لتعزيز التعاون الأمني.. وزير الداخلية يستقبل نظيره الفلسطيني    موجز اقتصاد اليوم الاثنين.. آخر موعد للتقديم بمسابقة تعيين 18886 معلما مساعدا    أجواء رائعة بمطروح وتواجد أعداد كبيرة من المواطنين على الشواطئ.. فيديو    فوز 4 طلاب فى مسابقة تحدى القراءة العربى بدورتها الثامنة    إعلام إسرائيلى يعلن إصابة جندى بجروح خطيرة شمالى قطاع غزة    الإفتاء: يجوز ولاده الطفل قبل ميعاده لأداء الحج | فيديو    أحكام العمرة وفضلها وشروطها.. 5 معلومات مهمة يوضحها علي جمعة    محافظ أسوان يفتتح مشروع تطوير قاعة الفريق كمال عامر بمركز عروس النيل    فاران يلمح إلى وجهته المقبلة بعد رحيله عن مانشستر يونايتد    يوفنتوس يقترب من حسم صفقتين في الصيف    بعد حبسه.. القصة الكاملة في محاكمة أحمد الطنطاوي في قضية تزوير توكيلات    منظمة الأغذية والزراعة: مصر العاشر عالميا في إنتاج زيت الزيتون    هيئة الرقابة المالية: اعتماد صندوق تأمين العاملين بشركة مصر للأسواق الحرة    القوات المسلحة: نجري تحقيقات في حادث إطلاق النيران بمنطقة الشريط الحدودي في رفح    المدعية العامة العسكرية الإسرائيلية: الغارة الجوية الأخيرة على رفح خطيرة للغاية    في عامه ال 19.. المدير التنفيذي لبنك الطعام: صك الأضحية باب فرحة الملايين    42 حزبا سياسيا: مناقشة الحوار الوطنى العدوان الإسرائيلي على رفح يؤكد اصطفاف الجميع خلف القيادة السياسية    فينيسيوس: مباراة بوروسيا دورتموند فريدة وعلينا البدأ بقوة منذ البداية    تاكيدا ل «المصري اليوم».. الزمالك يكشف هوية خليفة حلمي    جامعة كفر الشيخ تفوز بالمركز الأول ب النسخة 12 لمهرجان إبداع ب الدوري الثقافي المعلوماتي    تجديد حبس المتهمين بالاعتداء على سائق وسرقته فى الجيزة 15 يوما    بتهمة الشروع في القتل.. المشدد 15 عامًا لتاجر في شبرا الخيمة    توقعات بمواعيد مختلفة لعيد الأضحى 2024 في العالم الإسلامي    الحبس 3 سنوات وكفالة 50 ألف جنيه لمدير أعمال الموسيقار الراحل حلمي بكر    الحكومة تدرس التحول إلى الدعم النقدي بدءًا من 2025-2026    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال تطوير وتوسعة شارع صلاح سالم بعاصمة المحافظة    كسر بالكتف والقدم.. وفاء عامر تكشف تفاصيل تعرضها لحادث خطير    المجلس القومى للمرأة يهنئ الدكتورة جيهان زكي لتعيينها رئيسا تنفيذيا للمتحف الكبير    يسرا: الفنانة الراحلة فاتن حمامة امرأة استثنائية بمعنى الكلمة    رئيس "أميدا": نعتزم تدشين مركز استراتيجي في مصر لحفظ بيانات الدول الأعضاء    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 11 ألف طلب تصالح في مخالفات البناء    قص الأظافر ووضع المعطرات.. دار الإفتاء تحذر الحجاج من ارتكاب هذه الأفعال    حياة كريمة.. تقديم خدمات طبية مجانية لأهالى بيلا فى كفر الشيخ    حياة كريمة.. قافلة طبية شاملة لأهالى قرية "الشهيد الخيري" بالقنطرة غرب    لأصحاب الرجيم.. طريقة تحضير بيتزا توست بالفلفل الرومي    بدء الفعاليات التمهيدية للترويج لافتتاح النسخة الرابعة لحملة «مانحي أمل» في مصر    "متنورش العالي".. صبري فواز يكشف عن نصيحة لطفي لبيب له    إسكان البرلمان توصي بتشكيل لجنة لمعاينة مشروع