"البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    نتنياهو يزعم بوجود قضايا لم تنجز بعد في الشرق الأوسط    الخارجية الروسية: الحوار بين روسيا والاتحاد الأوروبي لن يظل مقطوعا إلى الأبد    قوات الجنوب تؤكد السيطرة الكاملة على حضرموت    الأونروا: قطع الكهرباء والمياه عن مكاتبنا بالقدس تصعيد خطير    أرسنال يكتسح أستون فيلا برباعية ويعزز صدارته للدوري الإنجليزي    نتائج الجولة 19 من الدوري الإنجليزي الممتاز.. تعادلات مثيرة وسقوط مفاجئ    نتيجة مباراة آرسنال ضد أستون فيلا اليوم: رباعية الجانرز    مصرع طفل صدمه قطار أثناء عبور مزلقان العامرية في الفيوم    لهذا السبب... إلهام الفضالة تتصدر تريند جوجل    ظهور نادر يحسم الشائعات... دي كابريو وفيتوريا في مشهد حب علني بلوس أنجلوس    رامز جلال يشعل مبكرًا أجواء رمضان 2026... ووفاء عامر تضع رقمًا صادمًا للمشاركة    الخميس.. صالون فضاءات أم الدنيا يناقش «دوائر التيه» للشاعر محمد سلامة زهر    برسالة غامضة.. محمد إمام يثير الجدل.. اعرف التفاصيل    اكتمال ملامح ثمن نهائي أمم إفريقيا.. 16 منتخبًا تحجز مقاعدها رسميًا    قبل المباراة المقبلة.. التاريخ يبتسم لمصر في مواجهة بنين    تراجع طفيف للأسهم الأمريكية في ختام تعاملات اليوم    القومية للأنفاق: نعمل على الكارت الموحد لاستخدام جميع وسائل النقل    مندوب الصومال يفحم ممثل إسرائيل بمجلس الأمن ويفضح جرائم الاحتلال المستمرة (فيديو)    التعثر الأول.. ثنائية فينالدوم تفسد أفراح النصر ورونالدو في الدوري السعودي    الرئيس الإيراني: رد طهران على أي عدوان سيكون قاسيًا    مصرع شخص صعقا بالكهرباء في سمالوط بالمنيا    قرارات حاسمة من تعليم الجيزة لضبط امتحانات الفصل الدراسي الأول    منال رضوان توثق الضربات الإسرائيلية على طهران في روايتها «سماء مغادرة»    ندى غالب ومحمد حسن ورحاب عمر يحيون حفل رأس السنة فى دار الأوبرا    دويتو غنائى مبهر لشهد السعدنى ومحمد تامر فى برنامج "كاستنج"    د هاني أبو العلا يكتب: .. وهل المرجو من البعثات العلمية هو تعلم التوقيع بالانجليزية    غدًا.. محاكمة 3 طالبات في الاعتداء على الطالبة كارما داخل مدرسة    حلويات منزلية بسيطة بدون مجهود تناسب احتفالات رأس السنة    أمين البحوث الإسلامية يلتقي نائب محافظ المنوفية لبحث تعزيز التعاون الدعوي والمجتمعي    الحالة «ج» للتأمين توفيق: تواجد ميدانى للقيادات ومتابعة تنفيذ الخطط الأمنية    ملامح الثورة الصحية فى 2026    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة «العمل» تصدر قواعد وإجراءات تفتيش أماكن العمل ليلًا    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    عبد السند يمامة ‬يعتمد ‬التشكيل ‬النهائي ‬للجنة ‬انتخابات ‬رئاسة ‬الحزب    فيتالي يارمولينكو: أوكرانيا دائمًا تسعى للسلام ولا تستهدف بوتين    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    خالد الجندي: القبر مرحلة في الطريق لا نهاية الرحلة    نهاية تاجر السموم بقليوب.. المؤبد وغرامة وحيازة سلاح أبيض    الداخلية تضبط أكثر من 95 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    كشف ملابسات مشاجرة بالجيزة وضبط طرفيها    السيطرة على انفجار خط المياه بطريق النصر بمدينة الشهداء فى المنوفية    حقيقة تبكير صرف معاشات يناير 2026 بسبب إجازة البنوك    الأهلي يواجه المقاولون العرب.. معركة حاسمة في كأس عاصمة مصر    رئيس جامعة العريش يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بمختلف الكليات    الأمانة العامة لمجلس النواب تبدأ في استقبال النواب الجدد اعتبارا من 4 يناير    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    الزراعة: تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر.. ورفع جاهزية القطعان مع بداية الشتاء    وزارة العدل تقرر نقل مقرات 7 لجان لتوفيق المنازعات في 6 محافظات    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    بنك مصر يخفض عائد شهادة 3 سنوات إلى 16%    جهاز القاهرة الجديدة: كسر بخط مياه فى شارع التسعين وجارى إصلاحه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    نسور قرطاج أمام اختبار لا يقبل الخطأ.. تفاصيل مواجهة تونس وتنزانيا الحاسمة في كأس أمم إفريقيا 2025    الشرطة الأسترالية: منفذا هجوم بوندي عملا بمفردهما    طقس اليوم: مائل للدفء نهارا شديد البرودة ليلا.. والصغرى بالقاهرة 12    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعم القرار والحوكمة الرشيدة
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 12 - 2010

يحتفل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصرى هذه الأيام بمرور خمسة وعشرين عاما على إنشائه، والاحتفالية هنا أو فى أى مكان آخر هى مجال للاغتباط بالفعل بقدر ما هى مجال لتأمله واستخلاص الدروس منه. وأحسب أن القائمين عليه وعلى رأسهم الأكاديمى الفذ الدكتور ماجد عثمان على وعى بهذا الهدف فى إقدامهم على هذه الاحتفالية.
وإذا كان الاغتباط بهذا الحدث هو أمر مشروع لكل من شارك فيه، فإن المشتغلين بالعلوم الاجتماعية هم أشد الناس سعادة وغبطة.
لقد وسع المركز من نشاطه فى السنوات الأخيرة ليغطى مجالات ومعلوماتية عديدة، لا تقتصر على تجميع المعلومات وعرضها، بل تتجه إلى إجراء البحوث العلمية والرصد العلمى الدقيق، ولقد أدى ذلك إلى فتح آفاق بحثية فى مجال التنمية والقيم وتنمية عادات القراءة واكتشاف الموهوبين وتنمية الانتماء والخطاب الدينى والعنف والفقر والحركات الاجتماعية، هذا بجانب التطور فى أساليب استطلاع الرأى العام ودراسات المستقبل والعقد الاجتماعى وغير ذلك من المجالات.
ويعكس هذا التطوير توجها نحو التواكب مع متغيرات عالمية وإقليمية فرضت موضوعات وقضايا جديدة فى رسم السياسات العامة، كما يعكس انفتاحا على الفكر المتجدد الذى يؤمن بأهمية الفهم الشامل الذى يستفيد من خبرات علوم وتخصصات مختلفة بما فيها العلوم الاجتماعية.
ويبدو أن الموقف أبعد من ذلك وأعمق، فإذا كان التنوع المعاصر فى أنشطة المركز يعكس تطورا وانفتاحا على جديد الفكر والعلم وركائز صناعة القرار والحكم الرشيد، فإن المركز نفسه يُعد انتصارا لفكر جديد، فكر يعتمد على مبادئ مهمة منها أن السياسات التى لا تبنى على حقائق وأدلة من الواقع هى سياسات لا استمرارية لها، ومآلها أقرب إلى الفشل منه إلى النجاح. ومن هذه المبادئ أن الحوكمة الرشيدة (أو الحكم الصالح) لابد وأن تبنى على الشفافية والاستدامة.
ولا يمكن تحقيق هذين الشرطين إلا فى إطار وعى حقيقى موثق بالمشكلات القائمة، ومظاهر النجاح والفشل، ومظاهر السلبية والإيجابية، وجمع معلومات صادقة حول الواقع الذى نحن بصدد إصدار سياسات أو قرارات بشأنه.
فالمعلومات والحقائق الموثقة عبر المنهج العلمى هى التى تجعل القرار رشيدا بحق، وهى التى تمنح السياسة العامة التى تبنى عليها الاستمرارية والدوام، شريطة أن تؤخذ هذه المعلومات مأخذا جادا وأن تكون هى ذاتها دقيقة وصادقة.
