رغم محاولات أحزاب المعارضة وبعض المستقلين والإخوان المسلمين اختراق المشهد السيناوى ببرامج سياسية متباينة فإن حسابات التمثيل القبلى هى الشغل الشاغل لغالبية المواطنين فى سيناء، ما بين متقبل لطرح أسماء مرشحى الحزب الوطنى وممتعض لتجاهل الحزب الوطنى لقبائلهم فى الترشيح، والجميع متفق على أن تمثيل القبيلة برلمانيا أولا ثم الطرح السياسى لاحقا. من المعلوم أن سيناء يقطنها ما يزيد على عشرين قبيلة ذات أصول بدوية لغالبيتها، خلافا لسكان المدن من الحضر، ولا يستطيع الحزب الوطنى تجاهل هذه التركيبة السكانية بشرائحها المتعددة، فنجده فى الشمال اختص أبناء القبائل بالترشيح ومنهم 15 مرشحا ومرشحة بينهم 13 من أبناء القبائل واثنان من أبناء العائلات الصغيرة. إلا أن أبناء وسط سيناء لا يزالون غير راضين عن قائمة تلك الترشيحات لتجاهلها مرشحيهم من أبناء القبائل وخاصة الترابيين إحدى كبريات قبائل سيناء، وقد حاول اثنان من المرشحين كسر تجاهل الحزب الوطنى لوسط سيناء فرشحا أنفسهما كمستقلين، ورغم فرص النجاح الضئيلة إلا أنهما يضعان وسط سيناء على المحك الانتخابى، ونجد أن المرشح المستقل محمد الاحيوى يصفها بمنطقة المحرومين، ويعنى أن سكانها أُسقطوا دائما من أجندات مهام الحكومة التنموية. وتحاول الأحزاب السياسية المعارضة «التجمع والوفد» طرح برامج سياسية مستقاة من أفكار تلك الأحزاب خاصة أن الأزمات المتلاحقة التى انتابت المشهد السيناوى خلال السنوات الأخيرة جعلت من الضرورى عدم تجاهل الطرح السياسى لحل تلك الأزمات وهو طرح يحمل مطالب سياسية اقتصادية وأمنية أيضا فنجد أنه من غير الممكن تجاهل قضية الاعتقالات والقضايا الغيابية وانعدام الاعتراف بملكية الاراضى وطالب تم وضعها على مقدمة تلك البرامج الدعائية. ونجد أن حزب التجمع رغم صعوبة الطرح الايديولوجى لليسار فى منطقة قبلية الطابع إلا انه يطرح أفكاره برقى يصل إلى الوضع العام فى جمهورية مصر العربية، وبادر بتسمية اثنين من المرشحين احدهم فى العريش والآخر فى المنطقة القبلية الشيخ زويد ورفح ووسط سيناء مستخدما رصيده فى دعم احتجاجات الأهالى ومظاهرات التأييد للمقاومة الغزية وحملاته الناجحة للإفراج عن المعتقلين منذ أحداث طابا وما خاضته لجنته الشعبية طوال السنوات الماضية، بينما يركز حزب الوفد حملته الدعائية فى مدينة العريش لوجود مرشحيه فيها ولا يستثنى الوفد البعد القبلى لخارطة التصويت الانتخابى حيث يزور رموزه مجالس العائلات لحشد أصواتهم خلف مرشحيه. ولم يغب المستقلون أيضا عن الطرح السياسى المميز فنجد شريحة مهمة من الأهالى تحشد خلف المرشح المستقل محمد المنيعى فى برنامج سياسى يحمل مطالب أمنية ومنها الإفراج عن المعتقلين وإسقاط الأحكام الغيابية ومطالب أخرى تنموية فى الدائرة الثانية ليشكل سقفا مرتفعا للمطالب الأهلية فى هذه الانتخابات، وكذلك يخوض عميد شرطة سابق، رشدى غانم، مستقل فئات، فى العريش بسقف أيضا مرتفع فى المطالب الأمنية والتنموية. وكذلك الإخوان المسلمون الذين يخوضون لعبة الانتخابات ويحدوهم أمل كبير فى اقتناص مقعد الفئات فى العريش خاصة وأنهم وصلوا لمرحلة الإعادة فى الانتخابات السابقة للشعب إلا أن كوادر الجماعة فى شمال سيناء لا نجد حديتهم فى طرح برنامجهم السياسى على غرار بقية المحافظات واتسمت قياداتهم بالتوافق مع الأجهزة الأمنية والتنفيذية طوال السنوات الماضية. ومن اللاعبين الجدد فى المشهد الانتخابى هو ترشح قبطية لأول مرة فى مجمع الحزب الوطنى ولم يتم اختيارها بينما تقدم مرشح قبطى مستقل فى مدينة العريش وهى المرة الأولى فى تاريخ سيناء الانتخابى الذى يتقدم فيه أقباط للانتخابات رغم إدراكهم للتركيبة القبلية فى سيناء. وبالنسبة لكوتة المرأة فالسخط الأكبر انصب من المرشحات اللاتى تم استبعادهن من مجمع الوطنى لعدم رضائهن عن اختيار مرشحتين وعدم فتح قائمة المرشحات على غرار قائمة الرجال المفتوحة فى دوائر شمال سيناء الثلاث ووجهت المستبعدات انتقاداتهن لأمين الحزب الوطنى لكونه يحابى المرشحات المختارات لأسباب غير سياسية بالمرة بل ووقوفهن انتخابيا ضد مرشحات الحزب. وفى خلفية المشهد الانتخابى لا يزال يساور الكثير من المواطنين اشتعال حدة الخلاف القبلى باقتراب موعد الانتخابات وهو الخط الأحمر الذى يحاول الجميع عدم تجاوزه خاصة مع انتشار السلاح فى يد كثير من المواطنين واستخدامه خلال العملية الانتخابية سيجر المنطقة إلى صراعات غير محمودة العواقب. وقالت مصادر أمنية إن هاجس المشاحنات الأهلية يطغى حاليا على تفكير قادة الأجهزة الأمنية المحلية وللخروج من هذه المعركة الانتخابية بأقل خسائر ممكنة ويصب الكثيرون جام غضبهم على الحزب الوطنى الذى ترك قوائمه مفتوحة ليحسمها المواطنون فى الشارع دون الاكتراث لخطورة ذلك مستقبليا فى منطقة يحاول النظام أن يبقيها فترة أطول مستقرة نظرا لكثرة التوترات التى حدثت فى سيناء على مدى السنوات الثلاث الماضية واشتباكها مع الوضع فى قطاع غزة وأيضا لوجود الجار الاسرائيلى الذى لا يفوت فرصة للعبث فى سيناء وضمان بقائها شريطا آمنا تجاه أى مطامح نضالية ضدها. يمكنكم متابعة مزيد من التغطيات من خلال مرصد الشروق لانتخابات برلمان 2010 عبر مرصد الشروق عبر فيس بوك مرصد الشروق عبر تويتر