كان يكفى السؤال عن الدى جى «عمرو حاحا» أو عن «فرقة الاستيفا» للتأكد من أن العنوان سليم.. شباب المنطقة فى هذه الناحية من حى عين شمس يعرفون الكثير من التفاصيل، يجيب أحدهم: «عمرو حاحا فى فرح ناحية شارع أحمد عرابى، مش هتلاقيه هنا، إنما الاستيفا هتلاقيهم فى المهرجان اللى فى آخر الشارع». فى ذلك اليوم كان الاستيفا متألقين فى «مونديال» أو حسب التعبير الشائع فى «مهرجان» وسط الشارع، تظهر جمل على لسان الشاب الممسك بالميكروفون فوق المسرح «فرحة اورتيجا.. صوت مزيكا»، كلما اقتربت من السرادق المنصوب كلما ازداد الصوت صخبا، وتتكرر كلمات غير مفهومة على إيقاع راقص مثل «برولوم» أو «جوجوجوجوجو». المعانى غائبة وغير مطلوبة. فجأة ينشط راقصو «الاستيفا» ويتدخل صاحب الميكروفون على المسرح قائلا: «اللى يحب الاستيفا يدخل جوا». نداءات الدى جيه هدفها أن يتوزع الشباب الراقص بطول السرادق ولا يقفون فقط قرب المسرح، كى يعطوا فرصة للاستيفا. «على برشلونة» هو أحد أعضاء فرقة الاستيفا الراقصة، يوضح فى البداية سبب التسمية: «الكلمة جاية من حجز الاستيفا اللى فى أقسام الشرطة، كانت الفرقة زمان فيها شباب جامدين، لكن مع الوقت سابوا كل حاجة وضاعوا مننا، لكن دلوقت الفريق اتغير ودخل شباب جديد حالتهم أحسن، ومالهومش فى الشرب ولا المخدرات». الرقص فى الشارع لا يثير قلق الشباب، حسب كلام محمود عرفة أحد أعضاء الاستيفا فإن مهمتهم هى تسخين أجواء الرقص.. يشرح ذلك قائلا: «لو رأينا أحدهم محبطا أو مكتفيا بالمشاهدة نشاركه ونجذبه كى يرقص معنا». وبعيدا عن تفاصيل العمل فإن الملمح الرئيسى للمكان هو أنه للشباب فقط. بعضهم أدوا رقصا جماعيا على شكل مربعات ثم داروا سويا فى أماكنهم على الإيقاع الراقص، وهناك من اكتفى بالمراقبة أو التصوير. فى هذا الزحام يمر أحد المسنين فيلكزه شاب عن غير عمد، ويبدأ الشباب فى الاعتذار غير المسموع. فى هذه الأجواء يعيش الاستيفا الذين يديرون المهرجان حالة قلق من شكوى الجيران أو أسئلة الشرطة التقليدية. يبدأ المهرجان فى العاشرة وينتهى فى الواحدة صباحا، وأثناء ازدياد الحماس يخلع بعض الشباب ملابسه العلوية ويبدأ فى الرقص. وسط هذا الزحام من الصعب التركيز على ما يقال فوق المسرح، فليس هناك اهتمام من الديه جيه بالغناء لقضية بعينها، الأهم هو صنع حالة من خلال جمل أقرب للإفيه، وكذلك تكرار التحيات للموزعين الموسيقيين الذين ألفوا الموسيقى المذاعة فوق المسرح، وتتردد أسماء الأحياء المجاورة لعين شمس مثل «المطرية، الأميرية، الزيتون». وقرب انتهاء المهرجان يحاول البعض إعادة وضع الستائر الجانبية الحاجبة التى تغطى المسافة بين السرادق والمسرح، أما فى الداخل فيبدأ بعضهم فى «التشكيل»، أحد هؤلاء كان محمود عرفة الذى تحدث قبل قليل عن دور الاستيفا فى «الفرح»، بدأ هو خطته بافتعال معركة افتراضية راقصة مع زملائه، هدفها لفت انتباه الجمهور الراقص وتحميسه. بعد انتهاء الحفل يأت بعض الجيران كى يسألوا أحمد فيفتى يانو زعيم الاستيفا عن سبب هذا المهرجان. فيشرح لهم أنه كان ليلة حنة وتم إلغاؤها. البعض يصدق والبعض لا يهتم، لكن بعيدا عن هذا المهرجان ففى أوقات أخرى تقام هذه الاحتفاليات الشعبية لمجرد الفرحة.