إن صانع القرار هنا لا يجلس فى برج عاج كما أنه لا يفترض أنه عارف ببواطن الأمور، ولكنه يتصرف كرجل مهنى، صاحب حرفة أو مهنة، يدرس وينقب ويبحث ويجمع معلومات قبل أن يشخص ويصدر قرارا.
ومن ثم فإن القرار لا يصدر عن الهوى أو من أجل الهوى، وإنما يصدر بناء على شعور عميق بالمسئولية الاجتماعية والأخلاقية، ورؤية شاملة للصالح العام والخير العام.
وتقدم لنا الخبرة التاريخية دروسا مفيدة فى هذا الصدد، وهى دروس تؤشر على أن الأدلة التى تقدمها البحوث العلمية (الاجتماعية) يمكن أن تفيد لا السياسات فقط، ولكن مجرى التاريخ نفسه.
فالمتأمل لظهور فكرة دولة الرفاهية فى المجتمعات الأوروبية الغربية يجد أنها بنيت على حقائق ومعلومات جمعتها البحوث العلمية الاجتماعية حول أحوال عمال الصناعة وأحوال الفقراء فى المدن. لقد لفتت هذه الحقائق الأنظار إلى أن الرأسمالية الناهضة التى يتأسس عليها النظام الاقتصادى ينتج صورا من الفوارق الطبقية، وأن الظروف التى يعيشها العمال لا تتلاءم مع هذه النهضة التى ترفع مبادئ المساواة والعدالة والديمقراطية. ساهمت هذه البحوث فى تأهيل الذهنية العامة فى بريطانيا الرائدة فى سياسات دولة الرفاهية إلى أهمية إعادة النظر فى سياسات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والإسكان لكى ترتفع بأسلوب حياة الطبقة العاملة، وهو ما عرف بسياسات دولة الرفاهية. وقد نجحت هذه السياسات فى إيجاد مجتمع جديد يشعر المواطن فيه بروح المساواة والعدالة بصرف النظر عن الموقع الطبقى الذى يشغله.
لقد كانت الحكومات التى دفعت بهذه السياسات إلى الأمام رشيدة بحق. وأنا أشعر دائما بأن حكوماتنا المتتابعة تسعى إلى هذا النوع من الرشد عندما تبنى قراراتها على نتائج وعلى أدلة وشواهد من الواقع، وعندما تنشر نتائج البحوث دون خوف، وعندما تعترف بنقاط الضعف قبل أن تعترف بنقاط القوة، وهذه ثقافة جديدة فى مجتمعنا أحسب أن مركز دعم القرار بمجلس الوزراء المصرى قد ساهم بدور بارز فى بثها ونشرها.
ونحن بحاجة إلى أن ندعم هذه الثقافة الجديدة، وأن ننشرها لا فى عملية دعم القرار على المستوى المركزى فحسب، بل على المستوى المحلى أيضا، بل أحسب أننا بحاجة إلى أن تتحول هذه الثقافة إلى أسلوب حياة للأفراد والجماعات والمؤسسات، فكما نحلم بأن يكون نظام الحوكمة شفافا ونزيها ودائم التأمل فى سلبياته من أجل أداء أفضل وجهد أخلاقى أفضل، فإننا يجب أن نحلم بأن يكون هذا أسلوب تفكير وأسلوب حياة فى كل المجالات وعلى كل المستويات.
فإذا كانت الحكومة الفاضلة الرشيدة هى التى تعتمد فى قراراتها على الشفافية والصدق مع الواقع الذى تتعامل معه، وتتأمل إنجازاتها وعثراتها بشكل مستمر، فإن هذا هو أيضا سمة الفرد الفاضل الرشيد والمؤسسة الفاضلة الرشيدة والتنظيم الفاضل الرشيد.
وحتى تسود هذه الثقافة بيننا، فما علينا إلا أن نشكر من يبثها أو يحقنها فى أوصال الوطن، عبر أعمال وانجازات مضيئة، فردية كانت أم مؤسسية، وعلى رأسها هذه الإضاءات المنبعثة من مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.