استقرت عدسة التليفزيون أمام المصلين يوم الجمعة فى مسجد السلام أو ما يعرفه أهالى عزبة سكينة باسم مسجد السلام. فى الداخل كان «المُحافظ القديم» كما تقول نجوى طالبة الإعدادى، التى تتجول فى السوق مع والدتها على بعد أمتار قليلة من المكان. اختتم الشيخ الصلاة.. دقائق وظهر عبدالسلام المحجوب ليجلس على منصة صغيرة «يا ما جيت عزبة سكينة وياما قابلنا بعض»، يقول محافظ الإسكندرية السابق ووزير التنمية المحلية الحالى ونائب الشعب القادم ربما. «أنا ما بعرفش اتكلم كتير لكن باعرف اشتغل» يكمل الرجل حديثه الذى لم يتجاوز 5 دقائق قبل أن يغادر فى سيارته الرباعية. ترتفع بعض الأصوات «يا محجوب يا محجوب إنت دايما فى القلوب»، وفى الخلفية بعض الصبية يوزعون دعاية ليست انتخابية وإنما لدروس خصوصية. لكن على المنازل المحيطة بالقرية الفقيرة جدا ارتفعت لافتات التأييد «القماشية» للوزير. شركات الأدوية «تؤيد» والعاملون بها «يرحبون» والقافلة الطبية المجانية «بدعم حضور الوزير»، والوزير يقول إن لديه «رؤية» ليجعل دائرة الرمل «حاجة تانية». وهى دائرة مختلفة بالفعل ممتدة جغرافيا وإخوانية بامتياز. يشغل مقعدى الفئات والعمال نواب الجماعة صبحى صالح والمحمدى سيد أحمد وتؤشر على صراع مبكر وصعب بين الحزب الوطنى وجماعة الإخوان فى حال قررت الجماعة إعادة المنافسة على مقعد الفئات. الحزب الحاكم فشل أكثر من مرة فى اقتناص مقعدى الدائرة فى دورات انتخابية، ولم ينجح فى الانتخابات البرلمانية قبل عقد فى انتزاع مقعد الفئات إلا عقب قرار من اللجنة المشرفة على الانتخابات بإلغاء النتيجة، التى كانت حسمت لصالح مرشحة الإخوان آنذاك. مباراة مع الوزير يسعى الوطنى، مثل مرشحه فى الدائرة، للاعتماد على رصيده السابق فى المحافظة. كانت له شعبية كبيرة خاصة بعد تعيين محافظ جديد أثار الكثير من الجدل فى الشارع السكندرى. وهى شعبية لا يخفيها الإخوان ويقول أحد أعضائها فى الإسكندرية إن المحجوب له شعبية وتاريخ» بل ويعتقد إنه لو كان ترشح بصفة مستقل فى دائرة الرمل ربما كانت الجماعة اتخذت قرارا بإخلاء الدائرة لصالحه. معركة الوطنى فى الدائرة بدأت مبكرة بصراع وطنى وطنى بدا من الإقناع إلى الضغوط وامتد إلى بعض القيادات لإخلاء المجمع الانتخابى لصالح المحجوب وإبعاد جميع منافسيه من أعضاء الحزب بعد «إقناعهم بالتنازل» حتى لا ينافسه أحد من داخل الحزب. وهكذا تنازل الكل بمن فيهم نائب الشعب السابق سعد الخوالقة والمقاول علاء على علبة. ويعتقد الأخير إن الوزير سيكون بحاجة إلى «مساندة كبيرة» فى الرمل لأن المعركة ستكون «شرسة»، وستنحصر بينه وبين صبحى صالح، لكن لا يبدو الوطنى أنه على استعداد للتضحية بأحد وزرائه. أما مقعد العمال فلا يواجه النائب الحالى المحمدى سيد أحمد منافسة تذكر عليه، رغم ظهور بعض الأسماء مثل صلاح عيسى ومنصور محمد بالإضافة إلى نائب الشورى السابق محمد فريد البنا. دائرة كرموز الصعبة لا انتخابات ولا غيره، ما حدش بيخدم»، يقول صبحى الحلاق ردا على زبونه محمد «لا والله فى ناس عامله شغل كبير».