التعليم العالي: مد التقديم لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية العامة حتى 30 يوليو    «المصدر» تنشر أحكام المحكمة الدستورية العليا ليوم 5 يوليو 2025    بنك saib ضمن أقوى 50 شركة في مصر لعام 2025    نائب محافظ الجيزة يبحث تطوير المنطقتين الصناعيتين بالصف وجرزا    إصابة نتنياهو بالتهاب في الأمعاء    اضطراب حركة الملاحة الجوية في مطارات موسكو جراء هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية    وزير الداخلية يستقبل نظيره القمري لبحث تعزيز التعاون الأمني    بلدة تايوانية تشهد أسوأ أضرار جراء الأمطار منذ 50 عاما    مكتب نتنياهو: رئيس الوزراء يعاني من التهاب في الأمعاء    وسام أبو علي يودع جماهير الأهلي بفيديو مؤثر    صراع إنجليزي على كولو مواني بعد تألقه مع يوفنتوس    بايرن ميونخ يقترب من ضم لويس دياز بعد رفض عرضين    مصدر من الاتحاد ل في الجول: نتفاوض مع المصري لضم لاعبه.. ومركز آخر يحتاج للتدعيم    نتيجة الثانوية العامة 2025 على الأبواب.. التعليم تستعد لإعلانها قبل نهاية يوليو.. مصادر تكشف حقيقة تسريبها.. وتزف بشرى سارة للطلاب وأولياء الأمور    تخفيف عقوبة البلوجر روكي أحمد إلى شهر مع إيقاف التنفيذ في بث فيديوهات خادشة    جنايات بنها تحيل أوراق متهم بقتل زوجته إلى مفتي الجمهورية    جامعة القاهرة تحتضن فعاليات النسخة الرابعة من ملتقى شباب المعرفة (صور)    المفتي: الذكاء الاصطناعي امتداد للعقل الإنساني.. ويجب ضبط استخدامه بميثاق أخلاقي عالمي    حصول وحدة السكتة الدماغية بقصر العيني على الاعتماد الدولي    شعبة الأدوية: الشركات الأجنبية تقلص حجم إنتاجها في السوق المحلية.. وبعضها تستعد للتخارج    الجبهة الوطنية يكثف نشاطه وجولاته الإنتخابية لدعم مرشحه بالبحيرة    مدرب الزمالك السابق بعد ظهور فتوح مع إمام عاشور: «اتفق معاك على 2 مليون؟»    محمد حمدي يعلق على فترة تواجده بالزمالك واعتزال شيكابالا وانتقال زيزو للأهلي    بسبب طول الموسم الماضي.. الريال قد يجدد طلبه بتأجيل جولته الأولى بالدوري    قيادي بالمؤتمر: بيان الداخلية يكشف الوجه القبيح للإرهاب الإخوانى.. ويقظة الأمن أفشلت مخططتهم لاستهداف الوطن    يونيو و يوليو ثورتان من أجل التحرر و العدالة الاجتماعية    برلمانيون: الأجهزة الأمنية تواجه بكل حزم كافة المخططات الإرهابية    «المالية» تُخصص 5 مليارات جنيه لجهاز تنمية المشروعات    وزير الصناعة والنقل يتفقد 3 مصانع كبرى في مدينة العبور بمحافظة القليوبية    تفاعل جماهيري مع فلكلور القناة في مهرجان "صيف بلدنا" بمطروح    مجلس الوزراء: "حياة كريمة" تُغير وجه القرى المصرية.. شرايين التنمية تنبض في محافظة الشرقية    رابط الاستعلام عن مخالفات المرور 2025 والخطوات وطرق السداد    انطلاق فعاليات حملة «100 يوم صحة» بالإسكندرية    احذر هذه الأخطاء ال 8 عند تناول بذور الشيا.. فوائدها قد تنقلب ضدك    توفى بعدها بدقائق.. تشييع جثامين أم ونجلها من كنيسة الأزهرى ببنى سويف.. صور    محافظ سوهاج: توريد أكثر من 183 ألف طن قمح حتى الآن    شيحة: لدينا هيئة وطنية مستقلة تشرف على الانتخابات وتحقق نوعا من التوازن    طلب أخير من وسام