تعرف على أسعار الزيت اليوم الثلاثاء 28-5-2024 في الأسواق    أسعار الدواجن والبيض اليوم 28 مايو.. ارتفاع جماعي وأرقام صادمة    أخبار مصر: تسليم أرقام جلوس امتحانات الثانوية، قضية هدير عاطف تصل الاستئناف، أسعار السلع التموينية بعد تطبيق منظومة الصرف، مجلس الأمن يعقد اجتماعا طارئا    الرئيس السيسي يصل بكين فى زيارة رسمية لتعزيز العلاقات الثنائية    طقس اليوم 28 مايو.. هبوط بدرجات الحرارة وأمطار رعدية بهذه المناطق    «زي الجاهز».. طريقة عمل مارشميلو في البيت بألوان مختلفة    الأمين العام للأمم المتحدة يدين الغارة الإسرائيلية المميتة بالقرب من رفح    حظك اليوم برج الجدي الثلاثاء 28-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هند البنا: جنود الاحتلال الإسرائيلي يعانون من اضطرابات نفسية بسبب حرب غزة    «الأزهر للفتوى» يوضح المواقيت المكانية للإحرام كما حددها النبي    هند البنا: المجتمع الإسرائيلي يعاني من مشكلات نفسية واجتماعية    اليوم.. وزير الكهرباء يفتتح محطة رياح خليج السويس بقدرة 252 ميجا وات    السبت.. مجلس أمناء الحوار الوطني يواصل اجتماعاته    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28 مايو في محافظات مصر    محمد رمضان يعلق على أحداث رفح الفلسطينية    يتم إعلانها «اليوم».. تاريخ جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية    مدير المستشفى الكويتي برفح: أُجبرنا على الإغلاق بعد مصرع اثنين من العاملين    هل يجوز الحج بالتاتو المؤقت؟ دار الإفتاء تجيب    تعرف على ترتيب جامعة المنيا في تصنيف الجامعات عالميا    ترتيب هدافي الدوري السعودي بنهاية موسم 2023- 2024    عاجل - وكيل الأمين العام للأمم المتحدة: حذرنا من أن عملية رفح ستؤدي لمذبحة ولقد رأينا العواقب    السيطرة على حريق التهم مخزن أدوات كهربائية في ميت غمر بالدقهلية (صور)    حمدي فتحي: أتمنى انضمام زيزو لصفوف الأهلي وعودة رمضان صبحي    بشير التابعي: الأهلي يعيش في حالة استقرار مالي وإداري عكس أي نادِ آخر في مصر    شوبير: الشناوي هو أقرب الأشخاص لقلبي    عضو مجلس الزمالك: إمام عاشور تمنى العودة لنا قبل الانضمام ل الأهلي.. ولكن!    مصطفى شوبير: «رايح معسكر المنتخب وأنا الحارس رقم واحد في مصر»    مدرب الألومنيوم: ندرس الانسحاب من كأس مصر بعد تأجيل مباراتنا الأهلي    دويدار مهاجما إدارة الزمالك: «هذه الأخطاء لا يقع فيها مراكز الشباب»    عيار 21 يسجل رقما جديدا.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم بالصاغة بعد الانخفاض    الحكومة: زيادة تدريجية بأسعار الكهرباء لتجنب الإثقال على المواطنين بزيادات يصعب تحملها    مفاجأة كشفتها معاينة شقة "سفاح التجمع" في مسرح الجريمة    نتائج السادس الابتدائي بالعراق 2024 الدور الأول    غرق طالب أثناء استحمامه فى ترعة «السوهاجية» ب سوهاج    بعد ارتفاعه.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 28 مايو 2024    وزير الصناعة: بدأت الآن على مسار تصنيع السيارات الصديقة للبيئة (فيديو)    إستونيا: المجر تعرضت لضغوط كبيرة لتفسير عرقلتها مساعدات الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا    ذاكرة الكتب.. بعد حادثة مصرع «رئيسى».. «هل إيران جمهورية إسلامية أم سلطنة خمينية»؟    محمود فوزي يرحب بدعوة مدبولي لإشراك الحوار الوطني في ملف الاقتصاد    «دير البرشا» تستقبل بطلات «كان» بمظاهرة حب    خبير: ملايين المصريين بحاجة إلى دخول عالم الذكاء الاصطناعي    نقابة الأطباء: قانون تأجير المستشفيات الحكومية يتسبب في تسريح 75% من العاملين    «من حقك تعرف».. هل تتنازل الزوجة عن قائمة المنقولات الزوجية عند طلب الخلع؟    اتصالات النواب تكشف مفاجأة بشأن رابط شوف صورتك بعد سنوات    إدارة المقطم التعليمية تستقبل وفدا من مؤسسة "حياة كريمة"    الكنيسة السريانية الأرثوذكسية تستعد لإقامة احتفالية بمناسبة عيد دخول السيد المسيح أرض الكنانة    عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك 2024    4 أعراض للإصابة بمرض الربو، تعرف عليها    فوائد مذهلة لتجميد الخبز قبل أكله    ياسمين رئيس أنيقة بالأسود وفنانة تحتفل بعيد ميلاد ابنة شقيقتها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    هل وصل متحور كورونا الجديد إلى مصر؟.. رئيس اللجنة العلمية يوضح    «صحة القليوبية»: رفع درجة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى المبارك    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية المتنقل ‫    رئيس جامعة المنيا يشهد ختام فعاليات المُلتقى السنوي الخامس للمراكز الجامعية للتطوير المهني    أخبار 24 ساعة.. وزير الأوقاف: إجمالى المساجد المجددة منذ تولى الرئيس السيسي 12 ألفا    تعرف على فضل وحكم صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    هل يجوز تعجيل الولادة من أجل السفر لأداء الحج؟.. أمينة الفتوى بدار الإفتاء تجيب    «الشيوخ» يناقش سياسة الحكومة بشأن حفظ مال الوقف وتنميته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا صوت يعلو على صوت (الفيس بوك): النضال الإلكترونى من أجل الوطن
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 03 - 2010

فى مصر اليوم العديد من ساحات الاشتباك الساخنة، بعضها يأخذ شكلا فئويا، يقتصر على مطالب محددة لفئات معينة كالقضاة أو الفلاحين أو أعضاء نقابة مهنية أو عمالية، والبعض الآخر الأعلى صوتا يتعامل مباشرة مع مسألة الحكم فى مصر بتجلياتها المختلفة (قضية التوريث، ظاهرة د. البرادعى.. إلخ). ولكن فى مصر، لا صوت يعلو على صوت الفيس بوك!
