لا أدرى لماذا قفزت كلمات كثيرة من أقوال الأديب الفلسطينى الراحل غسان كنفانى وأنا أتابع ما يجرى من أحداث على الفضائيات وفى الأخبار بعد فاجعة الاسكندرية، كنفانى الذى ظل مناضلا حتى اغتالته يد ليست بعيدة عن تلك اليد التى اغتالت أبرياء كنيسة القديسين كان يحب الحياة يقدسها ويدافع عن البقاء حتى آخر نفس تذكرته حينما قال «إن حياتى وموتك يلتحمان بصورة لا تستطيع أنت ولا أستطيع أنا فكهما».. تذكرته أيضا عندما قرر المطرب إيمان البحر درويش أن يؤجل طرح ألبومه الجديد حزنا على شهداء المصريين وهو شعور راق من إيمان الذى عنى لفترات طويلة بهموم البلد وهو نفس الموقف الذى اتخذه خالد يوسف بتأجيل عرض فيلمه كف القمر. بعد هذه القرارات تذكرت مقولة كنفانى التى استعان بها أديب آخر لا يقل أهمية هو إلياس خورى ومخرج رائع هو يسرى نصر الله فى فيلم باب الشمس عندما قال «ليس المهم أن يموت أحدنا المهم أن تستمروا». وأنا أشاطره الرأى فهؤلاء الذين أسالوا دماء الأبرياء يريدون لنا ألا نعيش وألا نرى نورا.. يريدون أن يحزن إيمان البحر درويش ويؤجل أغنياته وأن يكتئب محمد منير ويبتعد عن إبداعاته وأن يرفض وجيه عزيز الاستمرار حزنا وكمدا وأن يؤجل كف القمر وأن نيأس ونرفع الراية البيضاء.. هذا ما تريده طيور الظلام التى تحلق حولنا وأسراب البوم التى تسعى لتعشش على أراضينا هذا ما يتمناه من يريد أن يحل الغدر مكان المحبة والكراهية مكان السلام، أرجو أن يعيد خالد يوسف وإيمان البحر درويش التفكير وأن يعودا وأن نعود جميعا معهما أقوى وأكثر حبا للحياة ولو كره الكارهون علينا أن نبدل أحزاننا بإصرار على الوقوف مرة أخرى وأن نذهب إلى موقع الانفجار ونعيد زرع الأمل، هذا ما سيوجعهم أكثر ويؤرق نومهم أكثر فهم يريدون الموت ونحن نريد الحياة. ووسط ذلك وحتى نعيش ونستمتع بتلك الحياة لابد وأن نغير جميعا من أنفسنا وأن ندرك حجم المأساة وأهمية القضية وأن نعيد حساباتنا أو كما قال كنفانى أيضا «إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية فالأجدر بنا تغيير المدافعين لا القضية».