رفض حزب المؤتمر الشعبى العام الحاكم فى اليمن، أمس، دعوة وزارة الخارجية الأمريكية إلى إرجاء مناقشة تعديلات دستورية «مثيرة للجدل» أقرها ب«صورة مبدئية» أمس الأول، وتسمح بالترشح للرئاسة لأكثر من فترتين، فيما اتهم قيادى معارض فى تصريحات ل«الشروق» حكومة الرئيس على عبدالله صالح ب«الخرف السياسى». واعتبر مصدر مسئول فى الكتلة البرلمانية للحزب، رفض الكشف عن هويته، هذه الدعوة «مساسا بالسيادة الوطنية، وتدخلا فى الشئون الداخلية للشعوب». ورد المصدر بذلك على قول وزارة الخارجية الأمريكية التى قالت على لسان الناطق باسمها، مارك تونر، إنها تريد تأجيل هذا التحرك للسماح بمزيد من الحوار بين الحكومة والمعارضة. وكان 170 نائبا من الحزب الحاكم قد وافقوا على بدء مناقشة هذه التعديلات على أن تتم المصادقة عليها خلال ستين يوما، أى فى الأول من مارس المقبل طبقا للدستور، بينما رفض المستقلون ونواب المعارضة، وعددهم 65، المشاركة فى الجلسة، واعتصموا عند مدخل مجلس النواب، رافعين لافتات كتب عليها: «يوم 1/1/2011.. يوم ذبح الدستور والجمهورية وأهداف الثورة». واعتبروا فى بيان أن التعديلات المقترحة «ستهدم ما تبقى من أسس ديموقراطية وتقطع الطريق على أى أمل فى التداول السلمى للسلطة، تمهيدا لتوريثها والقضاء على النظام الجمهورى». وتتضمن التعديلات المقترحة: تخفيض الفترة الرئاسية من سبع إلى خمس سنوات، وإلغاء المادة التى تمنع ترشح رئيس الجمهورية للرئاسة لأكثر من فترتين، اعتماد «نظام المجلسين»، بإنشاء غرفة ثانية فى السلطة التشريعية، وتخصيص «كوتة» للمرأة بمجلس النواب. والرئيس صالح موجود فى السلطة منذ 1978، وقد انتخب للمرة الأولى عام 1999 بالاقتراع العام المباشر لولاية من سبعة أعوام، وتنتهى ولايته الثانية فى 2013، وتتهمه المعارضة بالعمل على توريث الحكم لنجله البكر أحمد، قائد قوات الحرس الجمهورى. المعارضة من جهتها أعربت عن استيائها بعد موافقة البرلمان «بصورة مبدئية» على التعديلات، حيث قال عضو المجلس الأعلى لأحزاب تكتل اللقاء المشترك المعارض نايف القانص ل«الشروق»: إن «أى إجراءات يقدم عليها الحزب الحاكم منفردا فى البرلمان تعتبر باطلة طالما لم تشارك فيها القوى الأخرى.. الحكومة وصلت إلى مرحلة الخرف السياسى، ولا تراعى مصلحة الشعب». ورأى القانص أن «حكومة (الرئيس على عبدالله صالح) أصبحت مهزوزة»، مشددا على أن «المعارضة تتعامل مع الواقع الوطنى، ولا تراهن على القوى الخارجية، بل تراهن على قوى الشارع». وحذر من أنه إذا تم تمرير هذه التعديلات «فستتحول الساحة السياسية إلى بؤر للصراع ومجال خصب للأطماع الأجنبية، حيث ستسقط آخر شعرة بين الحكومة والمعارضة.. وإذا سارت البلاد فى هذا الاتجاه فستواجه مصيرا كارثيا أسوأ بكثير مما يمكن أن تواجهه دول عربية أخرى مثل السودان ومصر.. فليس لديهما حوثيون فى الشمال ولا حراك (يدعو للانفصال) فى الجنوب ولا شعب مسلح». وينص اتفاق تم التوصل إليه فى فبراير 2009 بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة البرلمانية على البدء بحوار لدفع البلاد إلى نظام برلمانى، لكن هذا الحوار يراوح مكانه.