الزراعة: ذبح أكثر من 9800 أضحية مجانا في المجازر الحكومية خلال أول أيام عيد الأضحى    وزير التموين: استمرار عمل المجمعات الاستهلاكية خلال أيام العيد    سعر الفراخ اليوم الحمعة 6 يونيو 2025    لبنان.. إسرائيل منعت تفتيش مبنى بضاحية بيروت قبل قصفه    كل أهداف الترجى التونسى فى كأس العالم للأندية (فيديو)    بن شرقي وزيزو وإمام.. عودة الثلاثية التاريخية بعد غياب 1053 يومًا    مباراة المغرب ضد تونس مباشر اليوم.. الموعد والمعلق والقنوات الناقلة    بوروسيا دورتموند يحاول التعاقد مع بيلينجهام قبل مونديال الأندية    ترعة السنطة تبتلع شابا في عمر الزهور.. انتشال جثة طالب غرق قبل وصول الإسعاف    حاملًا سلاحًا في بوستر «7DOGS».. ويُعلق: «زيزو مش في الفيلم.. أنا في الأهلي»    أرقام موسم عيد الأضحى في 10 سنوات: تامر حسني الأكثر استمرارية وكريم وعز يتصدران الإيرادات    جولات العيد في المنيا.. وكيل وزارة الصحة تتفقد عددا من المستشفيات وتطمئن على جاهزيتها    البنك المركزي وضرورة تطوير منظومة إدارة الاحتياطي النقدي    السعودية: 10 آلاف نشاط توعوى و34 مليون رسالة خلال يومي التروية وعرفة    مصرع طفل سقط من علو في أكتوبر    رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني: مقترح ويتكوف منحاز بشكل فاضح ضد حماس    وزيرة العدل الأوكرانية: أمامنا عام واحد لتلبية شروط التمويل الأوروبي الكامل    حسين لبيب: تتويح الزمالك ببطولة كأس مصر نتاج عمل جماعى.. صور    محافظ الإسماعيلية يتفقد المجمع الطبى بحى ثالث فى أول أيام عيد الأضحى    التأمين الصحي في كندا    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    الهيئة الوطنية للإعلام تنعى الإذاعية هدى العجيمي مقدمة برنامجي مع الأدباء الشبان وإلى ربات البيوت    ياسر جلال يحتفل بالعيد مع الفنان مصطفى أبو سريع بفيديو كوميدي    السينما والمسرحيات.. أشهر أفلام عيد الأضحى التي لا غنى عنها في البيوت المصرية    أمين "الجبهة الوطنية" يؤدي صلاة عيد الأضحي مع أهالي قريته بالغربية (صور)    بالفيديو| مها الصغير تغني "علي صوتك" ومنى عبدالغني تشاركها الغناء    حمزة العيلي يكشف تأثير فيلم «إكس لارج» على الجمهور وأجره المتواضع في العمل    محافظ الدقهلية يزور الأطفال الأيتام في أول أيام عيد الأضحى    رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يلتقي نظيره البرازيلي في جنيف    نسب وأرقام.. أول تعليق من حزب الأغلبية على «القائمة الوطنية» المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ    جاسمين طه زكي: نشأت في بيت سياسي ودخولي الإعلام قوبل باستهجان    من الصلاة والأضاحى للاحتفالات.. بلاد العرب تستقبل عيد الأضحى.. ألعاب نارية وكرنفالات.. زيارة المقابر فى الكويت.. المغرب بدون "النحر" للمرة الأولى و"الرومى" بديل الأضحية.. مشهد مهيب للصلاة بالمسجد الحرام    الصحة: إجراء 2 مليون و728 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    السياحة تشكل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    عيد الأضحى في حديقة الأزهر.. 15 صورة توثق بهجة العائلات والأطفال    مراسلة "القاهرة الإخبارية": المصريون يقبلون على الحدائق العامة للاحتفال بعيد الأضحى    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    محافظ بني سويف يؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    المثلوثي: جمهور الزمالك نمبر 1.. وناصر منسي: سنبني على تلك البطولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دبلوماسية قطاع خاص
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 08 - 2010

كتبت منذ فترة فى هذه الصفحة من جريدة «الشروق» عن حجم الهدر الذى يمكن أن يحدث فى الإمكانات البشرية المصرية فى حال أهملت الدولة فى واجب الاستفادة من خبرات النساء والرجال الذين عملوا معظم سنين حياتهم فى أجهزة المخابرات المصرية ومؤسسات تابعة لها، وتركتهم يتقاعدون بدون عمل أو فى أعمال لا تستفيد من تخصصاتهم وخبراتهم.
