تروي جوخة الحارثي في عملها الممتع وهو رواية "سيدات القمر" قصة مجتمع وما طرأ عليه من تغيرات تاريخية واجتماعية، وذلك من خلال قصص ممتعة مؤثرة ترسم في مجموعها صورة التطور الذي طرأ على الناس وأنماط حياتهم. وتكتب جوخة الحارثي هنا بعمق وسهولة نفاذة وغوص في النفوس وبسرد مقنع وبجمال لا يتخلى عن أجواء شعرية ترفد عملية القص وتجملها ولا تجرها إلى عالمها ليتحول الأمر إلى شعر فحسب. وقد يجد القارئ نفسه خلال الرواية إزاء عمل يعتمد في أسلوبه ذلك التراكم الذي شبهه نقاد بالبصلة وطبقاتها التي تتراكم واحدة فوق أخرى ليشكل مجموعها البصلة ككل. وجوخة الحارثي كاتبة وأكاديمية من سلطنة عمان صدرت لها مجموعات قصصية منها "مقاطع من سيرة لبنى إذ آن الرحيل"، و"صبي على السطح"، و"في مديح الحب"، كما صدرت لها رواية هي "منامات". رسمت الكاتبة مجتمعا كبيرا من خلال رسم عالم أصغر منه هو قرية العوافي والانطلاق منه أحيانا إلى مدن وبلدات أكبر أو -أثر التطور الذي طرأ- إلى مدن غربية كبرى.. دخول العلم ومظاهر المدنية الحديثة وتغير أنماط الحياة. العادات والتقاليد القديمة والعلاقات -الشرعي منها والمحرم- والخرافات والأساطير والعبيد والإماء وتجارة الرقيق وأثارها الإنسانية في نسيج هذا المجتمع.