محمد السائق السابق بشركة الحاويات سلم دقنه لحلاق صالون «شارع النهار» فى دائرة كرموز. الأول مسيحى والثانى مسلم وتعبر عن الحال فى هذه المنطقة الشعبية بالإسكندرية. على يمين المحل لافتة سوداء كتب عليها بالأخضر الفسفورى وتشير إلى مكتب نائب الاخوان عن الدائرة محمود عطية. وفى المنزل المقابل وجه بارز للمسيح علق على حائط إحدى البلكونات. هنا «حساسية طائفية» لا يخفى السكان، وهنا «كنيسة قوية ومسجد قوى» وهنا قصة لم تكتمل عن فتاة مسيحية «اختفت». ويقطن كرموز عدد كبير المسيحيين وترتفع فيها كنائس أرثوذكسية وكاثوليكية وإنجيلية. اللافتات تغرق الشارع وتمتد من الميدان الصغير حيث نقطة شرطة غيط العنب. «تهنئة بالعيد» وأشياء أخرى: «القدس فى القلب» و«الصلاة نور». والأسماء لا تحصى: طارق يونس، عبدالدايم عمار، جمال ماضى، مينا حنا، حنان غريب، صموائيل بنيامين، وديع بشاى، شريف بقطر، مرشحون من الوطنى والوفد وغد موسى ومرشحون مستقلون. وفى كرموز مؤشرات لصراع تقليدى وطنى إخوان. محمد البلشى، نائب سابق وشقيق لنائبة سابقة يعتمد «كثيرا على الأموال» ويريد الوطنى معه إزاحة «الشيخ عطيه»، نائب الإخوان وينافسهما باسم برسوم شقيق عضو الشورى السابق البرت برسوم ومحمد حبيب من حزب التجمع. مقعد العمال لا يبدو بعيدا عن الصراع ويشغله حاليا نائب الوطنى فواز شريف وينافسه عليه زميله فى الوطنى وجدى بخيت الذى يعتمد على التكتل القبطى وتسانده الكنيسة لترفع من أسهمه فى الدائرة. وظهر معهم فى الصورة فايز باسيلى وعبدالمنير سعودى، الذى يحظى بقاعدة مؤيدين من الناصريين. على مأدبة الغداء الطريق يؤدى إلى شارع الأمانى مرورا ببضعة منازل ومدرسة ابتدائية. على جانبى الطريق ترتفع صور ضخمة لمرشحين لانتخابات مجلس الشعب. على اليمين أرض فضاء لمقر «شركة الأمان اتخذها هانى عادلى إسماعيل مقرا انتخابيا له. صورة للمرشح وأخرى طولية لنجل الرئيس مبارك وتحتها لم يجد أفضل من أن يكتب «نعم مبارك من أجل استكمال المسيرة»، أى مبارك؟ لم يحدد. على اليسار أرض فضاء أخرى، امتدت فيها الطاولات وتجمع أعضاء هيئات التدريس على مأدبة غداء أقامها لهم مرشح الوطنى الآخر محمد رشاد عثمان. «الحاج» الذى لم يتجاوز من العمر 35 عاما هو ابن رجل الأعمال، الذى نسب على السادات قوله له «مصر أمانة فى رقبتك يا عثمان». «أهل الدايرة طلبوا منى أترشح لثقتهم فى تاريخ والدى» يقول الطامح فى مقعد البرلمان ل«الشروق» يمسك الميكرفون وإلى جانبه خاله «برنامجى الانتخابى هو برنامج الحزب»، يقول خاطبا فى الحضور الذى بلغ عددهم 150 شخصا ذلك اليوم. وينافس عثمان الابن أولاد عمومة وأولاد حزب واحد فى دائرة مينا البصل، خالد الوردانى وعبدالحليم علام بالإضافة