شيخ الأزهر يبحث مع سفير باكستان بالقاهرة تعزيز التعاون العلمي    بنسبة 96,5%، الوادي الجديد تتصدر المحافظات بمبادرة سحب الأدوية منتهية الصلاحية من الأسواق    شيخ الأزهر: الأزهر يولي طلاب باكستان عناية خاصة لنشر المنهج الوسطي    رئيس الوزراء: الجهاز المصرفي يوفر أية اعتمادات مالية مطلوبة لاستيراد السلع    لا تنزعجوا من الرائحة.. تنويه من محافظة الجيزة للمواطنين    إزالة 4 مزارع سمكية مخالفة على أملاك الدولة شمال سهل الحسينية ببورسعيد    آخر تعديلات قانون الإيجار القديم.. تحرير العقود بعد 7 سنوات.. 250 جنيها أجرة موحدة لمدة 3 شهور.. لجان لتحديد القيمة الجديدة بزيادة 15% سنويًّا.. وهذه ضوابط الحصول على وحدات سكنية من الدولة    وزير الرى: طرح عقود تكريك نهاية ترعة السويس أول يوليو    قيادات تموين الأقصر يقودون حملات للتفتيش على أسطوانات البوتاجاز.. صور    بحضور نائب وزير المالية.. الموازنة التشاركية في جلسة حوارية ببني سويف    المعبر والكمين: حين تُستخدم غزة لفتح ثغرة فى جدار مصر    نوفاك: ارتفاع حجم التبادل التجاري بين السعودية وروسيا بنحو 62%    شبكة برازيلية تختار ياسين بونو العربى الوحيد بتشكيل أولى جولات المونديال    المبعوث الأمريكي لسوريا يحذر حزب الله من دخول الصراع بين إسرائيل وإيران    وزير خارجية إيران: قواتنا دمرت مقرا للقيادة والاستخبارات الإسرائيلية    غياب ميسي ولاعبي الأهلي.. التشكيلة المثالية للجولة الأولى في كأس العالم للأندية    الذكاء الاصطناعي يتوقع تأثير موجة الطقس السيئ على لقاء الأهلي وبالميراس.. وكيفية التعامل معه    ماسكيرانو عن جاهزية ميسي أمام بورتو: "إنه بخير"    رابط مباشر ل نتيجة الشهادة الإعدادية الترم الثاني 2025 بمحافظة قنا (فور ظهورها)    ضبط المتهمين باختطاف شخص بسبب تجارة العملة    انهيار حفار متوقف عن العمل بخليج السويس.. والوزارة: لا علاقة له بشركات القطاع    تفاصيل حفل وائل جسار فى موازين بقيادة المايسترو عادل عايش    «أمي ماتت».. المخرجة سارة وفيق تعلن وفاة والدتها    حين تنقشع الحرب، هبة الأغا تنقل صورة معاناة غزة لصالون إبداع المرأة المصرية    مينا مسعود ضيف معكم منى الشاذلي..اليوم    ملك أحمد زاهر تطمئن الجمهور على حالتها الصحية: "بقيت أحسن"    برنامج "مصر جميلة" لقصور الثقافة يختتم فعالياته بمدينة أبوسمبل.. صور    وراثي أو مكتسب- دليلك لعلاج فقر الدم    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع المجلس الوطني للسياحة الصحية    فوائد الكركديه البارد، مشروب سحري مدر طبيعي للبول ويخفض الوزن    السجن المشدد 15 عاما لعاطل يروج المخدرات في الإسكندرية: 500 طربة حشيش في حقيبتين    وفاة معلمة بالفيوم أثناء أعمال تصحيح أوراق امتحانات الدبلومات التجارية    محافظ القاهرة: أعلى قيمة لساعة انتظار السيارات 10 جنيهات    الصحة": نستهدف المشاركة في مبادرة الاتحاد الأفريقي لتوفير 60% من احتياجات القارة من اللقاحات البشرية مُصنعة محليًا بحلول عام 2040    «منخفض الهند الموسمي» | ظاهرة جوية تلهب ثلاث قارات وتؤثر على المناخ    مسابقة لتعيين أكثر من 4 آلاف معلم مساعد مادة الدراسات الاجتماعية    سكاي: ليفركوزن يتحرك لضم مدافع ليفربول    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة الأهلي وبالميراس    الرقابة النووية: نرصد الإشعاع عالميا ومصر على اتصال دائم بالوكالة الذرية    رئيس الوزراء: الخميس 26 يونيو إجازة رسمية بمناسبة رأس السنة الهجرية والخميس 3 يوليو إجازة بمناسبة ذكري ثورة 30 يونيو    إسرائيل: قصفنا مفاعل آراك ومواقع نووية في بوشهر وأصفهان ونطنز    فاتتني صلاة في السفر كيف أقضيها بعد عودتي؟.. الأزهر للفتوى يوضح    ما حكم تشغيل صوت القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب    موعد التقديم وسن القبول في رياض الأطفال وأولى ابتدائي بالأزهر 2025    هل هناك مؤشرات إشعاعية علي مصر؟.. رئيس الرقابة النووية يجيب    ضبط 7 قضايا مخدرات وتنفيذ 818 حكمًا قضائيًا خلال حملات أمنية بأسوان ودمياط    ننشر نتائج الطلبة المصريين بالخارج من مرحلة الابتدائي وحتى تانية ثانوي    هل يؤثر مرض السكري على الجنين في بطن الأم؟ تفاصيل صادمة    محمد الشناوي: نحلم بالفوز أمام بالميراس وتصدي ميسي لحظة فارقة.. والظروف الآن في صالحنا    الرزق ليس ما تملك..بل ما نجاك الله من فقده    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    خارجية أمريكا: نطالب جميع موظفى السفارة فى تل أبيب وأفراد عائلاتهم بتوخى الحذر    بعد فشل القبة الإسرائيلية.. الدفاعات الأمريكية تعترض الموجة الإيرانية الأخيرة على إسرائيل    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    ريبييرو: مواجهة بالميراس صعبة.. وسنبذل قصارى جهدنا لتحقيق الفوز    خالد الغندور يكشف صدمة للأهلي بسبب مدة غياب طاهر    كوريا الشمالية عن الهجمات الإسرائيلية على إيران: تصرف غير قانوني.. وجريمة ضد الإنسانية    تامر حسني وهنا الزاهد يتألقان في دور السينما المصرية ب "ريستارت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضحايا الموضة البريطانية
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 11 - 2010

فى ربيع 2010، أصبح التقشف المالى موضة. وأنا اخترت هذه الكلمة بأناة. فالاجماع المفاجئ من المسئولين، ذو الأهمية على ضرورة تحقيق التوازن فى الموازنة العامة الآن وفورا، لم يكن مستندا إلى أى نوع من التحليل الدقيق. بل كان أقرب إلى الصيحة، ذلك الشىء الذى يقوم الجميع بتصديقه لمجرد إيمان النخبة به.
إنها صيحة آخذة فى الأفول أخيرا، بعدما تجمعت الدلائل التى تثبت أن دروس الماضى لا تزال مهمة، وأن محاولة تحقيق التوازن فى الموازنة العامة فى ظل ارتفاع معدلات البطالة وتراجع التضخم تعد فكرة سيئة. ومن الملاحظ أن خرافة «زيادة الثقة» قد فُضحت.
إذ انتشرت المزاعم بأن خفض عجز الموازنة سوف يؤدى فى الواقع إلى انخفاض معدلات البطالة، بفعل ما يصاحبه من طمأنة المستهلكين والشركات. لكن العديد من الدراسات التى اعتمدت على البيانات التاريخية بما فى ذلك دراسة أعدها صندوق النقد الدولى كشفت عن افتقار هذا الادعاء إلى أى أساس فى الواقع.
لكن أية صيحة تحظى بالانتشار لابد أن تخلِّف ضحايا قبل زوالها. وفى حالتنا هذه، كانت الضحية الشعب البريطانى الذى شاء حظه العسر أن يكون تحت حكم حكومة تولت السلطة عندما كانت صيحة التقشف فى أوجها وهى حكومة لن تُقر بخطأ ذلك.
وتعانى بريطانيا، مثلها مثل أمريكا، من تبعات فقاعة الاسكان والديون. لكن زيادة حدة المشكلة فى بريطانيا ترجع إلى الدور الذى تقوم به لندن كمركز مالى عالمى. فقد أصبحت بريطانيا تعتمد بصورة أكثر من اللازم على الأرباح التى تحققها من السياسات المراوغة التى تلجأ إليها فى تسيير الاقتصاد، وعلى الضرائب الواردة من قطاع الأموال للإنفاق على البرامج الحكومية.
