إلى جانب مهامه كمدير «ملتقى حوار للتنمية وحقوق الإنسان»، فسعيد عبدالحافظ هو المستشار الإعلامى لحملة «شارك وراقب»، وهى حملة لمراقبة الانتخابات أطلقتها شبكة «سنا» التى تضم داخلها 22 جمعية أهلية فى مختلف المحافظات، وجمعية التنمية الإنسانية بالتعاون مع جمعية «فريدوم هاوس» الأمريكية وبتمويل من المعونة الأمريكية. طبقا لسعيد، فقد قامت الحملة بتدريب 20 محاميا لتقديم الاستشارات القانونية للناخبين والمرشحين، فى حين تستعد الحملة لمراقبة الانتخابات فى كل محافظات مصر بما يزيد على ألف مراقب مدرب. يستعرض سعيد تاريخ مراقبة الانتخابات منذ بداية التجربة فى 2005 وإلى الآن. 1990 2000 صعود الحركة الحقوقية تسعينيات القرن الماضى، وجماعات الإرهاب الدينى تزداد جرأة وعنفا، «ازاى أتكلم عن حرية الرأى والتعبير وفيه أقباط بيموتوا وسياحة يتم تدميرها؟». كانت الحركة الحقوقية ضعيفة الصوت، تتحدث على استحياء عن حقوق المواطن وإدانة التعذيب، وتواجهها اتهامات حكومية بخدمة الأجندات الخارجية التى تريد تسهيل حركة الإرهابيين والإخلال بالأمن القومى المصرى، وكان الحديث عن إلغاء قانون الطوارئ نوعا من الشطط. «كان الجيل الأول لهذه الحركة من اليسار والناصريين، يحاولون فصل الحركة الحقوقية عن السياسة لإعطاء شرعية لمطالبهم». نشأت المؤسسة العربية لحقوق الإنسان عام 1983 لتتبعها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عام 1985. استقبلت المنظمة المصرية تمويلا هولنديا عام 1993 من أجل بناء قدراتها، باعتبارها أول منظمة فى مصر تعمل بمجال حقوق الإنسان، لتبدأ معها هجمة حكومية باتهام الحقوقيين بخدمة أجندات أجنبية، وانتقادات يسارية ترى أن الدعم الأجنبى يتعارض مع استقلالية حركة حقوق الإنسان الوطنية. لكن الجهات المانحة الأجنبية هى التى أعطت القدرة لنشطاء حقوق الإنسان على الانفصال عن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وإنشاء منظمات جديدة، مثل مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومركز المساعدة القانونية وغيرها. وحين جاءت انتخابات برلمان 1995، كان مصر فيها عدد كاف من المنظمات الحقوقية للمطالبة بحق مراقبة الانتخابات. تحالف محدود بين مركز ابن خلدون ومركز المساعدة القانونية ومركز المحروسة والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، التى كان يعمل بها سعيد، قرر أن يقوم بمراقبة 22 دائرة انتخابية من أصل 222 دائرة انتخابية فى مصر وقتها، وتولى «ابن خلدون» مراقبة التغطية الإعلامية للانتخابات، فى حين تولى مركز المساعدة تقديم الاستشارات القانونية وتولت المنظمة المصرية المراقبة الميدانية. غياب الإشراف القضائى على الانتخابات وتصريحات وزارة الداخلية برفض مبدأ مراقبة الانتخابات لم تثن التحالف عن المضى إلى هدفه، «كنا حركة شابة ومافيش كلام عن الفواتير واتهامات سرقة التمويل وكل الكلام اللى بنسمع عنه دلوقتى». عدد المتطوعين كان محدودا جدا، فسعيد وحده كان يشرف على مراقبة محافظتى الشرقية والغربية، وكانت وحدة العمل الميدانى للمراقبة تتكون من 5 أفراد تقريبا، «وكان الهدف أن نعتمد على القيادات الطبيعية من أهالى المنطقة إن إحنا نحصل على أكبر كم من المعلومات ». كانت عملية المراقبة «بدائية وبإمكانات محدودة للغاية»، لكن