هل يمكن الوثوق بما نجده من معلومات متوافرة على ملايين المواقع والمدونات الإليكترونية التي تزدهر في العالم اجمع؟ لأجل ذلك يعمل باحثون على إعداد أدوات تسمح لهم بقياس مصداقية هذه المعلومات. وقد أصبحت الحاجة إلى تقويم مضمون هذه المواقع ملحة أكثر مع ازديادها المطرد ومدها بالمعلومات من قبل مستخدمين عاديين ينصبون أنفسهم كصحفيين أو علماء أو مؤرخين بدرجات نجاح مختلفة ، كما يشرح أندرياس يوفنجر. هذا الباحث الذي شارك في المؤتمر الدولي الثامن عشر "وورلد وايد ويب" في مدريد يعمل في مركز "نو سنتر" (مركز المعرفة) للأبحاث التكنولوجية ، ومقره النمسا ، ويعد فريقه برنامجا يحلل المدونات ويصنفها في 3 فئات : "موثوق فيه جدا" ، "موثوق فيه إلى حد ما" ، و"غير موثوق فيه تماما". ويحصي البرنامج بشكل آلي نسبة تردد استخدام الكلمات المفتاح في موقع ما ويقارن فيما بعد مضمونه مع مقالات صحفية تناولت الموضوع عينه ونشرت مستخدمة معلومات موثوقة كما هو واقع المقالات التي تنشرها وكالة الأنباء النمسوية "آبا". ويقول أندرياس يوفنجر إن ذلك "أعطى نتائج جيدة ، ونظن أننا نسلك الطريق الصحيح" ، ويضيف : "يجب أن يتم البحث بشكل آلي بمساعدة برنامج لأنه من المستحيل لمستخدمي الإنترنت إحصاء كل هذه المدونات وقراءتها". وفي اليابان ينهمك الباحثون في العمل على تطوير برنامج يرصد وجهات النظر المختلفة المتوافرة على الإنترنت حول موضوع معين ، ويقدمها في ما بعد للمبحرين عبر الإنترنت على شكل "قائمة بالآراء" تسمح لهم بمقارنة المواقع. وتقول كوكي موراكام من "معهد نارا للعلوم والتكنولوجيا" ، "نعتبر فعلا أن في وسع هذه القائمة مساعدة مستخدمي الإنترنت على تكوين رأيهم الخاص حول مصداقية موقع ما على الإنترنت". ويصل عدد مواقع الإنترنت اليوم إلى عشرات الملايين بحسب مايكروسوفت فيما كان عددها لا يتخطى 500 في عام 1994. ومن أكثر مواقع المعلومات شعبية اليوم "ويكيبيديا" الموسوعة الإليكترونية التي تسمح لأي شخص بالاستعلام حول موضوع معين ، كما في وسعه إضافة معلومات على المقال الذي اطلع عليه. وهذه الصيغة ألقت الشكوك في بعض الأحيان على مصداقية هذا الموقع ، كما حدث في يناير الماضي على سبيل المثال حين أكد موقع "ويكيبيديا" خطأ أن السيناتور الأمريكي إدوارد كينيدي توفي في يوم تنصيب الرئيس باراك أوباما. ورغم وجود وقائع من هذا النوع ، فإن موسوعة "ويكيبيديا" ما زالت تتضخم وتتوسع منذ تأسيسها في عام 2001 وتقدم اليوم حتى 6,2 مليون مقال في نسختها الإنجليزية فقط. ولتقييم مدى مصداقية المعلومات التي تقدمها ، يعمل باحثون في جامعة أودينيزي في إيطاليا ، على ابتكار طريقة حسابية تقيم نوعية المقالات والمساهمين في وضعها. ويؤكد الفريق الذي يرأسه ألبيرتو كوزيناتو أن "النتائج الأولية بينت أن الطريقة الحسابية هذه استطاعت التمييز بدقة بين المقالات ذات الجودة العالية وتلك الأقل جودة". ودرست المجلة العلمية البريطانية "نيتشر" سلسلة مقالات علمية متوافرة منذ عام 2005 في آن على موقع "ويكيبيديا" وفي الموسوعة الشهيرة "بريتانيكا" ، وكانت النتيجة أن مقدمات "ويكيبيديا" في أغلب الأحيان غير واضحة ، لكن الفارق في دقة المعلومات قليل نسبيا.