أبوعلي لعمال غرفة ملابس الأهلي.. أحمد حسن يكشف    قناة "مصر قرآن كريم" تحيى ذكرى رحيل الشيخ محمود علي البنا    قبل طرحه.. تفاصيل 10 أغنيات تقدمها آمال ماهر في ألبوم «حاجة غير»    ندوة لمناقشة كتاب "ثورة عبد الناصر" ووثائق ثورة يوليو للمؤرخ جمال شقرة.. الأربعاء 23 يوليو    عاجل- السيسي يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية بحضور وزير الدفاع المصري    جنبلاط: أي دعوة لحماية دولية أو إسرائيلية تشّكل مسّاً بسيادة سوريا    نيويورك تايمز: روسيا حققت مكاسب كبيرة على الأرض فى أوكرانيا خلال يونيو    مصرع سيدة سقطت من الطابق الثامن في الإسكندرية.. ونجليها: ألقت بنفسها    الشيخ أحمد خليل: البركة في السعي لا في التواكل    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    رحلة الرزق انتهت.. حوض المرح ابتلع الشقيقات سندس وساندي ونورسين بالبحيرة    غلق 143 محلًا لمخالفة قرار ترشيد استهلاك الكهرباء    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    ضم تخصصات جديدة، كل ما تريد معرفته عن تعديل قانون أعضاء المهن الطبية    زكى القاضى: إسرائيل لا تريد رؤية الفلسطينيين وتسعى لتفنيذ مخطط التهجير    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    «بين الخصوصية والسلام الداخلي»: 3 أبراج تهرب من العالم الرقمي (هل برجك من بينهم؟)    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللعب أمام المرايا
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 04 - 2009

فى مجتمع «الثكنة» الإسرائيلية، يعاد هذه الأيام إنتاج مفهوم قديم، أشاعته النازية فى أربعينيات القرن الماضى حول السلام، حيث اعتبرت أن الحرب هى أقصر الطرق إلى السلام. وكان «السلام» النازى يعنى السيطرة على الأراضى المجاورة والهيمنة على الشعوب الأخرى، من خلال الغزو بالقوة المسلحة، واستخدامها بشكل مفرط.
فى مجتمع «الثكنة» الإسرائيلية، يتطور الآن الخطاب السياسى السائد بشكل دائرى، ليعيد إنتاج هذا المفهوم النازى للسلام، وصولا إلى المربع الأول، مربع القوة كمعيار وحيد لحل الصراع العربى الإسرائيلى، وفق رؤية صهيونية عنصرية، مرجعيتها الخرافة وإسكات التاريخ الفلسطينى، ونظرية الإحلال.
اختارت إسرائيل، على مر العهود الماضية، أن تبقى قلعة حصينة، خلف جدر حديدية أو إسمنتية مسلحة، تعيش على قوة الردع، بما فيه الردع النووى، وعلى الرهان الدائم على خلق وتعزيز تنافر وصراعات وانقسامات بين الدول العربية. والنظر إلى التفاوض من أجل السلام، باعتباره «عملية» يسهل تفريغها من أى مضمون وطويلة المدى، ويتم فيها تقديم تنازلات عربية وفلسطينية على شكل متوالية من حساب الحقوق الثابتة غير القابلة للتصرف.
وها هم اليوم، قادة هذه الثكنة الاستيطانية، يواصلون لعبة تكريس الواقع الاحتلالى والاستيطانى، ويبدو أنه كلما جنح العرب إلى السلام، سال المزيد من لعاب مجتمع «الثكنة» على المزيد من الأرض، والمزيد من انتهاك حقوق العرب وكرامتهم.
ومن المضحك المبكى، أن من كان يتسوّل الاعتراف بحقه فى البقاء قبل أكثر من ستين عاما، أصبح اليوم، هو الذى يمنح هذا الاعتراف أو يحجب هذا الحق عن فلسطينيين وعرب، وأحيانا عن غير العرب.
مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، التى مازالت مستمرة منذ أكثر من عقد ونصف العقد، ووفق الإستراتيجية الصهيونية، لا يحكمها مبدأ إنهاء الاحتلال وإزالته، وإنما سياقات تفاوضية مرتبكة تبحث عن «حلول» أو «مخارج» ل «خلاف حدودى» ولنزاع حول إدارة أماكن مقدسة وأراض مختلف على ملكيتها.
وفى ظل هذا الواقع الذى تصنعه القوة الإسرائيلية على الأرض، حربا واستيطانا وتهويدا وقضما للأرض، تجرى عمليات التخدير والطلاء الدولية لما تسمى «عملية السلام» الجارية. ويتم التربيت على أكتاف شارون وأولمرت ونتنياهو وليبرمان، والمحصلة لا تحتاج إلى إبانة. وتفاصيلها وتجلياتها مبثوثة فى شقاء الفلسطينيين، ونسيج حياتهم، بدءا من اليومى العابر، حتى الكلى المتعلق بالأمل والمستقبل، ومرورا بشلال الدم المتدفق، وتصاعد نزعات الغلو والكراهية الجماعية.
من حق العرب، وبخاصة مَن جَنح منهم للسَلّم، ألّا يظلله أحد فى المجتمع الدولى بعد الآن، وأن يقول له هذه الأيام «أعطنا المزيد من التنازل لطمأنة الشعب الإسرائيلى»، فعلى الأرض لم يبق ما يمكن التنازل عنه، وإذا تواصل مسلسل الاستيطان والاجتياحات والحصار والكانتونات، فإن الفلسطينيين سيفاوضون وهم واقفون فى العراء البارد، وعلى قارعة طريق ترابى بين حاجزين عسكريين.
نعرف أن كثيرين من ساسة العالم، وبخاصة فى أوروبا، قد ضجروا وأصابهم الغثيان بسبب السياسات الإسرائيلية المراوغة، وخطاب الغاب السائد فى الثقافة الإسرائيلية، ونعرف أن الذاكرة الأوروبية مازالت مسكونة بأشباح آثمة إزاء اليهود خلال الفترة النازية. لكن العدالة والشرعية الدولية والموقف الأخلاقى، قد آن الأوان لحضورها واحترامها وفرضها على ضحية الأربعينيات، خاصة بعد أن أصبحت هذه الضحية جلاّدا محترفا فى الإبادة والابتزاز وانتهاك القانون الدولى الإنسانى وقرارات الشرعية الدولية.
مطلوب من قادة أوروبا الفاعلين، ومن دعاة التغيير فى واشنطن، عدم التهرب من مواجهة اللحظة الحرجة والحاسمة فى الشرق الأوسط. فالمبادرة العربية للسلام، مازالت حتى هذه اللحظة على الطاولة، رغم صمت وخذلان العالم لها طوال السنوات السبع الماضية. وقد تواصل خلالها الاحتلال وتعززت شروره وتداعياته.
إن المشهد العام العربى والفلسطينى الآن، مخلخلٌ بشكل غير مسبوق، وهو أحوج إلى التماسك وإلى ديناميات الجمع لا القسمة والتشرذم والتذرر. وبدون التماسك.. لا قيمة للمبادرة العربية للسلام، سواء بقيت على الطاولة أو تبخرت فى الهواء وانتهت صلاحيتها.
ثمة تحولات عاصفة تجرى فى فضائنا ومحيطنا، تمس المصالح العربية فى عصبها الحى. وما لم تتوصل القوى الحية ومؤسسة القمة العربية فى وطننا العربى، إلى ممارسات إنقاذية لاستدراك ما يمكن استدراكه، ووقف التذرر فى المواقف، فإننا سنجد أنفسنا فرادى أو مجتمعين متورطين بالمزيد من خطوط الخلاف، ما يجهز على آخر ما تبقى من رجاء، لتجاوز حالة الاستنفاع السياسى التى نعيشها.. عندها فقط، ستصبح المبادرة العربية للسلام وهى فى أيدينا أو فى خطابنا، مثل الكرة التى نلعب بها أمام المرايا، فنسجل أهدافا فى مرمانا ليس إلاّ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.