مؤتمر جماهيري حاشد لدعم مرشحي «مستقبل وطن» في انتخابات مجلس الشيوخ بالإسكندرية    85 جنيها للفراخ البيضاء.. ننشر أسعار الدواجن في دمياط اليوم    بلومبرج: ستارمر يتعرض لضغوط شديدة للاعتراف فورا بالدولة الفلسطينية    مصدر: مصري: دخول 161 شاحنة من مساعدات إلى غزة فجر اليوم من معبري زكيم وكرم أبوسالم    تايلاند وكمبوديا تتبادلان إطلاق النار مجددا قرب الحدود المتنازع عليها    رونالدو يصل إلى معسكر النصر في النمسا استعدادا للموسم الجديد    صفقة الزمالك.. الرجاء المغربي يضم بلال ولد الشيخ    الإسكندرية تحت تأثير موجة شديدة الحرارة.. والمحسوسة 37 درجة    مصرع شخصين وإصابة 12 في تصادم ميكروباص ولودر بالبحر الأحمر    التعليم: بدء تظلمات طلاب الثانوية العامة الأحد المقبل    تحرير 596 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وسحب 784 رخصة خلال 24 ساعة    «الداخلية»: مصرع عنصر جنائي شديد الخطورة في تبادل إطلاق النيران مع الشرطة بأسيوط    انطلاق مهرجان ليالينا في العلمين بمشاركة واسعة من قطاعات وزارة الثقافة    الليلة.. الستاند أب كوميديان محمد حلمي وشلة الإسكندرانية في ضيافة منى الشاذلي    رئيس الرعاية الصحية: تقديم خدمات الغسيل الكلوي بأسوان من خلال 250 ماكينة دون قوائم انتظار    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت 14 مليونا و556 ألف خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    المتطرف إيتمار بن غفير: "أؤيد تجويع سكان قطاع غزة"    سعر الدولار اليوم الجمعة 25-7-2025 أمام الجنيه المصري    مستشار خامنئي: لا يمكن لأي دولة أن توقف تقدم البرنامج النووي الإيراني    أسعار الأرز الشعير والأبيض اليوم الجمعة 25- 7- 2025 في أسواق الشرقية    أسعار حديد التسليح اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    نائب رئيس جنوب إفريقيا: القارة السمراء تحصل على 3% فقط من الاستثمارات الأجنبية المباشرة عالميًا    خلال عمله.. دفن عامل صيانة سقط من الطابق السادس بعقار بحدائق الأهرام    حالة المرور اليوم بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    الزمالك يواجه وادى دجلة وديًا    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    تجهيزات خاصة لحفل عمرو دياب في لبنان    إزالة فورية ل 4 حالات تعدٍّ على أراضي أملاك الدولة في قنا    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية الجمعة 25-7-2025    القنوات الناقلة مباشر لمباراة الأهلي والبنزرتي التونسي الودية اليوم.. والتردد والموعد    طريقة عمل بلح الشام، باحترافية شديدة وبأقل التكاليف    إليسا تتصدر ترند جوجل بعد ليلة لا تُنسى في موسم جدة    رسميا.. قائمة بالجامعات الأهلية والخاصة 2025 في مصر (الشروط والمصاريف ونظام التقسيط)    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    أنوشكا عن ياسمين عبدالعزيز: «محتاجة تحس بالأمان» (فيديو)    بعد عمي تعبان.. فتوح يوضح حقيقة جديدة مثيرة للجدل "فرح أختي"    محمود محيي الدين يطالب ببرنامج وطني بديل لصندوق النقد: مصر خرجت من غرفة الإنعاش    تدهور الحالة الصحية للكاتب صنع الله إبراهيم من جديد ودخوله الرعاية المركزة    نقابة التشكيليين تؤكد استمرار شرعية المجلس والنقيب المنتخب    محامي أسرة ضحية حادث «الجيت سكي» بالساحل الشمالي يطالب بإعادة تحليل المخدرات للمتهمة    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 8 مساجد في 7 محافظات    درجة الحرارة تصل ل48.. موجة حارة شديدة تشعل أكثر من 200 حريق في تونس    استمرار استقبال طلاب الثانوية العامة لاختبارات العلوم الرياضية بالعريش    حفل تخرج دفعة جديدة من طلاب كلية العلوم الصحية بجامعة المنوفية.. صور    مصدر للبروتين.. 