الصرف الصحي في الجيزة    إعصار مدمر يضرب الهند وبنجلاديش.. مشاهد صادمة (فيديو)    «الشيوخ» يناقش سياسة الحكومة بشأن حفظ مال الوقف وتنميته    يغسل الذنوب.. تعرف على فوائد أداء مناسك الحج    قرارات جديدة بكلية الحقوق جامعة عين شمس 2024    سموحة يغلق ملف الدوري «مؤقتاً» ويستعد لمواجهة لافيينا فى كأس مصر غدًا    وزير الإعلام البحرينى: العلاقات بين مصر والبحرين تتميز بخصوصية فريدة    «الداخلية»: تنظيم حملة للتبرع بالدم بقطاع الأمن المركزي    أكثر من ألفي شخص دفنوا أحياء جراء الانهيار الأرضي في بابوا غينيا الجديدة    رئيس لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس الأمريكي: ملتزمون بدعم تايوان على جميع المستويات    وزير الإسكان يتابع مشروعات تجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية بالقاهرة    بينهم مصر.. زعماء 4 دول عربية يزورون الصين هذا الأسبوع    ضبط لصوص سرقوا دولارات من تجار بالسوق السوداء    وزير الصحة يدعو دول إقليم شرق المتوسط إلى دراسة أكثر تعمقا بشأن مفاوضات معاهدة الأوبئة    تحرير 1365 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    لليوم الثاني.. تجهيز 200 شاحنة تمهيدا لإدخالها إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم    مباريات قوية تنتظر الأهلي بعد التتويج بالبطولة الإفريقية    محمد عبد الجليل: خط الوسط كلمة السر في قوة الأهلي أمام الترجي    جامعة القاهرة تحصد 22 جائزة فى المجالات الأدبية والعلمية بمهرجان إبداع    كولر: لم أستطع الفوز على صنداونز.. لا أحب لقب "جدي".. والجماهير تطالبني بال13    متى عيد الأضحى 2024 العد التنازلي| أفضل الأعمال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل يهودية.. وفلسطين إسلامية؟
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 10 - 2010


ماذا يعنى شعار «إسرائيل دولة يهودية»؟
هل يعطى هذا الشعار شرعية لسلطة إسلامية فى قطاع غزة من خلال حركة حماس؟ وبالتالى للبقية الباقية من الضفة الغربية؟.
وهل يسقط الشعار الوطنى الفلسطينى (الإسلامى المسيحى) والشعار القومى العربى، ليرتفع الشعار الدينى الإسلامى فى مواجهة الشعار الدينى اليهودى؟
ثم هل تعنى ترجمة هذه الشعارات انسحاب إسرائيل من بعض المستوطنات التى أقامتها فى الضفة الغربية، مقابل إبعاد أكثر من مليون ونصف المليون فلسطينى (مسيحى ومسلم) من الأراضى الفلسطينية التى احتلت فى عام 1948 تحقيقا ليهودية الدولة الإسرائيلية؟
عندما وافق رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق إسحق رابين على عودة القائد الفلسطينى ياسر عرفات وأركان منظمة التحرير الفلسطينية إلى غزة والضفة الغربية كان يعتقد أنه بذلك سوف يلوى ذراع التطرف الإسلامى فى قيادة المقاومة الفلسطينية وأنه سوف يقطع عليها طريق الوصول إلى السلطة. كانت الانتفاضة الأولى قد وضعت هذه المخاوف فى حضن رابين وحكومته وأجهزة مخابراته المتعددة. وكانت إسرائيل تدرك أن ذلك يعنى نسف الجسور نهائيا مع الفلسطينيين، كما انه كان يعنى إعطاء الصراع العربى الإسرائيلى بعدا دينيا من شأنه أن يحرج عددا من الدول الاسلامية التى اعترفت بإسرائيل وتلك التى بدأت تتعامل معها.
