تباينت آراء المعلمين وأساتذة التربية والعلوم إزاء اقتراح العالم المصرى فاروق الباز، بأن يتولى تدريس المواد العلمية بالمدارس خريجو كليات العلوم، على أن يقتصر دور خريجى كليات التربية على تدريس المواد الادبية واللغات فقط، على اعتبار أن خلفية المعلم وإلمامه بالمادة العلمية لتخصصه تأتى قبل تطوير المناهج إذا أردنا أن نحصد ثمار تطوير تدريس العلوم فى مراحل التعليم قبل الجامعى. ليتجدد ثانية الجدل الذى لم يستطع أحد أن يحسمه حول أيهما الأقدر على التدريس خريجو التربية أم خريجو الكليات المتخصصة. ودافع سعد عابدين مدرس الكيمياء بمدرسة جمال عبدالناصر التجريبية بالدقى عن المعلم خريج كليات التربية المتخصص فى العلوم باعتباره واحدا منهم، كونه حسب رأيه أكثر قدرة على التعامل مع الطلاب بالمقارنة بخريج كلية العلوم، لأنه يدرس مواد تؤهله لكيفية التصرف داخل الفصل وطرق التدريس وتوصيل المعلومات للطلاب، بالإضافة إلى دراسته المتخصصة لمواد تخصصه، بأعلى كثيرا مما يدرسه لطلابه فى مناهج الإعدادى أو الثانوى. واتفق معه ماهر مرقص مدرس العلوم للمرحلة الإعدادية بمدرسة فضل الخاصة بفيصل، مؤكدا ضرورة أن يكون المدرس دارسا للمواد التربوية التى تؤهله تربويا ونفسيا للعمل بالتدريس، وهو ما يفتقده خريج العلوم بحسب رأيه، لا فتا إلى ضرورة أن يحصل خريج العلوم الذى سيعمل بالتدريس على دراسة تربوية ليتمكن من كيفية ايصال المعلومات. ورأى محمد على مدرس العلوم للمرحلة الاعدادية بمدرسة شبرا القومية أن اقتراح الباز سيؤدى إلى زيادة العنف فى المدارس لعدم قدرة خريج العلوم على التعامل بشكل صحيح مع الطلاب بحسب رأيه، لأنه يفتقر إلى الطرق التربوية للتعامل مع الطلاب التى يحصل عليها طالب التربية، مؤكدا أن تطبيق اقتراح الباز تقليل من قيمة دور كلية التربية، التى يراها تحتوى على أقسام متخصصة قادرة على تخريج معلمين أكفاء. وقال عبدالرحمن صالح موجه عام الفيزياء بمديرية التعليم بالجيزة إنه من الناحية العلمية يستطيع خريج كلية العلوم تدريس مناهج المدارس لأنها تكون بسيطة بالنسبة لما يدرسه طلاب هذه الكلية، لكن لا يستطيع خريج العلوم التدريس لطلاب صغار فى المرحلتين الابتدائية والإعدادية إلا إذا درس سنة تأهيل فى كلية التربية ليستطيع التعامل مع الطلاب، متعجبا « لما خريج العلوم يدرس المواد العلمية.. أمال خريج التربية قسم كيمياء أو فيزياء هيعمل إيه». أساتذة كلية التربية لم يختلف رأيهم كثيرا عن آراء المعلمين من خريجيها أيضا، فقال د. محمد حسونة رئيس رابطة خريجى كليات التربية أنه لافرق بين أن يتولى تدريس المواد العلمية (الكيمياء، الفيزياء والاحياء ) خريجو كليات العلوم أو الأقسام المتخصصة فى كليات التربية، إذا كان المعلم على درجة عالية من الكفاءة ومتخصص فى مادته، مؤكدا أن الابحاث التى أجريت فى هذا المجال أثبتت عدم وجود فروق جوهرية بين خريجى العلوم والتربية فى تدريس هذه المواد، لأنهم يدرسون نفس التخصصات، منتقدا الرؤية التى تركز على الجهة التى درس فيها الخريج، أكثر من التركيز على قياس مدى كفاءته وقدرته على تدريس مادة تخصصه. ورفض د.شبل بدران عميد كلية التربية بجامعة الإسكندرية اقتراح د.فاروق الباز قائلا: إن خريج كلية العلوم ليس لديه المهارات الكافية للتدريس فى المدارس مثل خريج كلية التربية الذى تدرب على أساليب التدريب والتدريس، مدللا على ذلك بأن د.الباز نفسه بكل خبرته وعلمه الواسع لو طلب منه تدريس درس واحد فى الفضاء للتلاميذ فى المدارس فإنه لن يستطيع ذلك، مؤكدا أن هذا لا يقلل منه كعالم فضاء ولكن هذا لأنه غير متخصص ولم يدرس كيفية التدريس من قبل. وقال بدران: «إذا كان الباز يقصد باقتراحه تدنى مستوى خريجى كليات التربية، فإن من يقوم بالتدريس لهم أثناء دراستهم هم أساتذة كليات العلوم المنتدبين لكليات التربية، وهم نفس الأساتذة الذين يدرسون لطلبة كليات العلوم، وبالتالى فإن الاستفادة العلمية واحدة، ولكن خريج التربية يعتبر أكثر كفاءة لأنه تدرب على أساليب التدريس بحسب رأيه». على الجانب الآخر، رحب متولى قمر الدولة أستاذ أصول التربية بجامعة طنطا باقتراح الباز، لأنه ليس هناك ما يمنع من تدريس خريجى كليات العلوم فى المدارس ولكن بشرط حصولهم على دبلومة تربية من إحدى كليات التربية، نافيا أن يكون هناك قصور لدى خريجى التربية فيما يتعلق بالمادة التى يدرسونها. وقال أحد أساتذة كلية العلوم بجامعة عين شمس رفض ذكر اسمه إن خريجى كليات العلوم لا يستطيعون التدريس للطلاب فى المدارس، لأنهم لم يتدربوا على أسلوب التدريس، وبالتالى فلن يستطيعوا نقلها للطالب بشكل بسيط يفهمها بسهولة، هذا بالإضافة إلى أنهم سينقلون المعلومات للطلاب كما حفظوها ودون فهم، «خريجى العلوم غالبا ما يعتمدون على الحفظ وليس الفهم»، طبقا لقوله. وأضاف أستاذ العلوم أن الحالة الوحيدة التى يستطيع فيها خريج العلوم التدريس بالمدارس هى حصوله على دبلومة تربية أو دورات تدريبية على طرق التدريس، ولكن بشرط أن يجرى له اختبار بعد هذه الدورات لمعرفة مدى استفادته منها من عدمه، وإذا ثبت نجاحه بها فيستطيع التدريس بالمدارس وإلا فيتجه لمجال العمل بشركات الأدوية والتى غالبا ما يحرص خريجو العلوم على العمل بها