التنزاني أحمد خلفان غيلاني، (36 عاما)، هو أول سجين في غوانتانامو يُحاكم أمام محكمة فدرالية في نيويورك، ويعد معتقلا نموذجيا مولعا بالروايات البوليسية المخصصة للقضايا القانونية، مر بالسجون السرية التابعة لسي آي إيه وغوانتانامو. وهذا الشاب، صاحب الوجه المستدير الطفولي، ولد في زنجبار في 1974 لعائلة متواضعة. ويشتبه بأنه شارك في الاعتداءات على السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، مما أوقع 224 قتيلا وأكثر من خمسة آلاف جريح. وبعد طلاق والديه ووفاة أبيه فيما كان في الخامسة عشر من عمره، عاشت عائلته في فقر مدقع. لكن الفتى كان يذهب إلى المدرسة ثم إلى مدرسة تقنية حيث درس المعلوماتية. وقد بدأ بحسب السلطات الأميركية العمل لحساب عملاء في تنظيم القاعدة في العام 1998، وشارك في شراء وإعداد الشاحنة المفخخة التي استخدمت في الاعتداء على السفارة الأميركية في دار السلام. كما يشتبه بأنه شارك في شراء متفجرات. وقد دفع غيلاني ببراءته مؤكدا أنه لم يكن يعلم أن مستودعات الأوكسجين ومادة التي إن تي التي اشتراها ستستخدم في صنع قنابل. وعشية الاعتداءات غادر تنزانيا للالتحاق بأسامة بن لادن في أفغانستان. ولم ينف مطلقا أنه كان مرافقا شخصيا وطباخا لزعيم القاعدة. ثم انضم غيلاني، المتزوج من أوزبكية تصغره بثماني سنوات، بحسب البنتاغون، إلى مجموعة أفارقة في قندهار (أفغانستان) في 2001 مكلفين بإعداد وثائق مزورة للشبكة الإرهابية. وبعد سقوط نظام طالبان في 2001 غادر أفغانستان إلى باكستان، حيث أوقف في يوليو 2004 قبل أن يتم تسليمه إلى السلطات الأميركية في كانون ديسمبر. ثم اختفى في أحد سجون الوكالة المركزية للاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) في بلد لم يكشف. وكان في عداد 14 معتقلا يعتبرون على "درجة عالية من الأهمية" ظهروا مجددا في سبتمبر 2006 في غوانتانامو. وهو يؤكد على غرار الآخرين أنه تعرض لسوء المعاملة أثناء احتجازه. وقال أحد محاميه بيتر كيجانو: "خلال الشهرين الأولين في السجن السري" أصبح "في حالة عجز غير قادر على الصمود جسديا وعاطفيا ونفسيا". لكن الطبيب النفسي غريغوري ساثوف، الذي أمضى حوالي 16 ساعة معه في السجن الأميركي المحاط بتدابير أمنية مشددة، حيث نقل صيف 2009، والذي نزعت صفة السرية عن تقريره، اعتبر أن الرجل اجتاز محنة الاحتجاز بشكل يدعو للدهشة. وخلال المقابلات "بكى أحيانا، لكن في أوقات عادية مثلما فعل عندما كان يروي كيف توفي والده". وكتب الطبيب النفسي الذي يخضع تقريره لرقابة مشددة: "لكن بالتأكيد كان غيلاني مصدوما تماما ولاقى صعوبة في إيجاد كلماته أو النظر إلى محادثه في عينيه عندما كان يتحدث.." في ما يبدو وصفا لظروف اعتقاله لدى سي آي إيه. و"قال إنه لم يعد يستطيع مواصلة (روايته)، وأن سرد قصته سيكون أمرًا مخجلا جدا بالنسبة إليه". ويشير تقرير الطبيب ساثوف أيضا إلى أن أحمد غيلاني يلم جيدا بالنظام القضائي الأميركي، خصوصا بفضل قراءته لروايات الرعب البوليسية. ووصف تقرير مسؤول الوحدة التي احتجز فيها غيلاني وسط إجراءات أمنية مشددة: "أنه شاب ذكي يتكلم (الإنكليزية) جيدا ويختار كلماته، إنه منطقي وبإمكانه وضع إستراتيجية وإجراء تفاوض". وتعتبر هذه المحاكمة اختبارا حاسما لقدرة إدارة الرئيس باراك أوباما على تصحيح التجاوزات التي ارتكبت في عهد الرئيس السابق جورج بوش في مجال مكافحة الإرهاب.