نعرف أن البعض منهم، كالبعض فى دول أخرى، تتخاطفه شركات القطاع الخاص للاستفادة من علاقاته الخارجية الواسعة، وبعضهم تسعى إليه مراكز البحوث وخزائن العصف الفكرى لدعم إمكاناتها التحليلية وتشذيب مخزون البيانات والمعلومات. نعرف فى الوقت نفسه أن أعدادا لا بأس بها من المتقاعدات والمتقاعدين يوكل إليها وظائف «شرفية» أكثرها لا يتناسب والمكانة الاجتماعية للمتقاعد أو بعيدة كل البعد عما حصله من خبرات وتجارب. اقترحت لتفادى هذا الهدر تشجيع هؤلاء الخبراء والمتخصصين على إنشاء مكاتب تقدم المشورة «الاستخباراتية» لشركات القطاع الخاص وتعد لها ولمن يطلب التحليلات السياسية المناسبة حول أحداث مهمة وتنصح بما يجب مراعاته من محاذير أثناء تنفيذ مشروعات تجارية فى دول وأقاليم غير مستقرة سياسيا ومهددة أمنيا أو اقتصاديا.
تشهد معظم المجتمعات الغربية طفرة فى «خصخصة» قطاع الأمن الداخلى. لا أقصد بطبيعة الحال الإقبال الشديد من جانب شركات ومصانع القطاع الخاص والمجمعات السكنية على توظيف رجال أمن متقاعدين فى وظائف حراسة أو إدارة، ولكننى أقصد الإقبال الملحوظ من جانب الشركات على استخدام خبرات نادرة تدربت على أحدث ثمرات التقدم التكنولوجى وبخاصة فى قطاعات الإلكترونيات والاتصالات لتشغل فيها مناصب فنية وعالية التخصص. وأظن أنه سيكون مفيدا لجميع الأطراف تشجيع ضباط وفنيين متخصصين لإنشاء مكاتب استشارية تقدم خبراتها التى تراكمت عندما كانت فى خدمة الأمن السياسى والجنائى وتضعها تحت تصرف القطاع الخاص.
يختلف هذا التوجه عن توجه سائد فى مجتمعات غير متقدمة يصر على اعتبار ضباط الأمن المتقاعدين أقدر الناس على القيادة داخل المؤسسات أو فى المحال التجارية وبخاصة فى المواقع التى تحتك بالجماهير. يعود هذا التوجه إلى اقتناع سائد منذ منتصف القرن الماضى بأن الإدارة تعادل الانضباط، واقتناع آخر بأن رجال الأمن المتقاعدين هم الأقدر على أداء وظيفة «ضباط اتصال» لتسهيل الإجراءات مع الأجهزة البيروقراطية.
أثق ثقة تامة فى أن التدريب العصرى الذى حصل عليه أغلب ضباط الأمن، وبخاصة فى مجالات التكنولوجيا الإلكترونية وفك شفرة الهواتف المنقولة والتسجيل عن بعد والمراقبة والمتابعة وتحليل المعلومات والشخصيات، يؤهل هؤلاء الضباط لتقديم خدمة جليلة لتحقيق هدف تحسين نوعية الحياة لدى المواطنين ودعم دور القطاع الخاص فى التنمية. وإذا لم يكن ممكنا فى السابق وربما الحاضر أيضا السماح للقطاعات المدنية بالاطلاع أو الاستفادة من أفكار وأدوات التقدم التى تحصلت عليها قطاعات الأمن فى الدولة من خلال المعونات الفنية الأجنبية فلا أقل من أن نبدأ فورا بنقل هذه الانجازات التكنولوجية إلى القطاع الخاص وقطاعات الاقتصاد الأخرى. ولتكن أول خطوة فى هذا الاتجاه تشجيع الضباط والفنيين المتقاعدين على إقامة شركات خاصة بهم تقدم هذه الخدمة لمن يحتاجها فى كل مجالات العمل المدنى.
كانت مفاجأة سارة ومصدرا لإضافة ثمينة تلك الورقة التى أعدها فرع من فروع مؤسسة كارنيجى، تقترح أن ندمج الاهتمام بخبرات قدامى الدبلوماسيين فى قائمة اهتمامنا بخبرات المتقاعدين من ضباط المخابرات والأمن الداخلى. عرفت أثناء إطلاعى على الورقة أن أحد كبار الدبلوماسيين البريطانيين تقاعد من الخدمة وأنشأ مجموعة تحت اسم« الدبلوماسيون المستقلون»، بهدف السعى إلى مساعدة وزارات الخارجية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى والمؤسسات الدولية لتقديم أداء أفضل فى عملياتها وأنشطتها المتصلة بالشئون الدولية. انطلقت الفكرة لتتمشى مع الواقع الجديد فى عالم الدبلوماسية حيث «تقلصت قدرة الحكومات على التحكم فى الأحداث بعد أن خرجت من تحت سيطرتها عناصر قوة عديدة».
