على مشارف القاهرة، وأمام تجمعات سكنية مغلقة يمارس سكانها رياضة الجولف في ملعب من 18 حفرة، توجد شقق فخمة شاغرة ليس هناك ثمة من يشتريها. وبينما تتراكم الرمال من الصحراء المحيطة على تشطيبات هذه الشقق الفاخرة يقول مواطنون إنهم لا يقدرون على تحمل شراء منزل في القاهرة التي يبلغ عدد سكانها 20 مليونا، والتي تكتظ بالمباني المتلاصقة، حتى إن بعضها لم يعد يطل إلا على مطبخ الجيران عادة. وفي المستويات الدنيا يعيش الملايين في عشوائيات تمتد على جانبي طرق سريعة في القاهرة، أو يلجئون إلى المقابر ويشاطرون الأموات مساكنهم، إذ لا يجدون أمامهم خيارًا أفضل. بل إن رباب عبد المنعم (30 عامًا)، وهي أم لثلاثة أبناء ويعمل زوجها في شركة عالمية في مصر، تجد أسرتها عاجزة عن تحمل أسعار العقارات في المدن الجديدة. وقالت: "عدد الشقق المعروضة هائل، وبخاصة في المدن الجديدة"، وتابعت: "لكن الأسعار مرتفعة جدًّا، كما أن طرق السداد ليست مناسبة دائمًا". ويقول محللون: إن الطفرة العقارية التي شهدتها مصر في الفترة من 2004 حتى 2008، والتي وفرت منازل للطبقة الغنية ساعدت على صمود البلاد في وجه الركود العالمي، لكن تخمة المساكن الفاخرة التي يجري تسليمها حتى عام 2011 تعني أنه ينبغي لشركات التطوير العقاري التحول إلى الإسكان المتوسط لمواصلة تحقيق الإيرادات. وتقر الشركات العقارية بحاجتها إلى تغيير أسلوبها، لكنها تشكو من ضآلة حجم سوق الإقراض العقاري، وهو ما يجعل الاقتراض صعبًا على غير الأغنياء، فضلا عن خلاف قانوني بشأن بيع أراضي الدولة جعل الشركات قلقة من المشروعات الجديدة. وقال ماهر مقصود، الرئيس التنفيذي لشركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار (سوديك)، لرويترز: "أي شركة عقارية (يجب) أن تدرك أنها إذا لم تشارك في غضون 5 سنوات من الآن بشكل أساسي في إسكان متوسط مدعوم بسوق إقراض عقاري قوية فستفوتها الكعكة". وبدأت بعض الشركات بناء وحدات صغيرة، لكن السعر يتراوح غالبا بين 500 ألف جنيه و1.5 مليون جنيه (87 ألف دولار و260 ألف دولار). ويعتبر هذا السعر معقولا في بلدان كثيرة، لكنه ليس في متناول غالبية السكان في مصر، حيث تقدر بيانات الأممالمتحدة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي سنويا ب10 آلاف جنيه أو 1780 دولارا. وحتى الأسر متوسطة الدخل، مثل أسرة رباب، تواجه صعوبة في الحصول على هذه المبالغ في ظل محدودية خيارات وخدمات الإقراض العقاري. وقال باتريك جافني، المحلل العقاري لدى اتش. اس. بي. سي: "لم تتمكن شركات التطوير من التوصل إلى النموذج الصحيح لبناء إسكان ميسور التكلفة"، وأردف يقول: "لكن لا بد أن يخدموا متوسطي الدخل لأنه إذا كانت هناك دائمًا مبيعات في الطبقة الغنية، فإن حجمها لن يكون كبيرًا بنفس القدر".