على هانى إسماعيل، ممثلين عن عائلات من «جهينة» فى صعيد مصر جاءت منذ عقود على المدينة الساحلية وعملت فى المينا فتوسعت أعمالها وامتد نفوذها. اليوم ينافس الأبناء على مقعد الفئات فى أحد أهم دوائر تكتلات الإخوان سيطروا عليها لدورتين متاليتين. ويشغل مقعد الفئات اليوم نائب الجماعة الشهير والمتحدث باسم الكتلة البرلمانية للإخوان حمدى حسن ويزامله فى مقعد العمال «أخوه» فى الجماعة حسين محمد إبراهيم. تهنئة من الأستاذ على بعد أمتار من شارع المكس مبنى صغير للشحن والتفريغ. لافتة بصور نواب الإخوان تم قطعها عرضيا لتختفى معظم ملامحهم وتحل مكانها لافتة انتخابية لعضو الوطنى مدكور سعد الدين. هذا هو الحال فى معظم جوانب الدائرة لافتات أعضاء الوطنى تنتشر. عبدالحليم علام المحامى وضعها على كوبرى 27. تجلس أم عايدة بائعة الفاكهة مستندة على حائط يحمل الكثير من الأسماء خالد الوردانين رفعت حماد عمال وطنى، يوسف صبرة فئات أحرار. أما الإخوان فاكتفوا بمقارهم السبعة فى الدائرة ولافته تهنئة من «الدكتور والأستاذ»، هدوء تأكيدا يسبق عاصفة. عاصفة داخل الوطنى نفسه خاصة بين عثمان وعلام، بعد أن فشل الوطنى فى اقناع أى منهما بالتنازل لصالح الآخر. وحتى اللحظات الأخيرة كان الحزب الحاكم قرر أن يدفع بالاثنين، ويترك لصناديق الانتخاب اختيار من يمثل الوطنى تحت القبة. لكن عثمان قرر فجأة تغيير صفته الانتخابية على عمال لينافس أحمد عبدالوارث عضو المجلس المحلى وشقيق محمد عبدالوارث نائب الشورى فى محاولة صعبة لإزاحة نائب الإخوان. وينحصر بذلك الصراع الوطنى على مقعد الفئات بين الوردانى وعلام، فى انتظار من منهما سيحسم المعركة مع مرشح الجماعة المقبل. الإخوان بدورهم انطلقوا إلى تنظيم قوافل طبية فى اعقاب «حملة نظافة» فى الدائرة، ربما فى رسالة للوطنى أن المعركة لن تكون سهلة أبدا، حتى وإن لم ينافس فيها حمدى حسن. كل هذه الدوائر هى الدائرة الأولى للإسكندرية وهى صاحبة الكتلة التصوتية الأعلى فى مصر. يمثلها فى مجلس الشعب نائب عن الوطنى على مقعد الفئات على سيف ونائب عن الإخوان على مقعد العمال مصطفى محمد. ولا يبدو أن الأمور مرشحة للتغيير فى الانتخابات البرلمانية المقبلة. محطة الإصلاح وميدان صغير ترتفع فيه بعض اللافتات. الحاج حجازى النقيب، جابر محمد عثمان. يمينا على الطريق المقابل لشواطئ الصفوة بالمنتزه، شارع ضيق يؤدى إلى عزبة الرحامنة وعزبة الهلالية. «الناس تعبانة بس واعية وفى إيجابية» يقول الحاج أحمد جلال على عجل وهو متجه إلى فرح تتلألأ أنواره من بعيد. هنا يحاول على سيف حسم المجمع الانتخابى للوطنى لصالحه لإعادة الترشح على مقعد الفئات وينافسه عليه عضو الوطنى أيضا وعضو المجلس المحلى هانى عطية الزعيرى، وهو ابن نائب سابق. وظهرت معهم أسماء أخرى مثل السيد بسيونى عن حزب الغد وعبدالفتاح محمد عبدالفتاح عن حزب التجمع. وبينما يبدو سيف