ويفسر الإفراط فى الاعتماد على القطاع المالى سبب ارتفاع عجز الموازنة فى بريطانيا التى دخلت الأزمة فى ظل دين عام منخفض نسبيا إلى 11% من إجمالى الناتج المحلى، وهو ما يعد أسوأ قليلا من العجز الأمريكى. ولعله من المفروغ منه أن بريطانيا تحتاج فى نهاية المطاف إلى موازنة دفاترها بالحد من الإنفاق وزيادة الضرائب.
لكن الكلمة التى يجب أن توضع فى إطار الأهمية هنا هى «بالتدريج». ذلك أن التقشف المالى سوف يؤدى إلى مزيد من التدهور الاقتصادى، إلا إذا جرى التعويض عنه بخفض معدلات الفائدة. وفى الوقت الراهن، تُعتبر الفائدة فى بريطانيا كما هو الحال فى أمريكا منخفضة للغاية بالفعل، مما لا يسمح بالمزيد من الانخفاض.
إذَن فالتصرف المعقول هو وضع خطة من أجل ترتيب البيت المالى للبلاد، مع الانتظار لحين حدوث تعانى اقتصادى قوى قبل القيام بتلك الخطوات.
لكن الموضات السائدة تفتقر إلى العقلانية ويبدو أن الحكومة البريطانية تصر على تجاهل دروس التاريخ.
من الممكن أن تكون الموازنة البريطانية التى أُعلنت يوم الأربعاء والخطاب الذى صاحب هذا الإعلان خرجا مباشرة من مكتب آندرو ميلون، وزير الخزانة الذى نصح الرئيس الأمريكى هربرت هوفر بمواجهة الكساد عبر تصفية المزارعين والعمال وتخفيض الأجور. وإن فضلت الاحتذاء إلى أمثلة بريطانية، فإن تلك الموازنة هى أشبه بموازنة سنودن لعام 1931، التى حاولت استعادة الثقة، ولكنها انتهت بتعميق الأزمة الاقتصادية.
يقول الخبراء: إن خطة الحكومة البريطانية تتسم بالجرأة، وهى كذلك بالفعل. لكنها تسير بجرأة حقيقية فى الاتجاه الخاطئ. فسوف تؤدى الخطة إلى تخفيض عدد العاملين بالحكومة بمقدار 490 ألف شخص، وهو ما يساوى فصل ثلاثة ملايين عامل فى الولايات المتحدة فى وقت لا يستطيع فيه القطاع الخاص تقديم فرص عمل بديلة لهؤلاء. وسوف تقلل الخطة الإنفاق فى وقت لا يستطيع فيه الطلب الخاص التعويض عنه.
لماذا تفعل الحكومة البريطانية ذلك؟ يتعلق السبب الرئيسى إلى حد كبير بالأيديولوجية، حيث يستخدم حزب المحافظين الركود كذريعة لتقليص حجم دولة الرفاه. لكن التعليل المعلن رسميا هو عدم وجود خيار آخر.
فى واقع الأمر، شهدت الأسابيع الماضية تغييرا ملحوظا فى خطاب حكومة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون وهو تغيير يعكس الانتقال من الأمل إلى الخوف. ففى الخطاب الذى أدلى به جورج أوزبورن، وزير الخزانة، معلنا خطة الموازنة، بدا أنه يئس من مبدأ «زيادة الثقة» أى من الادعاء بأن الخطة سوف تترتب عليها آثار إيجابية فيما يخص التوظيف والنمو.
وبدلا من ذلك، ركز الخطاب على التنبؤات التى تلوح فى الأفق حال فشل بريطانيا السير فى هذا الاتجاه. لا تلقوا بالا لواقع أن نسبة الدين البريطانى إلى الدخل القومى أقل بالفعل من المتوسط التاريخى. ولا تلقوا بالا لواقع أن معدلات الفائدة البريطانية ظلت منخفضة، حتى فى ظل ارتفاع عجز الموازنة، وهو ما يعكس اعتقادا من جانب المستثمرين بأن البلاد يمكنها السيطرة على ماليتها. وقد أعلن السيد أوزبورن أن بريطانيا على «حافة الإفلاس».
ما الذى يحدث الآن؟ قد يحالف الحظ بريطانيا، ويأتيها شىء ينقذ الاقتصاد. لكن التخمين الأكثر واقعية هو أن بريطانيا فى عام 2010 سوف تشبه بريطانيا فى عام 1931، أو الولايات المتحدة فى عام 1937، أو اليابان فى عام 1997. أى أن التقشف المالى السابق لأوانه سوف يؤدى إلى تجدد الركود الاقتصادى. وكما هو الحال دائما، فإن أولئك الذين يرفضون التعلم من الماضى محكوم عليهم بتكراره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.