وعندما وافق المرحوم ياسر عرفات على الشروط الإسرائيلية للعودة إلى الضفة الغربية، لم يكن يعتقد أن حماس والجهاد سوف تتمردان عليه أو أن تمردهما سوف يصل بهما إلى المستوى الذى يمكّنهما بالفعل من تعطيل التسوية التى وافق على التفاوض بشأنها مع إسرائيل. كانت الشروط الإسرائيلية لعودة عرفات تقول أولا بوجوب الاعتراف بإسرائيل بموجب قرارى مجلس الأمن الدولى 242 و338، وثانيا بإلغاء نص فى وثيقة منظمة التحرير يقول بالعمل على إزالتها. وقد استجاب عرفات للشرطين والتزم بهما.
عاد عرفات وأصحابه إلى الضفة الغربية. وشكل التزامه الاساس الذى استندت اليه المباحثات السياسية التى جرت بعد ذلك سرا فى أوسلو بالنرويج فى عام 1993 للتعجيل فى وضع تسوية سياسية تقطع الطريق أمام تنامى قوة المعارضة الاسلامية الفلسطينية ومنعها من الوصول إلى الحد الذى يمكّنها من تعطيل التسوية أو إجهاضها. ولكن عملية الإجهاض والتعطيل جاءت من المعارضة الدينية اليهودية المتطرفة التى اغتالت رابين فى الساحة الرئيسية فى تل أبيب، وذلك قبل أن يصلب عود المعارضة الاسلامية. فتوقفت المباحثات السياسية نتيجة لذلك.
وساهم خلفاء رابين من رؤساء الحكومات وخاصة نتنياهو فى هذا التعطيل توددا لليهود المتطرفين داخل إسرائيل وفى الولايات المتحدة كسبا لأصواتهم ولدعمهم.
لم يستطع إسحق رابين أن يقنع المتطرفين اليهود بالاستراتيجية التى كانت تتحسب لمصاعب صعود المد الإسلامى المقاوم فى فلسطين المحتلة. ولم يستطع ياسر عرفات أن يستدرج الاسلاميين فى حماس والجهاد إلى مسيرته السياسية النى انتهت فى كامب ديفيد بانتهاء عهد الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون.
كان هناك سباق واضح بين التسوية السياسية وصعود التطرف الدينى اليهودى (فى إسرائيل) والإسلامى (فى فلسطين). كان أهل التسوية يراهنون على أن الفشل يعنى المزيد من التطرف. وبالتالى المزيد من التباعد فى المواقف بحيث يصعب التجسير بينها.
ولذلك وضع كلينتون ومستشاروه صيغة اللحظة الأخيرة التى تضمنت البنود التالية:
1 إقامة دولة فلسطين فى غزة وفى 95 بالمائة من الضفة الغربية.
2 إعلان القدس عاصمة لكل من فلسطين وإسرائيل.
3 منح الفلسطينيين السيادة على جبل الهيكل، حيث يوجد المسجد الأقصى وقبة الصخرة.
4 منح الإسرائيليين السيادة على حائط المبكى (البراق).
5 الاعتراف بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى غزة والضفة الغربية، وليس إلى داخل حدود إسرائيل التى كانت قائمة حتى عام 1967.
ولكن هذه الصيغة وقعت بين فكى كماشة الرفض الإسلامى من جهة الذى اعتبر السيادة الإسلامية على القدس ناقصة، وبين الرفض اليهودى الذى اعتبر أن السيادة اليهودية على موقع الهيكل شبه معدومة!!.
وهكذا فشل عرفات مع المتشددين الإسلاميين. وفشل إيهود باراك مع المتطرفين اليهود. وأدى هذا الفشل المزدوج إلى انهيار مساعى التسوية، ومن ثم إلى انفجار الوضع الأمنى الذى تمثل فى سلسلة عمليات الاجتياح التى قام بها الجيش الإسرائيلى لمدن الضفة الغربية وغزة. وفى سلسلة العمليات الاستشهادية التى قام بها المقاومون الفلسطينيون فى العمق الإسرائيلى. أدت هذه التداعيات إلى وصول حركة حماس إلى السلطة فى غزة من خلال انتخابات عامة لا يشكك أحد فى صحتها. الأمر الذى وضع القضية الفلسطينية بكل أبعادها أمام تجربة جديدة؟
وقد لاحظ وزير الخارجية الأمريكية الأسبق الدكتور هنرى كيسنجر أنه «لا ينبغى التعامل مع بروز حماس فى موقع الفصيل المسيطر فى فلسطين باعتباره انطلاقة جذرية جديدة. تمثل حماس الذهنى التى منعت منظمة التحرير الفلسطينية من الاعتراف بشرعية إسرائيل طوال العقود المنصرمة، وحالت دون موافقة ياسر عرفات على تقسيم فلسطين فى كامب ديفيد عام 2000، وأنتجت انتفاضتين ودعمت الإرهاب باستمرار، أحيانا بوضوح ودائما بصورة ضمنية».