أثرها كان ضخما، فقد استقبلها الرأى العام الدولى باهتمام، وتصدرت تقارير المراقبة صفحات الجرائد المعارضة الشهيرة وقتها، مثل الأهالى والعمل والوفد. «كل الناس عارفة إن فى تزوير لكن مكنش فيه حاجة ملموسة»، وهذه التقارير على محدوديتها وفرت الدليل لأول مرة. وعام 1997، قامت المنظمة المصرية بإصدار تقرير «انتخابات من طرف واحد» عن الانتخابات المحلية، راقبت خلالها 10 محافظات، وبدأت المنظمات الحقوقية تكتسب خبرة فى مجال مراقبة الانتخابات وتستعد للجولة القادمة. 2000 2010 الوصول للقمة.. والسقوط للهاوية تزعم د. سعد الدين الدعوة والتنسيق للمراقبة على انتخابات برلمان 2000، «والكل عارف إيه اللى حصله»، يقول سعيد، فقد حكم على سعد الدين بالسجن 7 سنوات بتهمة تلقى تمويل خارجى. أما المنظمة المصرية فقد تعرضت للإغلاق على خلفية اتهامات بتلقى تمويل دون تصريح، وهو الاتهام الذى جاء بعد إصدار المنظمة عدة تقارير حقوقية عن أحداث العنف فى الكشح بسوهاج يناير 2000، والتى راح ضحيتها 22 شخصا. وأعلنت المنظمة فى مؤتمر صحفى تراجعها عن التقارير التى أصدرتها وفسرت فيها أحداث الكشح بأنها «عنف طائفى» لتقول إن الأحداث كانت «تلقائية» وليست بتخطيط مسبق. «كانت الرسالة واضحة: اللى حيراقب حيروح»، وغابت الرقابة على الانتخابات، إلا من عدة تقارير متواضعة بجهود فردية. لكن عام 2005 كان مختلفا، فالإعلام الخاص يتمتع بحرية نسبية، والصحف تهاجم الرئيس بشخصه، وبرامج التوك شو تدخل كل بيت، والإنترنت نافذة جديدة للحقوقيين والنشطاء. التمويل لمراقبة الانتخابات زاد على المليون ونصف المليون دولار أمريكى، وبعض الجمعيات الأهلية نجحت فى الحصول على تصاريح لمراقبيها من اللجنة العليا للانتخابات، تعترف بدورهم وتسهل عملهم. وزاد التمويل فى عامى 2007 و2008 لما يزيد على 3 ملايين دولار، فى تقدير سعيد، مخصصة لمراقبة انتخابات المحليات والشورى، وانتعشت منظمات المجتمع المدنى وتضاعفت أعدادها، لتصدر ما تشاء من تقارير عن الانتخابات، وتتوسع لتراقب انتخابات النوادى الرياضية والنقابات المهنية . لكن 2010 تأتى ومراقبة الانتخابات فى ظروف خانقة، فى رأى سعيد، «الجرائد الحكومية تنشر عن التجاوزات والفواتير وخلافات التمويل أكثر مما تكتب عن عمل منظمات المجتمع المدنى»، وهو ما أصاب قطاعا من الرأى العام بحالة من عدم الثقة والريبة فى «دكاكين حقوق الإنسان» كما يسميها المتشككون فى نواياه. إنه جزء من تهيئة المناخ للعودة لما قبل 2005 فى رأى سعيد، والذى يصاحبه إلغاء للرقابة للإشراف القضائى وتضييق إعلامى «ورفض ضمنى من الحكومة المصرية لمراقبة الانتخابات». ويفسر سعيد ظهور الشريك الأمريكى فى حملة «شارك وراقب»، بأنه ضمان للنزاهة المالية للحملة، حتى لا يستطيع أحد التشكيك فى كيفية إنفاقها لأموالها، من حملات توعية بأهمية الانتخاب، وتدريب مراقبين. نتاج كل ذلك هو مجموعة من التقارير التى ترصد وتدين دون أن تملك سلطة التغيير، فتقارير مراقبة الانتخابات، فى رأى سعيد، هى فى ذمة التاريخ، إلى أن «تأتى مجموعة تحكم يكون عندها إرادة سياسية للتغيير وتبقى عايزه تشوف العيوب علشان تصلحها». يمكنكم متابعة مزيد من التغطيات من خلال مرصد الشروق لانتخابات برلمان 2010 عبر: مرصد الشروق عبر فيس بوك مرصد الشروق عبر تويتر