4 أسباب تدفعك لتناول بيضة على الإفطار يوميًا    أحمد سعد: ألبوم عمرو دياب مختلف و"قررت أشتغل في حتة لوحدي"    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    سعاد صالح: النقاب ليس فرضًا أو سنة والزواج بين السنة والشيعة جائز رغم اختلاف العقائد    "قلب أبيض والزمالك".. حامد حمدان يثير الجدل بصورة أرشيفية    تنسيق الجامعات 2025، شروط الالتحاق ببعض البرامج المميزة للعام الجامعي 2025/2026    تفاصيل صفقة الصواريخ التي أعلنت أمريكا عن بيعها المحتمل لمصر    وسيط كولومبوس كرو ل في الجول: صفقة أبو علي تمت 100%.. وهذه حقيقة عرض الأخدود    فلكيا.. مولد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    داليا عبدالرحيم تنعى أسامة رسلان متحدث «الأوقاف» في وفاة نجل شقيقته    «دعاء يوم الجمعة» للرزق وتفريج الهم وتيسير الحال.. كلمات تشرح القلب وتريح البال    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    لتخفيف حرقان البول في الصيف.. 6 مشروبات طبيعية لتحسين صحة المثانة    الشيخ خالد الجندي: «ادخل العبادة بقلب خالٍ من المشاغل الدنيوية»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجوار العربى.. من (الرابطة) إلى (المنتدى)
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 10 - 2010

فى كلمته فى الجلسة الافتتاحية لقمة سرت العادية فى مارس الماضى أشار السيد عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية، إلى «التحركات الإقليمية النشطة من دول تشاركنا فى المنطقة»، وإلى المصالح المشتركة وتلك المتعارضة التى تكتنفها العلاقة بين العرب وهذه الدول، لا سيما تركيا وإيران، وكذلك إلى المجال الأفريقى الذى يتداخل معنا، وفى هذا السياق اقترح إطلاق «منطقة للجوار العربى» يتحدد أعضاؤها من الدول التى سبقت الإشارة إليها. ولا شك أن الأمين العام كان يستشعر حساسية العلاقات العربية مع بعض الدول فاقترح نظاما للأولويات، بحيث يبدأ إنشاء هذه المنطقة بتركيا وتشاد التى ينص دستورها على أن اللغة العربية لغة رسمية لها، أما إيران التى أشار الأمين العام إلى تفهمه قلق البعض منها إزاء عدد من مواقفها فقد أكد ضرورة الحوار معها، وعلى ضوء هذا الحوار ونتائجه يمكن أن تتبلور خطوات دعوتها للمشاركة فى هذه الرابطة الإقليمية. واستبعد الأمين العام بطبيعة الحال إسرائيل، طالما بقيت متمسكة بصورتها أنها دولة فوق القانون وتسير فى الاتجاه المعاكس لاتجاه السلام.
لم تتخذ قمة سرت العادية فى حينه قرارا تقييميا بشأن المبادرة، فلا هى رفضتها ولا هى رحبت بها أو ثمنت فكرتها عاليا، وإنما أشارت قرارات القمة فى حينه إلى مطالبة القادة الأمين العام بإعداد ورقة عمل حول المبادئ المقترحة لسياسة جوار عربية والآلية المناسبة فى هذا الشأن بما يضمن تطوير الروابط والتنسيق فى إطار رابطة جوار عربية على أن يتم عرضها على الدورة العادية التالية لمجلس الجامعة الوزارى فى سبتمبر، تمهيدا لعرضها على القمة الاستثنائية العربية التى عقدت منذ أيام. ويفهم من نص هذا القرار أن مبدأ الرابطة واسمها ليسا مرفوضين فى حد ذاتهما وإنما العلة فى التفاصيل التى ستظهر فى ورقة العمل المشار إليها، وعلى ضوء المناقشات فى المجلس الوزارى.
غير أن مداولات قمة سرت الاستثنائية عادت لتناقش الفكرة من حيث المبدأ. صحيح أن اقتراح إنشاء الرابطة وفقا لهذه المداولات «نابع من شعور بتآكل الدور الإقليمى للنظام العربى فى محيطه ومركزه» فيما يتصاعد دور دول إقليمية أخرى، وصحيح أيضا أن أهداف المبادرة نبيلة وأنها تسعى لتحقيق مصلحة عربية لكن ثمة ملاحظات ترد عليها، وأولى هذه الملاحظات يتعلق بتوقيت طرحها، ذلك لأن طرح المبادرة يأتى فى ظل غياب فاعلية النظام العربى، ومن ثم لابد من «معالجة المعوقات والإشكالات التى تعترض قيام نظام عربى فاعل وقادر على التعامل مع دول الجوار ككتلة متجانسة وموحدة».
وصحيح أن غياب الدور العربى الفاعل والمؤثر خلق فراغا استراتيجيا يتم استغلاله من كثير من الدول المجاورة، غير أنه لابد من تفعيل النظام العربى. أما الملاحظة الثانية فتنبع من طبيعة العلاقات المتوترة بين بعض الدول العربية ودول مجاورة، ومن الواضح أن الهاجس الإيرانى مسيطر فى هذا الصدد، وله مبرراته القوية بطبيعة الحال.
والحقيقة أن الحجج السابقة يمكن مناقشتها وأول ما يقال فى هذا الشأن هو اعتراف أصحاب هذه الآراء بأن غياب فاعلية النظام العربى فى حد ذاته يخلق فراغا استراتيجيا يهدد بمزيد من اختراق النظام العربى، ومن ناحية ثانية لماذا لا تثار الحجة الخاصة بالتوقيت فى شأن التفاوض مع إسرائيل، فإذا كانت الدول العربية تعانى الانقسام عموما فإنها تعانيه بدرجة أكبر فيما يتعلق بسبل إدارة الصراع مع إسرائيل، ومع ذلك فإن النظام العربى يعطى الضوء الأخضر للتفاوض مع إسرائيل دون جدوى منذ سنوات.
