الثورة التي أحدثتها الشبكات الاجتماعية وفي مقدمتها موقع "فيس بوك"، لا تهدأ، بل إن مؤشرات عديدة تكشف أن "فيس بوك" في طريقه إلى التحول إلى قوة ضاغطة اجتماعيًّا وسياسيا في المملكة المغربية. ويؤكد علي أنوزلا، المحلل السياسي المغربي، في تحليل له أن شبكة "فيس بوك" التي بدأت كموقع للترفيه والتواصل، تحوَّلت إلى أكبر ساحة "هايد بارك" افتراضية للنقاش الحر والتعبير بلا حدود. وباتت تشكل أداة حقيقية للتأثير. وأضاف أن أصبحت الحكومات، بما فيها حتى تلك الديمقراطية، تنظر إليها "كسلاح ذي حدين"، وهو ما أصبح يطرح على هذه الحكومات ضرورة الانتباه إلى أهمية ما تحمله الشبكات الاجتماعية على الإنترنت، من تحولات في نمط الحياة اليومية للمستخدمين وتأثير تقنيات الاتصال الحديثة على الهوية الثقافية وتحديد معنى الهوية الوطنية في زمن العولمة، إنها ثورة "الفيس بوك" الهادئة والافتراضية التي لا يجب التصدي لها بقمعها، وإنما معرفة كيفية احتوائها لتكون في خدمة التطور قبل أن تنقلب ضده. ويؤكد الكاتب علي أنوزلا، على فكرته، بأنه في خضم الأزمة الدبلوماسية التي كادت تعصف بالعلاقات المغربية الإسبانية، الصيف الماضي، اندلعت أزمة أخرى لم تحظ بنفس الاهتمام الإعلامي بين مجموعة من الشباب المغاربة والموقع الاجتماعي، "فيس بوك"، عندما أقدم خمسة شباب مغاربة من مستخدمي الشبكة الاجتماعية العملاقة على رفع دعوى ضد الموقع الاجتماعي يتهمون الشركة الأمريكية المالكة له ب "حذف وإتلاف معطيات مدرجة في نظام المعالجة الآلية للمعطيات". وحسب عريضة دعوى الاتهام، وفق ما جاء في شكوى أصحاب الدعوة، فهم يتهمون تقنيي الموقع بحذف مجموعتهم التي أنشأوها على الموقع تحت اسم "الحرية لسبتة ومليلية"، ويتعلق الأمر بمدينتي "سبتة" و"مليلية"، الواقعتين في أقصى الشمال المغربي والمتنازع عليهما بين المغرب وإسبانيا منذ أكثر من 500 سنة. ويضيف أنه بفضل هذا "الفيس بوك" والمواقع الأخرى، عرف العالم بالاضطرابات الاجتماعية التي شهدتها قرى وبلدات مغربية صغيرة وهامشية، مثل أحداث سيدي إيفني(جنوب المغرب)، وتظاهرات مدينة صفرو(وسط المغرب) واضطرابات تغجيجت(جنوب شرق المغرب). كما تصدى شبان مغاربة لمحاربة الفساد في أسلاك الشرطة و"الدرك" المغربيين عندما بثوا لقطات فيديو تبين تلقيهم شكوى من أصحاب المركبات. وفي آخر انتخابات شهدها المغرب عام 2009 لجأ مجموعة من الشباب الغاضب إلى تكوين مجموعات للدعوة إلى مقاطعة تلك الانتخابات التي شهدت مقاطعة نسبة كبيرة من الناخبين خاصة في صفوف الشباب. وحسب إحصاءات حديثة، بلغ عدد مستخدمي موقع "فيس بوك" 15 مليون شخص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، 70% منهم في مصر والمغرب وتونس والسعودية والإمارات العربية المتحدة، وتتمتع مصر بأكبر عدد من مستخدمي الموقع في المنطقة، ويبلغ عددهم 3.4 مليون، يليها المغرب الذي يقدر عدد مستخدمي الشبكة الاجتماعية به بنحو 1.5 مليون مستخدم. ونسبة إلى شركة "سبوت أون بايليك ريلايشنز" في دبي، فإن 37% من مستخدمي الموق من النساء، بينما يتمركز معظم مستخدمي الموقع الشبان في المغرب وفلسطين والأردن ولبنان وتونس واليمن، حيث أعمار 50% من المستخدمين دون سن ال25.