أجدد الدعوة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة لتبنى تشكيل هيئة للحوار الوطنى تدير معه مهام واستحقاقات المرحلة الانتقالية الممتدة إلى حين إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية. فاللقاءات المتفرقة مع مجموعات مختلفة من السياسيين ونشطاء الحركات الشبابية والمفكرين والإعلاميين يتساءل الرأى العام عمن يمثلون، فهى ليست بكافية ومن الأفضل استبدالها بصيغة مؤسسية مقبولة وطنيا. هنا يمكن لهيئة الحوار، إن شكلت على نحو يضمن تمثيل القوى السياسية الحزبية وغير الحزبية جنبا إلى جنب مع الحركات الشبابية والنقابات المهنية والعمالية وشخصيات وطنية وممثلين عن المجتمع المدنى والمؤسسات الدينية، أن تقدم مثل هذه الصيغة المؤسسية وتساعد المجلس الأعلى بفاعلية على إدارة المرحلة الانتقالية. لا ينبغى إلقاء كامل عبء قرارات واختيارات الأشهر المقبلة المصيرية على المجلس الأعلى بمفرده، ومن الأفضل أيضا إنجاز توافق وطنى صريح وليس ضمنيا حولها. والأمر لا يتعلق فقط بالتعديلات الدستورية والقانونية التى تناقشها اللجنة الدستورية برئاسة المستشار طارق البشرى وستطرح على المواطنين فى استفتاء عام، بل بقضايا مثل الموعد المقترح لإلغاء حالة الطوارئ وإطلاق حرية تكوين الأحزاب والجدول الزمنى للانتخابات والإفراج عن المعتقلين السياسيين وغيرها. والمؤكد أن الكثيرين فى مصر، وأنا منهم، يرغبون فى إلغاء الطوارئ بأسرع وقت ممكن حتى يتسنى إطلاق حرية العمل السياسى والتنظيمى. ويشعرون بقلق شديد مما يتواتر اليوم من توجه المجلس الأعلى لعدم فتح المجال أمام تكوين أحزاب سياسية قبل الانتخابات المقبلة، وهو ما قد يعنى عملا وفى ظل الضعف الشديد لأحزاب المعارضة القائمة ترك ساحة المنافسة لبقايا الحزب الوطنى ولجماعة الإخوان. كذلك نحتاج لحوار وطنى حول الجدول الزمنى للانتخابات البرلمانية والرئاسية. فإجرائها بعد أشهر قليلة يحد بقوة من فرص الحركات والمجموعات الشبابية التى تحاول أن تنظم صفوفها اليوم بتكوين أحزاب جديدة وإعلان برامجها وتسعى لبناء قواعد شعبية والانفتاح على المواطنين. ربما كان من الأفضل إذن العمل على إجراء الانتخابات بعد ثمانية أشهر وليس أربعة أشهر، والدخول فى حوار مع المجلس الأعلى لإقناعه بحيثيات التأجيل المحدود. كل هذه القضايا يمكن مناقشتها على نحو تشاركى ومنظم وعلنى بهيئة الحوار الوطنى، وتستطيع القوى المختلفة الممثلة بداخلها صناعة التوافق الوطنى اللازم حول القرارات والاختيارات المتخذة. كما أن وجود هيئة الحوار بجانب المجلس الأعلى يباعد بين الأخير وبين شبهة الانفراد بإدارة شئون البلاد فى المرحلة المصيرية الراهنة، وهو ما لا يتمناه أحد. ومع أننى أؤمل خيرا فى المجلس الأعلى وفى انفتاحه على الدعوة لتشكيل هيئة الحوار الوطنى، فإننى بت مقتنعا بضرورة أن نتنادى كأحزاب وقوى سياسية وحركات شبابية وشخصيات وطنية ونقابات ومجتمع مدنى إلى تشكيل هيئة الحوار بمفردنا حال رفض المجلس الأعلى وأن نبدأ فى مناقشة قضايا المرحلة الانتقالية. نحن كمجتمع ومواطنين فى لحظة قوة ولا بد من العمل السريع لضمان تحقيق أهداف ثورة 25 يناير.