فى بلاد تركب الأفيال، أجروا انتخابات رئاسية بين مرشح معارض ورئيس حالى منتهية ولايته.. أسفرت عملية التصويت والفرز عن إعلان فوز المرشح المعارض.. غير أنه بينما يستعد الفائز لأداء القسم وتسلم السلطة أعلن الرئيس المنتهية ولايته وصلاحيته لحكم البلاد أنه فاز فى الانتخابات وسارع إلى أداء اليمين الرئاسية. وهكذا أصبحت ساحل العاج دولة برئيسين، أحدهما شرعى منتخب، والآخر التصق بمقعده الرئاسى ولا يريد أن يتزحزح عنه مادام حيا.. وبين الرئيسين وقف العالم مذهولا، الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقى وضمير العالم الحر اعترفوا بفوز المرشح المعارض حسن وتارا وأحقيته فى حكم البلاد، فيما تمسك الرئيس السابق بكرسى الحكم محميا بالجيش. ولا يخلو المشهد من بعض الكوميديا، لا تقل بأى حال من الأحوال عن كوميديا المسرح المصرى، إذ ردد الرئيس غير الشرعى فى القسم أنه يتعهد بحماية إرادة المواطنين، هذا فى الوقت الذى كان فيه المواطنون يهتفون خارج قصره، مطالبين بالرئيس المعارض. غير أنه على الرغم من كوميديا المشهد وعبثيته تبقى بعض الحقائق الناصعة، فى مقدمتها أن معارضا أتيحت له فرصة الترشح، وأدار معركة انتخابية لم يتهم خلالها بالعمالة أو الاستقواء بالأجنبى، ثم حصل على أعلى الأصوات.. ثم أعلنت اللجنة العليا للانتخابات فوزه.. فى جملة واحدة أصوات الناخبين صنعت تغييرا فى مؤسسة الرئاسة، بصرف النظر عن أن الرئيس غير الشرعى رفض الاعتراف بالهزيمة ومغادرة أرض الملعب. ولأن الشيطان شاطر، فإنه سيدفعك حتما لمقارنة أوضاع بلادنا التى تركب التوك توك، بتلك البلاد التى تركب الأفيال، فالحاصل عندنا أن بلد الثمانين مليونا من البشر على أبواب مأزق مضحك، يتمثل فى أنها ليست قادرة على الدفع بمرشح معارض عليه القيمة لمنافسة الرئيس الحالى فى الانتخابات المقبلة. فالذى حدث ببساطة أنهم عدلوا الدستور بما يقطع الطريق على أى شخصية محترمة تفكر فى ترشيح نفسها لانتخابات الرئاسة.. ثم جاءوا ببرلمان يشبه تلك المجالس النيابية التى ودعها الاتحاد السوفييتى ودول الكتلة الشرقية منذ سنوات، بل هو أشد بؤسا بما يجعله أشبه بمصطبة العمدة فى القرن قبل الماضى. ولكنك وأنت ترتكب خطيئة المقارنة بين المشهدين، وتسمح لخيالك الشرير بأن يحلم بيوم يأتى على مصر تركب فيه الأفيال، لن تعدم أن يخرج عليك أحدهم قائلا: إن الديمقراطية خطر على الأمن القومى، بدليل أن ساحل العاج قد تندفع إلى حرب أهلية نتيجة تعاطى الممارسة الديمقراطية وإجراء انتخابات سليمة.