لنأخذ مثلا قضية الترشيح الرئاسى للدكتور محمد البرادعى، ففى مقابل ثلاثة أو أربعة آلاف شخص احتشدوا لاستقباله فى مطار القاهرة، أنشئت على موقع «الفيس بوك» الشهير على شبكة الإنترنت عدة مجموعات لتأييده بلغت عضوية أحدها أكثر من 180 ألف عضو، وهو رقم أكبر بكثير من عدد المشاركين فى أى مظاهرة حول أى موضوع خلال العقود الثلاثة الماضية. المثال الآخر الذى لا يقل شهرة هو أحداث يوم 6 أبريل 2008 الشهيرة، والتى يشار إليها عادة للدلالة على خطورة وفعالية «النضال الإلكترونى» من أجل الوطن عبر الفيس بوك وأخواته.
انتقال عدد من أسخن المعارك السياسية المصرية إلى الفضاء الإلكترونى وشبكة الإنترنت ليس مثيرا فى حد ذاته، خاصة أن موقع «الفيس بوك» بالذات يتمتع بعدة خصائص فريدة جعلته ساحة مثالية للسجال السياسى. فهو ليس مجرد موقع على الإنترنت، يطرح صاحبه أفكارا معينة، فيقرأها كل أو بعض من يتصادف مرورهم بهذا الموقع.
بل يتسم الفيس بوك بطبيعة خاصة جوهرها ما يمكن تسميته «بكثافة الوجود الحقيقى» للمستخدمين مقارنة بأغلب المواقع الأخرى على الإنترنت. فالغالبية الساحقة من المستخدمين يستعملون أسماءهم الحقيقية، وينشرون صورهم، وآراءهم وتعليقاتهم، وأخبارهم، بما يسم «العالم الافتراضى» للمستخدمين بأكبر قدر ممكن من الواقعية (بعكس التطبيقات العديدة الأخرى على الإنترنت والتى تكثر فيها الأسماء المستعارة، ولذا لم تنجح فى التخلص من الوحشة التقليدية للعالم الافتراضى). يتيح هذا الشعور بالواقعية للمستخدمين نقل خبراتهم وهمومهم وآرائهم على موقع الفيس بوك، الذى بات المظهر الأعلى صوتا من مظاهر «النضال الإلكترونى» المتنامى فى بر مصر.
هذه الطبيعة الخاصة للفيس بوك، وهذا النمط من الاستخدام السياسى الكثيف له من شرائح واسعة من المصريين أوجدت حالة استثنائية من التفاؤل بقدرة الفيس بوك بشكل خاص، و«النضال الإلكترونى» بشكل عام على إحداث الاختراق المطلوب فى الوضع السياسى الراكد فى مصر.
لا يقتصر هذا التفاؤل على مراقبين بدأوا مثلا يتحدثون عن «شباب الفيس بوك» باعتبارهم القوة الضاربة لمؤيدى الدكتور محمد البرادعى، أو القوة الداعية لإضرابات 6 أبريل الشهيرة، وإنما يمتد أيضا للمستخدمين أنفسهم، الذين يتبادلون دعوات لمواقع أو لمجموعات تمتلئ تفاؤلا بقدرة الفيس بوك على التغيير، فيعتبر بعضهم مثلا أن جمع ألفا أو مليون عضو أو توقيعا فى صفحة ما من صفحات الفيس بوك كفيل بتحقيق أهداف طموحة يصل بعضها لتحرير فلسطين، أو إيصال البرادعى لسدة الرئاسة!
