أدى المعارضان الراديكاليان أحمد نجيب الشابي (زعيم الحزب الديمقراطي التقدمي)، وأحمد إبراهيم (الأمين الأول لحركة التجديد)، اليوم الثلاثاء، اليمين الدستورية أمام الرئيس التونسي المؤقت فؤاد المبزع (مع بقية أعضاء الحكومة)، وسط انتقادات شديدة لهما ب"التواطؤ" مع السلطات و''الالتفاف على ثورة الشعب''، بينما انسحب منها المعارض الراديكالي مصطفى بن جعفر (زعيم التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات). ويعتبر المعارضون الثلاثة من أبرز خصوم نظام الرئيس التونسي السابق، زين العابدين بن علي، الذي توجه يوم 14 يناير 2011 إلى السعودية، فارا من ثورة شعبية عارمة أطاحت به بعد أن حكم تونس منذ 1987. وأعلن الوزير الأول (رئيس الوزراء) التونسي محمد الغنوشي، أمس الاثنين، تعيين الشابي وزيرا للتنمية الجهوية والمحلية، وإبراهيم وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي، وبن جعفر (وهو طبيب) وزيرا للصحة العمومية في "حكومة الوحدة الوطنية" التي تم تشكيلها لتسيير شؤون البلاد "مؤقتا'' بعد هروب الرئيس التونسي. وقال مصدر في التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): إن بن جعفر انسحب من الحكومة لاحتفاظها برموز من عهد بن علي، واحتجاج على تصريحات أدلى بها (أمس الاثنين خلال مؤتمر صحفي) وزير الداخلية التونسي أحمد فريعة، قرأها بن جعفر على أنها محاولة "للالتفاف على ثورة الشعب". وهاجم سياسيون ومواطنون، اليوم الثلاثاء، فريعة، وقالوا إنه دافع، خلال المؤتمر الصحفي عن الحزب الحاكم (التجمع الدستوري الديمقراطي)، في وقت يطالب فيه غالبية التونسيين بتفكيك هذا الحزب الذين يرون فيه رمزا للفساد والاستبداد وقمع الحريات. وأعلنت "حركة التجديد" -في بيان تلقت (د.ب.أ) نسخة منه- أنها دخلت حكومة الوحدة الوطنية "تجنبا للفراغ الذي يهدد البلاد وأمنها واستقرارها وحماية لثورتها الشعبية". وطالبت الحركة ب"استقالة جميع وزراء التجمع الدستوري الديمقراطي" و"تجميد الممتلكات والحسابات البنكية للتجمع، باعتبارها ممتلكات الشعب" و"حل جميع الشعب المهنية في المؤسسات". وقالت: "إذا لم تتحقق هذه المطالب بصفة عاجلة، فإن حركة التجديد ستراجع موقفها من المشاركة في هذه الحكومة". وقال شهود عيان، إن مواطنين حاصروا سيارة الشابي في أحد طرقات العاصمة تونس، وشتموه، وطالبوه بالانسحاب من الحكومة. إلى ذلك أعلن عبد السلام جراد، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمال في البلاد)، خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم الثلاثاء، انسحاب ثلاثة من ممثلي الاتحاد من حكومة الوحدة الوطنية وعدم اعتراف الاتحاد بها. وكان الغنوشي أعلن أمس تعيين 3 من أعضاء الاتحاد في تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية. وقد عين عبد الجليل البدوي (63 عاما) "وزيرا لدى الوزير الأول"، وحسين الديماسي (62 عاما) "وزيرا للتكوين المهني والتشغيل"، وأنور بن قدور "كاتب دولة لدى وزير النقل والتجهيز". وقال جراد: "بالنسبة للاتحاد فإن هذه الحكومة.. غير موجودة، لأنها لا تمثل إرادة الشعب، ولا تستجيب لطموحاته، ولا تلبي مطالب الثورة العارمة التي تشهدها تونس منذ أكثر من أربعة أسابيع"، داعيا الأحزاب المعارضة المشاركة فيها إلى الانسحاب منها. وأضاف أن الاتحاد العام التونسي للشغل سيستمر في الوقوف إلى جانب الشعب التونسي وتحركاته المشروعة والتاريخية، من أجل إسقاط هذه الحكومة وتشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية. لكنه لفت في المقابل إلى أن الاتحاد "لا يريد حدوث فراغ سياسي في البلاد، ويرى أن تونس في حاجة إلى انتقال حقيقي، وليس صوريا للسلطة، ويدعو إلى توفير قاعدة وأرضية صلبة تكون بمثابة الأساس والضمان لتأمين المرحلة المقبلة". يشار إلى أن مفيدة التلاتلي وزيرة الثقافة، وليليا العبيدي وزيرة شؤون المرأة، وفوزية الشرفي كاتبة الدولة لدى وزير التعليم العالي، أدين اليمين دون أن يغطين رؤوسهن بحجاب. واعتادت النساء تغطية رؤوسهن عند تأدية اليمين في تونس التي ينص الدستور فيها على أن الإسلام هو الدين الرسمي في الدولة. وضمت حكومة الوحدة الوطنية 10 أعضاء يتولون مناصب حكومية منذ عهد الرئيس المخلوع. واللافت أنه تم استبعاد كل الأحزاب المعارضة التي توصف بأنها "أحزاب ديكور" (موالية للرئيس بن علي) من حكومة الوحدة الوطنية.