محافظ البحيرة: المرأة البحراوية تتصدر مشهد الانتخابات منذ الصباح الباكر    جامعة أسيوط تطلق الزي الموحد للعاملين بالمطعم المركزي    وزير الإسكان: العاصمة الإدارية أصبحت مركزًا متكاملًا للحكومة    برامج مساندة لشريحة متوسطى الدخل لمساعدتهم فى مواجهة الأعباء.. إنفوجراف    صعود مؤشرات البورصة بختام تعاملات جلسة بداية الأسبوع    محافظ المنوفية يناقش إحلال ورفع كفاءة كوبري مبارك بشبين الكوم    ليبيا.. رئيس الأركان التركي يشارك في مراسم تشييع الوفد العسكري    الأحزاب السياسية في تايلاند تسجل مرشحيها لمنصب رئيس الوزراء المقبل    غضب عارم.. جماهير ليفربول تهاجم ذا أتلتيك دفاعًا عن محمد صلاح    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره المغربي    محمود عاشور حكمًا لل VAR بمواجهة مالي وجزر القمر في كأس الأمم الأفريقية    رئيس الوزراء يُتابع ترتيبات عقد امتحانات الثانوية العامة لعام 2026    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    محمد أبو عوض: برلمان 2026 سيشهد نضجا سياسيا.. وتدخل الرئيس صحح المسار    بابا لعمرو دياب تضرب رقما قياسيا وتتخطى ال 200 مليون مشاهدة    مواعيد وجدول مباريات اليوم الأحد 28 ديسمبر 2025    بتكلفة 17 مليون جنيه.. محافظ المنيا يفتتح أعمال تطوير مدرسة "النور للمكفوفين"    هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية تجبر مطارين بموسكو على الإغلاق لساعات    محمود حميدة: طارق النبراوي يفهم معنى العمل العربي المشترك وقادر على رسم المستقبل    وزارة الصحة: غلق مصحة غير مرخصة بالمريوطية وإحالة القائمين عليها للنيابة    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    مباشر أمم إفريقيا - الجابون (0)-(0) موزمبيق.. صاروخ مبكر    الزمالك يصل ملعب مباراته أمام بلدية المحلة    وصول جثمان المخرج داود عبد السيد إلى كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة    رحيل أسطورة الشاشة الفرنسية بريجيت باردو عن عمر 91 عامًا    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حينما نزل الغيث ؟!    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    مؤسسة التضامن للتمويل الأصغر تجدد اتفاق تمويل مع بنك البركة بقيمة 90 مليون جنيه    وصول جثمان المخرج داوود عبدالسيد إلى كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة    مي كساب تبدأ تصوير مسلسل «نون النسوة» استعدادًا لرمضان 2026    الداخلية تقضي على بؤر إجرامية بالمنوفية وتضبط مخدرات بقيمة 54 مليون جنيه    52 % نمو في أرباح ديجيتايز خلال 9 أشهر    البنك الأهلي وبنك مصر يخفضان الفائدة على الشهادات متغيرة العائد المرتبطة بالمركزي    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    أزمة السويحلي الليبي تتصاعد.. ثنائي منتخب مصر للطائرة يلجأ للاتحاد الدولي    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    «ليمتلس ناتشورالز» تعزز ريادتها في مجال صحة العظام ببروتوكول تعاون مع «الجمعية المصرية لمناظير المفاصل»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    الصحة: الشيخ زايد التخصصي يجري قساطر قلبية معقدة تتجاوز تكلفتها مليون جنيه على نفقة الدولة    وزير الصناعة يزور مقر سلطة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي ويشهد توقيع عدد من الاتفاقيات    أمم أفريقيا 2025.. تشكيل بوركينا فاسو المتوقع أمام الجزائر    مد غزة ب7400 طن مساعدات و42 ألف بطانية ضمن قافلة زاد العزة ال103    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    لافروف: روسيا تعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    2026 .. عام الأسئلة الكبرى والأمنيات المشروعة    2025.. عام المشروعات الاستثنائية    كيف ينتج تنظيم الإخوان ازدواجيته.. ثم يخفيها وينكرها؟    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    انطلاق الانتخابات التشريعية في ميانمار    شريف الشربيني يشارك في اجتماع لجنة الإسكان بمجلس الشيوخ اليوم    عبد الفتاح عبد المنعم: الصحافة المصرية متضامنة بشكل كامل مع الشعب الفلسطينى    أمطار ورياح قوية... «الأرصاد» تدعو المواطنين للحذر في هذه المحافظات    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى رثاء عبد الناصر
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 10 - 2010

الموت لحظة فاجعة للبشر تجعلهم يتسامحون مع المتوفى إنسانيا، لكن عندما يتعلق الأمر بوفاة رئيس دولة فإن ردود الأفعال السياسية لا تعرف هذا القانون بل تختلف من شخص لآخر، وربما تباين موقف الشخص الواحد فى حياة الرئيس عنه بعد موته مباشرة.
