بدأ الحزب الوطنى الحاكم «سابقا» ترتيب صفوفه ولملمة رجاله وإحياء القديم بدعوى أن «بقاء الوطنى ضرورة لاستقرار البلد»، وذلك بعد أيام من رحيل مبارك، رئيس الحزب الوطنى، واستقالة أمينه العام «إعلاميا». وبالتوازى.. خرجت قيادات أخرى وأعضاء ربما لم يكونوا فاعلين كثيرا فى الحزب يبحثون فكرة إنشاء حزب جديد على «مبادئ الوطنى» لعدم ترك الساحة لثوار التحرير. الوطنى الحائر بمستقبله، تدير شئونه هيئة مكتب «مؤقتة» تضم 5 أعضاء ويقودهم أمين عام «مؤقت»، هو محمد رجب، تولى بالأساس منصب أحمد عز فى أمانة التنظيم هى صيغة توافق عليها رجال المطبخ الجديد الفاعل فيه بشكل كبير محمد كمال، أمين التثقيف ومحمد هيبة، أمين الشباب حتى انعقاد مؤتمر للحزب لاختيار قيادته. صيغة لإدارة شئون حزب يتهاوى بعد رحيل النظام، يستند فيها الوطنى على مجموعة من رجال الأعمال والباحثين المعروفين، بل وبعض أشد المروجين فى السابق «لسيناريو التوريث»، إلى حد أن البعض يشيرون إلى «أصابع» الأمين العام السابق صفوت الشريف فى عملية «العودة». عودة تسمح باستمرار نظام مبارك ولكن تحت عباءة جديدة وبشكل اكثر تطورا وعنوانا أكثر ديمقراطية. رغم أن هيئة المكتب تقول إن «القيادات التاريخية انتهت مرحلتها فى العطاء الحزبى ونحن نحترم قرارهم بالاستقالة من مواقعهم»، والإشارة هنا إلى صفوت الشريف وزكريا عزمى وعلى الدين هلال وجمال مبارك. «لم يتدخلوا من لحظتها ولم يرفع أحد منهم سماعة التليفون للاتصال بنا»، وإن كانوا رسميا أعضاء فى الحزب، كما يقول عبدالإله. خلال اليومين الماضيين عقد الوطنى، كما علمت الشروق، مجموعة من اللقاءات مع أمنائه فى المحافظات و«عدد لا بأس به من النواب» من البرلمان المنحل، «علشان نشوف الوضع شكله ايه على الأرض»، بتعبير أحد رجال الوطنى الذى يفضل عدم كشف هويته، كما هى عادة أغلب أعضاء الوطنى دائما. الاتجاه داخل الحزب كما يقول أمين الاعلام الجديد محمد عبدالإله هو القيام «بثورة تصحيحية» داخل الحزب واستبعاد بعض «العناصر». لكن لا شىء حسم حتى اللحظة «لتحديد شكل المرحلة المقبلة». والطرح الذى يروج له رجل الإعلام وما يقوله لزملائه فى الوطنى إن «من يريد حضن السلطة يتفضل يستأذن، وكل واحد يحسبها بطريقته». يقول عبدالإله ل«الشروق» إن عددا من الأعضاء طرح فكرة تغيير اسم الحزب «الوطنى الديمقراطى» إلى مسمى آخر «يتواكب مع التوجه الجديد». وتوجه الوطنى اليوم هو أن يبدأ رحلة العودة إلى الساحة على أساس انه «تيار يمثل الوسط ويدافع عن المبادئ الأصلية للحزب وهى العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية». «الحزب ليس شركة. نعم حدثت أخطاء سياسية وفقد الحزب رئيس الدولة وحكومته لكن لا يمكن التعميم على كل أعضاء الحزب». والتبرير بأن البلد بحاجة إلى أحزاب جديدة ليس منطقيا فى نظر المصدر نفسه، بل ويذهب إلى أنه فى حالة إجراء انتخابات حقيقية قد يحصد الوطنى 30% على الأقل من أصواتها، ولكنه يربط بين هذه النسبة وبين