مع ذلك لم يكن أحد من هذه القوى والمنظمات الفلسطينية على استعدد للتعامل مع هذا الفوز الذى تمّ بالأسلوب الديمقراطى الذى يتمسكون به جميعا. فلا الولايات المتحدة ولا إسرائيل كانت تريد نصرا لحماس عن طرق الديمقراطية. بل كانتا تريدان الهزيمة لمبدأ المقاومة المسلحة ولمنطق الجهاد الدينى. وبالتالى كانتا تريدان الهزيمة لحماس. لقد فشلت محاولات إسرائيل المتكررة شطب حماس من المعادلة الفلسطينية عن طريق الاغتيالات التى مارسها الجيش الإسرائيلى لعدد كبير من قياداتها، وعن طريق سلسلة عمليات الاجتياح للمدن وللمخيمات الفلسطينية البائسة، وعن طريق العقاب الجماعى الذى يتعرض له الشعب الفلسطينى. وكان آخرها الحرب المدمرة على غزة فى عام 2008 والتى أدانها التحقيق الدولى الذى أجرته لجنة دولية خاصة برئاسة القاضى اليهودى جولدستون.
كذلك فشلت الولايات المتحدة فى تجريد حماس من شعبيتها عن طريق التهديد والوعيد.. وعن طريق وقف المساعدات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية الجديدة بقيادة حماس، وحتى بسحب مبلغ 50 مليون دولار كانت قد دفعتها إلى السلطة السابقة، وكذلك عن طريق اتهام حماس بانها مجرد أداة من أدوات التحرك الإيرانى الجديد فى المنطقة.. ولكن ذلك كله ذهب أدراج الرياح.
فالولايات المتحدة اليوم تسعى إلى التفاوض مع حماس ولو على استحياء ولو بصورة غير مباشرة. حتى إسرائيل ذاتها أدركت أنها لا تستطيع التوصل إلى تسوية مع السلطة الفلسطينية ما لم تكن حماس جزءا منها.. ولو بصورة غير مباشرة أيضا. وقد أعاد هذا الأمر الحياة إلى المفاوضات بين فتح وحماس فى دمشق.
من هنا السؤال: ماذا يعنى أن يتولى السلطة فى إسرائيل اليمين الدينى اليهودى وأن يعلن رسميا ان إسرائيل دولة يهودية؟. وماذا يعنى أن يتولى السلطة فى فلسطين، مقابل ذلك، اليمين الدينى الإسلامى؟ هل يتحول الصراع فى فلسطين إلى صراع دينى؟ وإذا حدث ذلك هل ان الدول الاسلامية (54 دولة) مستعدة للدخول فى الصراع تحت هذه اليافطة الدينية؟. وماذا عن الدول الاخرى فى العالم التى تتوطد لديها يوما بعد يوم ثقافة ربط الاسلام بالإرهاب؟. وأين العرب غير المسلمين فى هذا النوع الجديد من الصراع؟. بل أين الأصدقاء الدوليون المتعاطفون مع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية حقوق وطنية وقضية إنسانية فى الوقت نفسه؟. ثم كيف سيكون حال العالم العربى اذا تخلت القضية الفلسطينية عن المظلة الوطنية التى يستظل بها المسلمون والمسيحيون معا، واعتمدت على مظلة دينية إسلامية فقط؟ ألا يخشى أن يُساء استغلال ذلك لتوظيفه فى مشروع إعادة النظر فى الخريطة السياسية لدول المنطقة على اسس دينية ومذهبية وعنصرية؟.
لعل ما يجرى فى العراق، وما يحضّر للسودان، وما يواجهه لبنان.. يلقى الضوء على ما تنتظره فلسطين.. أو البقية الباقية منها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.