية"، وتحذر من إلغاء المادة الثانية من الدستور. وكان السلفيون قد استضافوا الشيخ محمد حسين يعقوب، قبل يومين، في مسجد الشهير عوارة، وأقاموا ندوة موسعة في مسجد فجر الإسلام. فى الإسماعيلية، تركزت خطبة الجمعة في مساجد السلفيين حول تفسير معنى الآية الكريمة: "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "، وتحية ثوار25 يناير وثورات الشعوب العربية. ودعت الخطبة إلى التغيير ونبذ الأخلاق السيئة والتمسك بتعاليم الإسلام وجذوره، وليس القشور منه فقط، وأن تكون الثورة بداية حقيقية لبناء البلاد وصيانة كرامتها وخطوة تجاه الإصلاح الشامل وتعزيز الهوية الإسلامية لمصر. وفي تأكيد مستمر من قيادات التيار السلفي على ضرورة عدم إغفال توفيق الله في الأحداث الأخيرة، قال الشيخ محمد حسين يعقوب، أحد أكبر الدعاة السلفيين بمصر، إن "كشف الغمة عن البلاد وإظهار الحق لم يأت فقط بفضل البادئين بالثورة من شباب الوطن، ولكن بترتيب الله الذي مكنهم من أبعد ما كانوا يتمنون". وأكد يعقوب في خطبة الجمعة بمسجد الرحمة بالهرم على ضرورة التزام الشباب المسلم بالتقوى تزامنا مع نشاطه الثوري على الفساد في البلاد، "لأن الشباب حين يكونوا متقين سيلزمون الحق، ولن يأخذوا البلاد إلى الفوضى". وأوضح يعقوب أن أغلب الدعاة قبل أحداث تونس "كانوا قد فقدوا الأمل في هذه الأمة ليفاجئوا بنصر من عند الله بأيادي شباب مخلص أحيا بهم الله الأمل في الأمة مجددا". وأعرب يعقوب عن أمنيته في ألا ينقطع لقاؤه مع الناس الذي حرم منه لسنوات طويلة، حسب قوله. وركز يعقوب أثناء خطبته على الدعاء لشعب ليبيا، متمنيا من الله "أن يكشف عنهم كربتهم ويطيح بحكامهم الظالمين". دعا الداعية محمد جبريل إلى تدمير الحزب الوطني الذي وصفه ب"الفاسد"، والذي زور الانتخابات البرلمانية في المحافظات المصرية كافة. كما دعا رؤساء الصحف القومية والإعلام المصري أن يغيروا من سياساتهم، وغرس قيم الكرامة في نفوس الشباب. وطالب جبريل خلال خطبة الجمعة اليوم "جمعة الاستمرار" التي حضرها أكثر من 30 ألف متظاهر إلى إقالة وزير الداخلية الحالي لأنه تم تعيينه في النظام السابق، كما طالب الشرطة بإغلاق ملف الاعتقالات واغتيال دماء الشهداء، مؤكدا في نفس الوقت أن تكون مهام الشرطة الحفاظ على الوطن. كما دعا الشيخ محمد جبريل إلى محاسبة رموز النظام السابق، مثل صفوت الشريف وزكريا عزمي وأحمد فتحي سرور، وكل رموز البلطجة والفساد. وأشار إلى أن الشعب المصري الثائر أراد أن يرفع رأسه أمام العالم إلى أن يتم تنفيذ مطالبه، مؤكدا أن المتظاهرين سيبقون في ميدان التحرير جمعة بعد جمعة حتى يتم تحقيق المطالب المشروعة، مشيرا إلى أن ما حدث في الأيام الماضية هو تجسيد لإرادة الله للقضاء على الفاسدين، قائلا: "إن هذه نتيجة طبيعية لكل فاسد". وأعرب الشيخ محمد جبريل عن تضامن الشعب المصري كافة مع الإخوة في ليبيا، مطالبا أياهم بالصمود في سبيل الحق حتى يتم تحقيق مطالبهم، واختتم جبريل الخطبة بالدعاء: "اللهم احفظ دماء المسلمين"، "اللهم احفظ دماء الإخوة في ليبيا"، "اللهم انتقم من القذافي"، "اللهم وحد كلمتنا وثبتنا على الحق". وخلال الصلاة حمل المواطنون علم مصر وقد كُتِبَ عليه: "كلنا أبناؤك.. إيد في إيد هنكرم أم الشهيد" و"الثورة مستمرة حتى تحقيق كل المطالب" و"يسقط وزير العدل عدو القضاة" و"الشعب والجيش إيد واحدة" و"الشعب يريد إسقاط الحكومة". كما دعا جموع المواطنين بميدان التحرير إلى ضرورة الحفاظ على السلوكيات والآداب العامة وعدم التدافع والحفاظ على الأطفال. شارك فى الاعداد : سيد نون وإسلام رضوان ومحمد السرساوي ويونس درويش وعلاء شبل وماهر عبد الصبور وأميرة محمدين وأحمد عويس.