هناك إذن حاجة ماسة لجردة حساب ولو مبدئية تفحص إمكانات هذا الوسيط الجديد لإدراك ما يستطيع وما لا يستطيع أن يقدمه، الأمر الذى يمكن أن نسهم فيه بملاحظتين أوليتين من باب فتح النقاش حول هذه الظاهرة المهمة:
أولا: لعل أوضح مجال لإمكانات «الفيس بوك» السياسية، هو فى مجال التعبئة. فمن خلال الفيس بوك عبئت أوساط وشرائح واسعة لم يسبق لها التعاطى مع السياسة، إما خوفا أو يأسا أو لا مبالاة أو جهلا بأغلب الأحزاب السياسية «محدودة التداول» التى قبلتها لجنة الأحزاب فى العقود الثلاثة الماضية. لا يمكن لأى متابع أو مستخدم للفيس بوك إلا أن يتساءل: من أين أتى مئات الآلاف من مؤيدى البرادعى الإلكترونيين؟ أو كيف تمت الاستجابة الواسعة لدعوة وضعتها إحدى مستخدمات الفيس بوك قبل عامين تطالب بإضراب عام فى 6 أبريل 2008؟
من الواضح إذن أن إغراء الفيس بوك، الذى يمكن أن يحول مواطن غير مشارك سياسيا إلى ناشط عبر مقال يتداوله مع معارفه ومعارف معارفه على الفيس بوك، أو حتى إلى صاحب دعوة لإضراب أو مظاهرة أو تأييد مرشح رئاسى معين، كل هذا بضغطة زر، وبدون كلفة شخصية كبيرة (وإن كان هذا بدأ فى التغير مع ظاهرة القبض على المدونين على الإنترنت التى تزايدت مؤخرا)، كل هذا الإغراء أسهم إيجابيا فى تعبئة شرائح اجتماعية وعمرية لا يستهان بها، وهو بهذا المعنى مؤشر صحى على عودة الهم العام.
ثانيا: غير أنه فى نفس هذه القوة التعبوية الكبرى تكمن نقطتا ضعف أساسيتان فى الاستخدام السياسى للفيس بوك. الأولى هى أن المجموعات التى تتشكل على الفيس بوك هى مما يعرف فى علم الاجتماع بتجمعات الموضوع الواحد single-issue groupings، تلتقى على هذا الموضوع وحده (كترشيح البرادعى مثلا) وليس على شىء سواه. ولذا، فإن تناولها لهذا الموضوع يكون عادة خارج أى سياق أو رؤية شاملة، ومن ثم فإنها تفتقر للقدرة على صياغة برنامج متكامل على نحو ما يفترض أن تفعله التنظيمات السياسية الموجودة فى «الواقع الحقيقى، المكون من لحم ودم»، وليس فى «الواقع الافتراضى» على الإنترنت.
أما نقطة الضعف الثانية، فتتمثل ببساطة فى أن الانتقال من التعبئة (بمعنى إثارة المشاعر والحماس) إلى التأثير والفعل السياسيين، هى قضية «تنظيم وتحرك سياسى» بامتياز، وهما أمران لا يبدو أن بالإمكان إتمامهما إلا فى «واقع اللحم والدم». والمشكلة هى أنه من الصعب حتى الآن تصور كيف ستتحول مجموعات وتشكيلات الفيس بوك، التى تجمع الشامى والمغربى كما يقال على موضوع واحد دون سواه، إلى قوى سياسية مؤثرة فى الشارع الحقيقى، شارع اللحم والدم.
الخلاصة أن «النضال الإلكترونى» على الفيس بوك وأخواته هو مؤشر مهم على ازدياد رقعة الاستياء العام، وعلى انخفاض تمثيلية الحكم فى مصر واستبعادها لقطاعات اجتماعية وعمرية متزايدة، وعلى انتعاش الهم العام وعودة السياسة إلى مصر. كل هذا صحيح، لكن الواضح أيضا، هو أن النضال الإلكترونى هو من أعمال التعبئة والتحريض، لا التنظيم أو للتغيير.
السؤال إذن يصبح: هل يتحول هذا الانشغال بالهم العام، المنعكس بوضوح على الفيس بوك وأخواته، إلى ظاهرة سياسية قادرة على التأثير فى موازين القوى وتوجيه دفة الأمور فى مصر؟ وكيف سيحدث ذلك؟
يصعب، بصرف النظر عن كل النوايا الحسنة والمتفائلة بإمكانات الفيس بوك وأخواته، توقع أى تغير كبير فى المدى المنظور، يحيل الفيس بوك إلى أداة حقيقية للتغيير السياسى الذى باتت مصر حبلى به.
الأرجح أن «النضال الإلكترونى» سيستمر كأداة فعالة لدمج قطاعات ضخمة من غير المسيسين فى ساحات النقاش العام، ووسيلة أساسية «للتنفيس النبيل» عن الهم الوطنى.
لكن عندما نتحدث عن القدرة على الفعل والتغيير، فإن «النضال الإلكترونى» لن يغنى عن النضال باللحم والدم من أجل الديمقراطية ورفعة الوطن، فالفيس بوك وأخواته، حتى الآن، هم أساسا فضاءات للتعبير. أما «واقع اللحم والدم» فلا يزال الميدان الوحيد للتغيير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.