أقوى المتنافسين يتجاوز مصطفى محمد نائب الإخوان منافسيه بمسافة واسعة. ويرتفع عدد الطامحين فى مقعده يوميا منهم نائب الشورى السابق عماد طه ونبيل عطا، الذى يعتمد على عصبية عائلة والده وصلاح عساف من الحزب الناصرى. فى باب شرق يتقدم محمد السمرا، على منافسيه. السمرا وهو قريب لأمين الوطنى بالإسكندرية سعيد الدقاق ينافس على مقعد الفئات سعد الله، الذى يعتمد على عصبيته العائلية من «العرب» وفايز زاخر المرشح المسيحى الوحيد فى الدائرة. بينما يعتمد حسن الشاذلى هريدى على عائلته، التى تمتد أصولها إلى سوهاج لتدعيم موقفه على مقعد العمال أمام نائب الشورى السابق أحمد الزهرى. ولم تظهر أسماء ذات ثقل فى دائرة سيدى جابر الذى يشغل مقعدها طارق طلعت مصطفى رجل الأعمال وشقيق هشام طلعت المحكوم عليه فى قضية مقتل المطربة سوزان تميم. وينافس محمود الشاهد نائب العمال الحالى محمد الحلو وسمير البطيخى، يرجح أن يتم الطعن على صفتهم باعتبارهم «فئات». فى غربال دفع الوطنى بنائبه السابق أحمد عبدالفتاح مرزوق فى محاولة للسيطرة على مقعد الإخوان، الذى يحمل اسم أسامة جادو وينافسه على نفس مقعد الفئات ممدوح حسنى عضو الوطنى الهارب من دائرة محرم بك بعد أن اضطر لتركها للوزير مفيد شهاب. كما ظهر اسم مرشح جديد هو نادر مرقص بالإضافة إلى جمال سويد سبق له الترشح ولم ينجح إلا بعد التنسيق مع الإخوان، وينافسهم من الحزب الناصرى جمال عبدالسلام ومن التجمع عبدالكريم قاسم. أما مقعد العمال فيسعى إلى حجزه لدورة برلمانية ثالثة محمد البدرشينى وينافسه عليه مرشح الوطنى السابق ماهر خلة، الذى ارتبط اسمه بأزمة مسرحية الكنيسة قبل سنوات ومعهما من الوطنى أيضا مجدى الحلوانى. ولا توجد أى مؤشرات لمعركة انتخابية فى دائرة الجمرك والمنشية خاصة فى حالة عدم دفع جماعة الإخوان بمرشحين لها فى الدائرة والأصوات موزعة بين آمر أبوهيف النائب الحالى وهشام احمد عزب نجل النائب السابق احمد عزب على مقعد الفئات وناشد المالكى النائب الحالى وسامح الشيمى على مقعد الوطنى ولم تظهر أمامهم أى أسماء لها ثقل انتخابى. الأمر ينسحب بالمثل على دائرة العطارين، حيث تنحصر المنافسة بين النائب الحالى عن الفئات خالد خيرى وعلى فرج عبدالعال وبين كمال أحمد وأحمد الوزيرى على مقعد العمال. المعركة تبدو محدودة جدا فى العامرية والأقرب أن تحسم لصالح صالح راغب نجل النائب عبدالمنعم راغب على مقعد الفئات ولصالح فتحى العوضى على مقعد العمال. ولا يبدو مفيد شهاب على أبواب مواجهة كبرى فى محرم بك إلا إذا قرر الإخوان الدفع بمرشح لهم، «ليس من الصعب التغلب عليه فى النهاية» فى رأى الوطنى. وفى الدائرة نفسها يتقدم السيد غنوة ابن نائب الشعب السابق عن الدائرة على منافسيه فتحى عبداللطيف نائب المجلس الحالى بعدما أجريت الانتخابات التكميلية عقب وفاة غنوة الأب ومحمد العقارى الذى يعتمد على «عصبية العرب».