التطرف يتقدم، والتسامح يتراجع.. يبدو أن ذلك ليس مرضا مصريا أو عربيا فقط، لكنه أمريكى أيضا. الدليل على ذلك، ما نشرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية فى عددها أمس الأول الأحد فى صفحتها الأولى، وجاء فيه، أن هيئة التعليم فى ولاية تكساس الأمريكية تبنت قرارا بحذف العبارات التى تشيد بالثقافة الإسلامية من المناهج التعليمية فى إطار ملاحقة ما اعتبرته «كتبا مؤيدة للإسلام ومعادية للمسيحية» فى هذه المناهج. خطورة هذا القرار كما قال نهاد عوض، الرئيس التنفيذى لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية «كير» إنه قد يكون له تأثير على إدارات تعليمية فى ولايات أخرى كى تحذو حذوها. وإذا وضعنا هذا القرار فى سياق حملة أوسع ضد الإسلام فى أمريكا بعد تهديد القس تيرى جونز بحرق المصحف والرفض المتنامى لبناء مسجد فى «جراوند زيرو» بنيويورك يمكن لنا أن نتصور أى مستقبل ينتظر المسلمين هناك . قبل أسابيع، طعن راكب أمريكى سائق تاكسى أمريكيا آخر، فقط، لأنه علم أنه مسلم، ومنذ أحداث 11 سبتمبر 2001 وأحداث أخرى مشابهة تحدث بين الحين والآخر. كثيرون راهنوا على أن موجة التطرف الأمريكية سوف تنكسر بعد هزيمة الجمهوريين واليمين المحافظ فى انتخابات الرئاسة والكونجرس الماضيين ومجىء أوباما والديمقراطيين.. لكن التطورات الأخيرة تكشف للأسف أن جذور العداء للإسلام بدأت تتجذر فى التربة الأمريكية التى كانت مثالا للتسامح مع جميع الأديان والأعراق والثقافات.. هذا العداء لا يوجه ضد المسلمين فقط بل ضد أوباما نفسه الذى يتهمه كثيرون بأنه يخبئ إسلامه تحت جلده، رغم أن الرجل يحاول إنكار ذلك بطرق متعددة وآخرها زيارته قبل أيام لإحدى الكنائس. يشعر المرء أحيانا أن هناك إصرارا محليا وعربيا وعالميا على إشعال حرب دينية بين المسلمين والمسيحيين بعد أن ظن كثيرون أن التطرف مقصور على قلة فى المعسكرين، ثم فوجئنا أنه يسكن عقول وقلوب بعض من يفترض أنهم يحاربون الفتنة. بالطبع يفترض ألا نبرئ أنفسنا كمسلمين بعد ان اعطينا الأعداء الطعم الذى اصطادونا به وهو تفجيرات سبتمبر. المأساة أنه إذا سارت الأمور بنفس وتيرتها فقد لا يمر زمن طويل قبل أن تفكر الولاياتالمتحدة فى معاملة العرب والمسلمين المقيمين فيها كما عاملت اليابانيين بعد الهجوم على «بيرل هاربوز» عام 1941عندما عزلتهم فى «جيتوهات» خارج المدن باعتبارهم جميعا خونة. هنيئا لإسرائيل وللصهاينة وللمتطرفين فى كل مكان وفى كل الأديان.. فالآن بدأنا فعلا فى حصاد ثمار تفجيرات 11 سبتمبر والبقية فى الطريق.