كنا أربعة صحفيين جمعنا الدكتور على الدين هلال وزير الشباب فى مكتبه فى شهر فبراير من عام 2004 وكانت مصر تتنافس على استضافة مونديال 2010. وراح يستعرض الجهود التى تُبذل لإقناع أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولى بالتصويت لصالح الملف المصرى. وتحدث الوزير بدهشة شديدة عن ذلك الرجل الذى طلب 5 ملايين دولار مقابل 3 أصوات لمصر فى سباق الفوز بتنظيم المونديال!! لم يكن هذا الرجل أحد السماسرة أو النصابين الذين يبيعون للناس الوهم بداية من توظيف الأموال إلى توظيف أبنائهم فى الهيئات السيادية والشركات البترولية ولكنه كان مسئولا معروفا فى الاتحاد الدولى لكرة القدم له مقعد فى اللجنة التنفيذية وواحد من بين 24 رجلا يحكمون كرة القدم فى العالم.. ولا يزال حتى الآن. كان الدكتور هلال فى حيرة وهو يستطلع آراءنا عن كيفية التعامل مع الرجل خاصة أن اثنين منا الزميل عصام سالم مدير تحرير جريدة الاتحاد الظبيانية وكاتب السطور كنا نعمل فى الإمارات التى استضافت مونديال الشباب 2003.. وكان هذا العضو «الفيفاوى» هو الذى يقوم بالتفتيش على استعداداتها لهذا الحدث. وظل يكرر زياراته لها بمعدل مرتين فى الشهر تقريبا وفى كل مرة كان يقيم عيد ميلاد أحد أبنائه أو زوجته أو أحد أقاربه فى أفخم فنادق دبى مع عدد من إخواننا الإماراتيين الكرماء الذين كانوا يشاركونه الاحتفال بكرمهم فيعود إلى بلاده محملا بما تنوء عن حمله الطائرات. وخلال إحدى زياراته للإمارات حضر إليه اللواء حرب الدهشورى رئيس اتحاد الكرة فى تلك الفترة وبرفقته المهندس هانى أبوريدة ولم يكن وقتها عضوا فى اللجنة التنفيذية فى الفيفا واجتمعا معه فى جلسة بعيدا عن الأعين لم يعرف أحد تفاصيلها حتى كان لقاؤنا فى القاهرة مع الدكتور على الدين هلال. بعد أن انتهى الوزير من سرد ما عرضه عليه سألته عن الضمانات التى يمكن أن يقدمها هذا الرجل له ليضمن الأصوات الثلاثة إذا ما تقرر بالفعل مجاراته فى هذا الأسلوب الرخيص فقال هلال: أبدا.. لقد وعدنى بكلمة شرف .. وتنهد وهو يكمل: كيف أعتمد على كلمة شرف من رجل ليس لديه شرف؟!! هنا انتهى الاجتماع وعرفت أننا قد خرجنا من اللعبة وان استضافة كأس العالم لن تكون لصالحنا خاصة أن هذا الرجل نفسه تم ضبطه وهو يحاول الخروج من المنفذ الجمركى فى المغرب محملا بحقيبة بها مئات الآلاف من الدولارات وفى دقائق معدودة صدرت تعليمات بخروجه معززا مكرما. هذه القصة أردت أن أذكرها وكل شهودها والحمد لله أحياء بمناسبة ما كشفته صحيفة (الصنداى تايمز) البريطانية منذ أيام عن ضبط اثنين من أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا هما النيجيرى أموس ادامو ورينالد تيمارى من تاهيتى يعرضان بيع صوتيهما فى سباق استضافة مونديالى 2018 2022 وتم إيقافهما ولكن بالمناسبة صاحبنا الذى رفض على الدين هلال رشوته ليس واحدا منهما!!