عملية «تطهير» فى صفوف الوطنى تفصل «حالة التزاوج مع الإدارة، وتكون عضويته حقيقية أى ما لا يتجاوز 500 ألف» كما يقول. هنا يؤكد عبدالإله انه فى ظل «الأزمة الحالية» تلقى ما يزيد على 200 طلب عضوية جديدة للانضمام إلى صفوفه من شخصيات يصفها «بالمحترمة». والخطاب الذى يسعى الوطنى لتبنيه هو أن عددا كبيرا من نوابه لديهم «شعبية» تسمح لهم بالفوز فى الانتخابات القادمة «لعدم ترك الإخوان قوة وحيدة فى الساحة». هى نفس الفكرة التى دعت هشام الشريف، أحد أعضاء أمانة السياسات، لدعوة شخصيات مختلفة لنقاش حول الانتخابات والأحزاب والدستور. الشريف عضو مجلس إدارة جمعية جيل المستقبل أو جمعية جمال مبارك وأحد المقربين من رئيس الوزراء الأسبق عاطف عبيد ومؤسس مركز معلومات مركز الوزراء. دعا الشريف إلى لقاء ظهر الثلاثاء تم فى قصر طوسون المملوك لمجلس الوزراء فى الزمالك، وضم ما يقرب من 30 شخصية معظمهم أعضاء فى الحزب الوطنى. القائمة ضمت أسماء مثل السفير محمد شاكر وحسن الحيوان وسامح سيف اليزل ومنى ذو الفقار ودار بينهم حوار، كما علمت الشروق، حول «الوضع الحالى وعن أحزاب جديدة ستنشأ، وأحزاب قديمة تعيد تشكيلها» وعن أن «هناك طاقات كامنة وشخصيات تود أن يكون لها دور فى المرحلة القادمة وليس فقط شباب التحرير». فقبل أيام كتب هشام الشريف فى الأخبار أن «الثورة الحقيقية هى ثورة بناء وتصحيح بحكمة وسرعة، وليست ثورة فوضى ومظاهرات يومية». «لا نريد أن نكون مشاهدين فقط، نريد تشكيل جبهة أو ائتلاف ليكون لكل شخص دور فى المرحلة القادمة»، يقول شاكر للشروق، مضيفا أن «لا شىء تمخض عن اللقاء ولا توصيات معينة»، لكنه تحدث عن لقاء آخر الأسبوع المقبل. السفير محمد شاكر عضو الحزب الوطنى و«المحبط منه»، بتعبيره الشخصى، يعتقد أن الوطنى لن تكون له قائمة، «الناس حصلت لها خيبة أمل فى الحزب، خاصة من لم يكونوا فى الدائرة الضيقة، ويبحثوا الآن عن شىء آخر». ومثل الشريف، يلتقى قيادى سابق هو حسام بدراوى، كما تكشف المصادر ل«الشروق»، مع مجموعات مختلفة «لمساعدة الدولة وإعطاء توصيات»، تمهيدا لظهور «تجمعات تتحدث عن الديمقراطية ومدنية الدولة»، وربما تتمخض عن إنشاء حزب جديد. الحزب الجديد هى فكرة يطرحها أيضا مجموعة من شباب الوطنى الذين يشعرون بالضيق، بتعبير يوسف وردانى مدير تحرير موقع الحزب الوطنى والذى عمل قريبا من قيادى الحزب على الدين هلال. ويهدد الشباب كما جاء فى بيانهم، بتأسيس حزب جديد يضم «شباب الوطنى الإصلاحى» إذا لم تتم الاستجابة لأفكارهم وفق جدول زمنى محدد، رغم حديثهم عن الوطنى باعتباره «عنصر التوازن فى الحياة السياسية وتيار الوسطية الذى يعبر عن الناس». ولا يخلو جراب الوطنى من أفكار لتجميل صورته وإزالة التهم ولا تنقصه الوسائل فى ظل قيادات إعلامية تنتمى إلى صفوفه ولا تزال فى مواقعها تنتظر أحد ابداعات «ممولى الحزب» الطامحين فى الحفاظ على مكاسبهم من أمثال العباقرة الذين رسموا مشهد الخرافة والحماقة فى «موقعة الجمل».