ذكرت تقارير صحفية أن أجواء من القلق والتوتر تسود السعودية بشأن قضية الخلافة بعد الوعكة الصحية الأخيرة التي ألمت بالعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي يغادر بلاده إلي أمريكا لتلقي العلاج. وكانت وكالة أنباء فارس، فور سفر الملك عبد الله (86 عاما) إلى الولاياتالمتحدة بهدف معلن، وهو العلاج، أفادت بأنه ذاهب ليبحث ترتيبات الخلافة، خاصة مع عودة الأخ غير الشقيق له ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز، أمس الأحد، من المغرب بعد أشهر من الغياب، حيث أمضى حوالي 12 أسبوعا في قصره بمدينة أغادير المغربية، وهو يعاني أيضا من مشكلات صحية. ونقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، في عددها الصادر اليوم الاثنين، عن مصادر -وصفتها بالقريبة من أروقة صناعة القرار في السعودية- "أن أولاد الأمير سلطان هم من أعادوه إلى الرياض لقطع الطريق على عمهم الأمير نايف لتسلم مقاليد الحكم فعليا بغياب الملك". وتضيف التسريبات نفسها أن الملك عبد الله مع نقل السلطة إلى جيل الأحفاد، وأشارت الصحيفة إلى أن الملك عبد الله يبدو أن لديه تصورا يقوم على تعيين خالد الفيصل نائبا ثانيا لرئيس الوزراء، مكان الأمير نايف، ما يؤهله ليكون ولي العهد المقبل، وخالد بن سلطان وزيرًا للدفاع، ومحمد بن نايف وزيرا للداخلية، وتركي الفيصل وزيرًا للخارجية، وبندر بن سلطان رئيسًا للاستخبارات، مشيرة إلى مرض الأمير سلمان بداء القلب، وإلى أن البحث جار عن منصب لمحمد بن فهد، على قاعدة أن السعوديين يهتمون جدا بأبناء الملوك. وسلطت وسائل الإعلام العربية والغربية الضوء على قضية الخلافة بالسعودية، بعد تعرض الملك عبد الله لانزلاق غضروفي وغيابه عن المناسبات العامة. ومن جانبه، اهتم معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى برصد تداعيات التغييرات السياسية التي شهدتها المملكة العربية السعودية في الأيام الأخيرة، وقال في تقرير كتبه سيمون هندرسون: إن الإعلان عن هذه التغييرات من شأنه أن يعزز التكهنات بوجود شقاق بين الملك وعدد من كبار الأمراء". وأشار التقرير إلى قرار الملك عبد الله بن عبد العزيز بتعيين نجله الأمير متعب وزير الدولة، عضوًا فى مجلس الوزراء ورئيسًا للحرس الوطني الذي كان يترأسه الملك نفسه، والذي يضم قوة قوامها 260 ألف فرد، بالإضافة إلى قبول الملك أيضًا استقالة شقيقه الأمير بندر بن عبد العزيز من مهامه كنائب رئيس الحرس الوطني، بسبب ظروفه الصحية، التي تمنعه عن أداء مهامه بشكل جيد. وتفيد التسريبات بأن خطوة تعيين الأمير متعب، الابن الثالث للملك عبد الله، رئيسًا للحرس الوطني وعضوًا في مجلس الوزراء الذي يرأسه والده، هي عمليا المرة الأولى التي يتخلى فيها ملك عن منصب يشغله على حياته، وقد أرادها الملك عبد الله كنموذج يؤهله ليطلب من الآخرين الاقتداء به. ويرى التقرير الأمريكي أن تولي الأمير متعب لهذا المنصب لا يحقق له فقط طموحًا شخصيًّا راوده منذ زمن طويل، ولكنه يدعم أيضًا سيطرة ابن عمه "الأمير محمد" على منصب وزير الدفاع من والده سلطان، وستظل القضية الأساسية في المملكة هي الخلاف القديم بين السوديرين من أبناء الملك عبد العزيز. واعتبر التقرير أن الخلافة في السعودية تمثل تحديًا أمام الولاياتالمتحدة باعتبار أن المملكة هي المصدر الأول للنفط في العالم، وأن الاستقرار السياسي فيها، وهي أحد أهم حلفاء أمريكا في المنطقة يحقق مصالح واشنطن، وبخاصة فيما يتعلق باجتثاث الإرهاب، فضلا عن أن البلدين قد شهدها مؤخرًا توقيع أكبر صفقة سلاح في التاريخ، والتي تقدر بحوالي 60 مليار دولار. وكانت مجلة "فورين بوليسى" الأمريكية قد قالت في عدد سابق: إن "الأمير سلطان بن عبد العزيز، هو المرشح لتولي خلافة الملك عبد الله، لكن سلطان الذي يشغل منصب وزير الدفاع، أيضًا مريض". وأضافت: "هناك شكوك بأنه قادر على تولي العرش"، فيما قامت وكالة الأنباء السعودية "واس"، ولتبديد أي توتر بشأن غياب عبد الله، بنشر صورة للأمير سلطان يوقع عقدا لبناء مطار فى جدة. وترى المجلة أنه "بغض النظر عن صحة الملك عبد الله والأمير سلطان والأمير نايف، فإن هؤلاء الثلاثة واقعيا لا يتوقع أن يسيطروا على مقاليد السلطة في البلاد لمدة طويلة فأعمارهم على التوالي 86 و79 و77، وقد طرحت المجلة قبل شهر سيناريو بشأن ترك هؤلاء المخضرمين السلطة لأبنائهم أو أخوتهم الأصغر سنا، هؤلاء الذين يشعرون بالقلق من هذه المرحلة الانتقالية. والسؤال الأكبر الذي تطرحه المجلة عما إذا كان الملك عبد الله والأمير سلطان يظهران أمام العامة لأنهما يريدان البقاء، أم لأن أبناءهما قصدوا أن يظهروا أن آباءهم ما زالوا لاعبين أساسيين في لعبة سياسات الخلافة السعودية. وكان الديوان الملكي قد أعلن، أمس الأحد، أن الملك السعودي سيسافر، وفق نصيحة فريقه الطبي، إلى الولاياتالمتحدة لتلقي العلاج في مؤسسة طبية لم يحددها، بسبب الانزلاق الغضروفي الذي يعاني منه وتجمع دموي حول العمود الفقري، ما يسبب له آلامًا حادة. وذكرت وكالة الأنباء السعودية "واس" أن الملك عبد الله مدد فترة ولاية العديد من كبار المسؤولين لمدة أربع سنوات أخرى، من بينهم السفير السعودي لدى الولاياتالمتحدة عادل بن أحمد الجبير والشيخ عبد العزيز آل الشيخ، المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء. ومن المقرر أن يتولى الأمير سلطان، الذي استقبله كبار المسؤولين السعوديين، تصريف شؤون المملكة في ظل غياب الملك عبد الله الذي لم يُذكر شيء عن مدة فترة علاجه في الولاياتالمتحدة. وكان الأمير سلطان، ولي العهد والنائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الدفاع، منذ أغسطس الماضي في المغرب، وكان عولج من سرطان في 2008 و2009 في الولاياتالمتحدة، وأمضى أكثر من عام في نقاهة خارج البلاد. و الأمير سلطان هو أخ غير شقيق للملك عبد الله، وكان ولد في 5 يناير 1931، بحسب المعطيات الرسمية، غير أن خبراء في شؤون الأسرة المالكة السعودية يرجحون أنه يقترب من سن 85 عامًا.