يعتقد خبراء فى الدبلوماسية، عن حق، فى أن نفوذ رجال الأعمال فى التأثير على عملية صنع السياسة الخارجية فى دول عديدة زاد زيادة كبيرة. ولا يبالغ هؤلاء الخبراء عندما يصرحون بأن بعض رجال الأعمال يكاد يقيم فى وزارات الخارجية، وأن بعضا أكبر استطاع تجنيد دبلوماسيين على اختلاف درجاتهم الوظيفية ليخدموا أغراضه ذات الصلة بدول ومؤسسات أجنبية أو أجهزة معينة فى الدولة. يقول السيد روس الدبلوماسى البريطانى إن المجموعة التى أنشأها لا تنوب عن وزارات الخارجية فى أداء وظائف دبلوماسية تقليدية، إنما تنصب جهودها على تقديم المشورة المناسبة حتى تقوم هذه الوزارات بخدمة مصالح دولها على أفضل وجه، أما القرار النهائى فيبقى بطبيعة الحال فى أيدى وزارات الخارجية. «نحن ننصح والحكومات تقرر» . ويؤكد أن «الدبلوماسيين المستقلين» لا يقومون بأداء مهمة العلاقات العامة، خاصة وأن كثيرا من قيادات القطاع الخاص وعددا كبيرا وإن متناقصا من الدبلوماسيين ما زالوا يعتقدون أن مهمة الدبلوماسى تحسين صورة بلده لا أكثر. لا يختلف هؤلاء عن قدماء الدبلوماسيين الذين كانوا يتصورون أن وظيفتهم هى أن يظهر الأمير الحاكم أمام الحكام الأجانب فى أبهى صورة.
يعرف بعضنا ممن أتيحت له الفرصة ليتعرف عن قرب على مداخل الدبلوماسيات العربية ودخائلها أن معظم الفشل الذى لم يعد يفارقها سببه أنها مازالت تخلط بين المهام الجديدة والمعقدة للدبلوماسية المعاصرة ومهمة العلاقات العامة، لا يدرك هؤلاء أن الأوفر لهم وللدول ماليا وسياسيا أن تؤدى شركات خاصة مهمة العلاقات العامة وتحسين صورة «الأمير..الحاكم»، وتركز وزارات الخارجية على المهام الأخرى. يذكرالسيد روس كيف أن الرئيس بوش لم يقنع أحدا بالحملة التى شنتها إدارته للبرهنة على أن أمريكا دولة «تسامح» فى الوقت الذى كانت إدارته تؤيد حكومات تستعبد شعوبها ودولا تعتدى على حقوق دول أخرى.
ويبدو من ثنايا حديث مؤسس مجموعة «الدبلوماسيون المستقلون» أن المجموعة التى تضم عددا غير قليل من الدبلوماسيين المتقاعدين من شتى الجنسيات قدمت توصيات جيدة استفادت منها حكومة كوسوفو فى تحقيق الاستقلال عن صربيا وإعلان قيام الدولة، استفادت أيضا حكومة بلاد الصومال وهى الآن تساعد «حكومة» الجيش الشعبى لتحرير السودان.
أتصور، وبحق أنه إلى جانب هؤلاء الذين نجحت وزارات فى الدولة المصرية وشركات قطاع خاص في استقطابهم، يوجد بين الدبلوماسيين المصريين المتقاعدين أفراد لديهم الخبرة التى تؤهلهم لتقديم مشورات فى موضوعات وقضايا شتى، بعض هؤلاء عمل بالأمم المتحدة ويعرف داخلية المنظمة التى صارت مسرحا واسعا يمارس فيه مخنلف الضغوط المجتمع المدنى العالمى وممثلو المنظمات غير الحكومية والشركات متعددة الجنسية والمؤسسات الأمنية عابرة الحدود. هؤلاء وغيرهم من الذين تعودوا على ممارسة أساليب الدبلوماسية التقليدية سواء فى قطاع الدبلوماسية متعددة الأطراف أو الدبلوماسية الثنائية، يستطيعون بغير صعوبة كبيرة وبتدريب بسيط، تطويع خبراتهم لتستجيب لواقع جديد فى عالم الدبلوماسية، ينطلقون من خلاله نحو آفاق واسعة تحقق لهم طموحات لم تحققها الوظيفة الرسمية لأسباب وظروف نعرفها ونقدرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.