ذكرت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الدولية، أنه من المرجح أن تؤدي ثورة تونس إلى إصلاحات أوسع في العالم العربي، وليس ثورات تؤدي إلى خلع الحكام العرب كافة. وقالت الصحيفة، إن قليلا من قصص التغيير السياسي في قوة ما حدث في تونس، حين قرر شاب جامعي أن يشعل نفسه احتجاجا على تعنت الشرطة معه، ليؤدى إلي ثورة أطاحت برئيس مستبد، مضيفة أن ذلك ألهم العديد من الشباب الذي يعاني من الفقر والبطالة والفساد في شمال إفريقيا ليحرقوا أنفسهم -حتى من قبل هروب زين العابدين إلى السعودية- في محاولة لإشعال شرارة الثورة في بلادهم. لكن وفقا للصحيفة، فإن الخبراء يرون أنه رغم ما أحدثته "ثورة الياسمين" في تونس من صدمة في العالم العربي -سواء للحكام أو المحكومين- إلا أنها لن تؤدي إلى سلسلة من الثورات المشابهة لها، بل الأرجح أن تؤدي إلى إصلاحات سياسية أوسع في العالم العربي. وقال فواز جرجس، مدير مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية: "لا أظن أنه سيكون هناك تأثير الدومينو لثورة تونس على بقية العالم العربي، أو ستقوم ثورة تطيح بالقادة العرب كافة، لكن قد نشهد الآن تغييرا نوعيا في سياسات الدول العربية، لأن الانتفاضة الشعبية في تونس كانت بمثابة (الصدمة) التي سرت في عروق الحكام العرب"، مضيفا "أنها لحظة فارقة في تاريخ العربي الحديث"، موضحا "لقد اتسمت السياسات العربية المعاصرة خلال ال50 عاما الماضيين باللا مبالاة السياسية والخوف، لكن تونس حطمت أسطورة أن العرب لن يجرءوا على الانتفاض ضد معذبيهم وحكامهم المستبدين". وأكد فواز "على المستوى النفسي، فكل ما يحتاجه الأمر هو شرارة مثل مباراة قدم في مصر أو الأردن أو الجزائر للحصول على انتفاضة شعبية". وذكرت الصحيفة أن ثورة تونس مؤشر على نهاية عهد وبداية عهد جديد وتحذير للقادة العرب، مضيفة أن القادة العربي في مصر وليبيا وغيرها من دول عربية عملت على التأكيد بأن الوضع لديها يختلف عن وضع تونس، لكن عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، حذرهم بأن الثورة بمثابة إنذار، قائلا "إن أحداث تونس هي أحداث مهمة وتطور له أبعاد تاريخية، ويشكل بداية عهد جديد ونهاية آخر". وأشارت الصحيفة إلى أن هناك تقارير متزايدة عن محاولات تقليد انتحار الشاب التونسي في الجزائر ومصر وموريتانيا، نتيجة الفقر أو البطالة أو انعدام الحريات، وأيضا تقارير عن اندلاع الاحتجاجات في تونس والأردن، مطالبة بالتغيير السياسي ومعيشة أفضل، مستطردة أنه رغم تشابه الأوضاع في تونس وبقية الديكتاتوريات العربية، إلا أن تونس تميزت بأن من قاد الثورة هناك كانت الطبقة المتوسطة المتعلمة والمتميزة بقوتها، وهو ما لا يتوافر لدى بقية الدول الأخرى مثل مصر والجزائر واليمن. وذكرت الصحيفة أن الإنترنت والشبكات الاجتماعية مثل الفيس بوك وتويتر والقنوات الإخبارية مثل الجزيرة مكنت العرب من متابعة أحداث تونس، وكسر احتكار تدفق المعلومات الذي كانت تمارسه الحكومات، وهو ما علق عليه فواز بقوله "إن الحكام العرب مرعوبون الآن، لأن الخوف تبخر من قلوب الناس، فعندما تقرأ الصحف العربية وتسمع ما يتداوله الناس في الشارع، تجد أن الشعوب بدأت تعيد النظر لظروفها، لذلك تجد الطبقة الحاكمة في مصر واليمن والجزائر الأردن تؤكد أنها ستأخذ خطوات لتحسين الظروف المعيشية لشعوبها". وأضاف فواز: "إن تلك المتابعة لقنت العرب درسا هاما جدا، وهو أنهم (يمكنهم الفعل)، وهو ما أكده العديد من التونسيين الذين أطلق عليهم (جيل أوباما)"، مرجحا أن ذلك سيدفع العديد من القادة العرب القلقين من تكرار النموذج التونسي في بلادهم، للقيام بإصلاحات سياسية أوسع لمنع ذلك. وتختم الصحيفة بقولها، إنه في حين يعيد القادة العرب حساباتهم، فإن الثورة التونسية لم تكتمل بعد مع استمرار المظاهرات ضد حكومة الوحدة الوطنية التي أعلنت، أمس الاثنين، نظرا لاحتوائها على العديد من رموز العهد السابق في وزارات مهمة رغم وجود شخصيات من المعارضة فيها، وتعهدها بتدعيم الحريات السياسية. وطالب المتظاهرون بالتخلص من "بقايا النظام"، وذكر منصف مرزوقي، أحد رموز المعارضة، بأن تونس تستحق أفضل من ذلك بعد وفاة 90 شخصا و4 أسابيع من الثورة الحقيقية، واصفا الحكومة الجديدة ب"الحفلة التنكرية" التى نظمها الموالون لنظام بن علي، الرئيس التونسي المخلوع. ووصف فواز جرجس الوضع التونسي بأنه ما زال شديد التقلب، لوجود صراع مستمر بين المتظاهرين وحزب الرئيس المخلوع، موضحا أن الحزب الحاكم يحاول سرقة نصر الثورة التونسية، فحكومة "الوحدة الوطنية" هي نفس الحرس القديم الذي يحاول صنع وجه أفضل للنظام القديم من خلال أدوات تجميلية.