بل إن الموقف الرسمى لهذا النظام من تسوية الصراع العربى الإسرائيلى والذى تلخصه المبادرة التى أقرتها قمة بيروت 2002 يشير إلى أنه بمجرد تلبية إسرائيل المطالب العربية المتضمنة فى المبادرة فإن علاقات طبيعية كاملة ستسود بينها وبين كل الدول العربية، ولم يثر أحد فى حينه أو فى أى وقت من الأوقات أن هذه العلاقة مع إسرائيل يمكن أن تضر النظام العربى فى ظل غياب فاعليته.
كذلك فإن النظام العربى قد فقد هذه الفاعلية على أسوأ الفروض منذ نهاية سبعينيات القرن الماضى عندما اختلف حول سياسة التسوية السلمية التى اتبعها الرئيس السادات، وعلى أحسن الفروض منذ بداية العقد الأخير من ذلك القرن عندما أقدم صدام حسين على احتلال الكويت، وانقسم العرب يومها حول هذا الحدث وتداعياته كما لم ينقسموا من قبل وربما تكون تداعيات هذا الانقسام لاتزال حاضرة بيننا حتى الآن، وبعدها تمت محاولات كثيرة لتفعيل النظام العربى دون جدوى، فهل ننتظر إلى الأبد كى يمكن لنا النظر فى علاقات الجوار العربى بغض النظر عن مبادرة الأمين العام وقبولنا أو رفضنا لها؟ ثم إن الاتفاق على غياب فاعلية النظام العربى يعنى ترك إدارة العلاقات مع دول الجوار إلى التحركات المنفردة للدول العربية، وهذا أخطر. وهو أمر حادث بالفعل.
أما توتر علاقات العرب ببعض دول جوارهم فهو قول حق، وبالتحديد فى شأن العلاقات العربية الإيرانية، وثمة موضوعات شائكة تكتنفها هذه العلاقات على رأسها الاحتلال الإيرانى للجزر الإماراتية ورفض إيران اللجوء إلى القضاء الدولى فى هذا الصدد، والتغلغل الإيرانى الراهن فى العراق وغيره، والمطالبات الإقليمية من حين لآخر بتبعية البحرين لإيران ثم التعلل بأن التصريحات والكتابات التى تضمنت هذه المطالبات قد أسىء فهمها أو حرفت ترجمتها أو أنها تعبر عن آراء فردية، ناهيك عن المشروع الإقليمى النشيط لإيران فى المنطقة والذى من شأنه إن نجح أن يغير من معادلات كثيرة فيها، لكن الأمين العام كان متحسبا سلفا لهذه المسألة واقترح البدء بحوار مع إيران تبنى على نتائجه دعوتها إلى الرابطة، وهو ما يعنى أن عدم دعوة إيران للانضمام إلى الرابطة وارد إذا لم تكن نتائج الحوار مرضية.
ويبقى أخيرا أن ثمة تعطشا لتنفيذ هذه المبادرة من قوى عديدة فى بعض دول الجوار «الصغيرة» التى تجد فيها ملاذا ومصلحة، وربما تأتى تشاد على رأس قائمة هذه الدول، وهى دول لا يمكن أن تمثل حال انضمامها إلى رابطة مع العرب أى تهديد باختراق النظام العربى، بينما قد يؤدى إسقاطها من الاهتمامات العربية إلى خضوعها بالكامل لقوى كبرى تتعارض مصالحها مع المصالح العربية، ولا شك أننا مطالبون بالاهتمام بهذه الدول بالإضافة إلى اهتمامنا بدول إقليمية كبرى مثل تركيا وإيران وإسرائيل.
انتهت قمة سرت الاستثنائية إلى تشكيل لجنة وزارية مفتوحة العضوية برئاسة رئيس القمة لمواصلة دراسة الفكرة التى أصبح اسمها وفقا لقرار هذه القمة «منتدى» الجوار العربى، وذلك بالاستعانة بفريق من الخبراء السياسيين والقانونيين والاقتصاديين، مع مطالبة الدول الأعضاء بمواصلة تزويد الأمانة العامة بمرئياتها واقتراحاتها فى هذا الشأن، وتكليف اللجنة بتقديم تقرير عن أعمالها للقمة المقبلة.
ولا شك أن تشكيل اللجان آلية متبعة لوأد الأفكار أحيانا، ولقد شكلت لجنة لدراسة قرار قمة الإسكندرية فى سبتمبر 1965 بإنشاء محكمة عدل عربية أى منذ قرابة نصف قرن، ولم تنشأ المحكمة بعد، مع أنها لم تكن فكرة الأمين العام فى حينه وإنما تطويرا مطلوبا بنص الميثاق، فهل يمكن لنا بعد ذلك كله أن نطمئن إلى علاقات عربية سليمة مع دول الجوار؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.