يواصل مجتمع الشك، الذى هو مجتمعنا، ترسيخ شكوكه، بفتح الباب أمام الاستعانة بالحكام الأجانب. وكل فريق يلعب الآن أمام الأهلى أو الزمالك يرغب فى الاستعانة بهم.. وقد طلب الاتحاد السكندرى حضور طاقم أجنبى لإدارة مباراته مع الأهلى.. وهو ما فعله سموحة قبله، ما تفعله فرق أخرى مع الزمالك. فتح الباب أمام التحكيم الأجنبى يستحق وقفة، فمن جهة، هذا إهدار للمال العام وللخاص، ثم إنها دعوة صريحة للأجانب، ولفقدان الثقة فى المصرى، وهذا أمر خطير، فالحكاية تتعدى حدود ملعب كرة القدم، لأنها تخترق عقول أطفال صغار وشباب، يكبر وفى ضميره الواعى فقدان كامل للثقة فى محيطه.. ومهما كانت أخطاء التحكيم المصرى فإن الواجب أن يكافح اتحاد الكرة ولجنة الحكام هذا الإسراف.. وقد يبدو عند البعض أنها لعبة فوق عشب أخضر، يخوضها 22 لاعبا ويتصارعون على بالونة كبيرة، ويحكم بينهم رجل يرتدى قميصا لونه فوشيا.. وينسى هؤلاء أن هذا الرجل هو مندوب العدالة والمساواة.. وينسى الجميع أن الحكام الأجانب يقعون فى أخطاء جسيمة وكبيرة فى كأس العالم وهى أهم من الدورى ومن لقاء سموحة مع الاتحاد.. لماذا تغفرون للأجنبى مالا تغفرونه للمصرى؟ إن خطر ترسيخ فكرة الأجانب أخطر مجتمعيا من حدود الملعب.. والنتيجة أننا أصبحنا دائما فى شهادة من الأجانب.. فنان أجنبى.. حكم أجنبى.. سائح أجنبى نسأله نفس السؤال العبيط كلما حضر: رأيك إيه فى مصر؟! باتت المناشدة نشيدا وطنيا، ويبقى أن أناشد، إدارات الأندية وقياداتها والأجهزة الفنية وكبار النجوم واللاعبين مساندة الحكم المصرى، وعدم الإدلاء بتصريحات تثير الشك فى قراراته، وفى شخصه.. وأن يواجه هؤلاء جميعا أوجه القصور فى فرقهم بشجاعة.. كما أناشد الزملاء فى الإعلام بكل مستوياته عدم التشكيك فى الحكام وفى ذممهم بالتجريح والتشويه، دون الإخلال بواجباتهم كإعلاميين فى حقهم بنقد مستوى أداء الحكم.. أناشدكم جميعا لأن كرة القدم لعبة شعبية، وما فيها يدخل العقول والقلوب بأسرع مما نتخيل، فيحفظ الطفل الصغير أن الأجنبى أكثر عدلا من المصرى.. وما نحن فيه من شك، هو من نتاج غياب الوعى العام الذى ذهب.. ترى متى يعود؟! ها هى الدائرة تتسع شأن كل الدوائر، فقد بدأ سموحة التفكير فى الاستعانة بطاقم أجنبى لمباراته مع الاتحاد السكندرى، فيما وصف بأنه «لقاء القمة بالإسكندرية».. وهذا فى إطار الإسراف اللغوى الذى لا يقدر قيمة الكلمة ولا قيمة الحدث، فكل مباراة هى قمة، أو دربى، وكل فوز هو بطولة، وكل انتصار هو تاريخى.. وباتت عندنا قمة بنى عبيد، وقمة كفرالزيات، وقمة كفرطهرمس.. وقمة كفرالأنتيل، وأتوقع عتابا عنيفا من «الإنتيلييين» طبعا؟!