فالشاعر أمل دنقل مثلا لم يمدح عبدالناصر حيا ولم يصفح عنه ميتا، فقد كتب فى 28 سبتمبر 1970 والجموع تنتحب هاتفة فى الشوارع «الوداع يا جمال يا حبيب الملايين» قصيدة عنوانها «لا وقت للبكاء» يستنكر فيها هذا المشهد قائلا:
تبكين؟ من تبكين؟
وأنت طول العمر تشقين،
وتحصدينْ مرارة الخيبةْ
وأنت طول العمر تبقين، وتنجبينْ
مقاتلين، فمقاتلين، فى الحلبةْ
أما الذنب الذى لم يستطع أمل دنقل غفرانه لعبدالناصر حتى فى ليلة وفاته، فيتمثل تحديدا فى هزيمة 1967 واحتلال سيناء، حيث يقول فى المقطع التالى:
الشمس (هذه التى تأتى من الشرق بلا استحياء)
كيف ترى تمر فوق الضفة الأخرى، ولا تجىء مطفأة؟
والنسمة التى تمر فى هبوبها على مخيم الأعداء
كيف ترى نشمها، فلا تسد الأنف؟ أو تحرق الرئة؟
وهذه الخرائط التى صارت بها سيناء
عبرية الأسماء
كيف نراها، دون أن يصيبنا العمى؟
والعار من أمتنا المجزأة؟
أما الشاعر صلاح عبدالصبور فلم يمدح عبدالناصر طوال حياته أيضا، لكن خلافه معه كان مبكرا جدا ومتعلقا بالدكتاتورية واعتقال الإخوان المسلمين والشيوعيين معا، حيث نشر فى ديوانه الأول الصادر عام 1957 قصيدة رمزية مدوية عنوانها «عودة ذى الوجه الكئيب» يشير فيها إلى ذلك القائد ذى الأنف المقوس الذى أقعى على باب المدينة يسأل سؤالا واحدا: من خالق الدنيا؟ وينتظر الإجابة:
الملتحون تهللوا، وأجاب رائدهم بصوت مستفيض:
الله خالقها! وهذا لا يصح به السؤال
وعوى أبو الهول المخيف، وقلب الوجه الكئيب إلى اليسار
ورمى بجمع الملتحين إلى الدمار
والأمردون تأملوا، وأجاب رائدهم بصوت مستفيض:
لا نستطيعْ! بل نحن نعرف! إنه قدم الطبيعة
وعوى أبو الهول المخيف، وقلب الوجه الكئيب إلى اليسار
ورمى بجمع الأمردين إلى الدمار
وتقدم الدجال والقواد والقراد والحاوى الطروب
وتضعضعوا! قالوا معاذك! أنت خالقها، أجل
أنت الزمانْ، أنت المكانْ، أنت الذى كانْ
أنت الذى سيكون فى آتى الأوان
وعوى أبو الهول المخيف وقلب الوجه الكئيب إلى اليمين
وأشار، ثم تواثبوا فوق الآرائك جالسين
وقد كانت مهاجمة عبدالصبور لعبدالناصر فى حياته أقسى وأشد فى مسرحه الشعرى، وبخاصة مع عشرى السترة فى «مسافر ليل» والسمندل فى «الأميرة تنتظر»، ثم مع الملك فى «بعد أن يموت الملك»، لكن كل هذا لم يمنعه من كتابة قصيدة منصفة فى رثائه عنوانها «الحلم والأغنية»، يقول فيها:
ونعيش فى أيامنا الملأى بيومك واسعا كالأمنيات
وضيقا بالصخر والشوك المدمى والرماد
أيامنا الملأى بأصداء انتصارك
سهمنا المسنون جاز مداه منتصرا وعاد
أيامنا الملأى بأوجاع انكسارك
أحد وبدر شارتين على رداء محمد، عاش الجهاد
أما الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى فقد تغنى بجمال عبدالناصر طوال حياته فى قصائد عديدة، وكتب فى أكتوبر 1970 قصيدة رثاء طويلة له تحمل عنوان «الرحلة ابتدأت» اختتمها بقوله:
إن رحلة حبنا ستكون حربا.. لا يقر لها قرار!
لكن الديوان نفسه يضم قصيدة أخرى كتبها الشاعر فى سبتمبر 1971 بعنوان «مرثية للعمر الجميل» يراجع فيها موقفه من عبدالناصر على المستوى السياسى، أما على المستوى الفنى فقد ألبس الشاعر فى قصيدته الأولى وجه عبدالناصر قناع الرسول الكريم سيدنا محمد، وخلعه عنه فى الثانية، ففى مقابل قوله:
يأتى غدا فينا!
ويكمل فى مسيرة شعبه المقهور دينه
قال:
هل هو الوحى؟ أم أنه الرأى يا سيدى والمكيدة
وفى مقابل قوله:
ينتظرون على مداخل دورهم أن يلمحوك مهاجرا
تلقى عصا التسيار تحت جدارهم يوما
وتمسح عندهم تعب الرحيل
قال:
هل كنت أنت الذى انتظرته المدينة،
هل كنت أنت؟
وفى مقابل قوله:
أو أنها هى ليلة الغار التى ستغيب فيها،
ثم تشرق فى المدينة
قال:
كيف أعرف أن الذى بايعته المدينة،
ليس الذى وعدتنا السماء؟!
والسماء خلاء،
وأهل المدينة غرقى يموتون تحت المجاعة
ولاشك فى أن عبدالناصر زعيم خالد، وأن الشعراء الثلاثة من أبرز الأسماء فى تاريخ الشعر العربى الحديث، لكنهم يمثلون بالتأكيد ثلاثة نماذج مختلفة على المستوى السياسى والإنسانى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.