أعلن أخيرا عن توقف سلاسل مثل «ملف المستقبل» و«رجل المستحيل»، للدكتور «نبيل فاروق» أكثر الشخصيات الروائية شهرة فى عالم المراهقين، وقبلها أعلن توقف روايات د. أحمد خالد توفيق فى سلسلة «ما وراء الطبيعة» عند العدد (80). ولم تفلح محاولات قرائه فى إثنائه عن تلك الخطوة، وقبلهما توقفت سلسلة «الشياطين ال13» للكاتب الكبير «محمود سالم»، ربما بعد سقوط الحلم القومى الذى جمع بين تلك الشخوص الروائية ذوى الأصول العربية المتعددة والذى كان محاولة رمزية لهزيمة «إسرائيل». وعلى الرغم مما يسوقه هؤلاء المبدعون من أسباب موضوعية لقتل حكاياتهم كتهرب الناشرين بسبب زيادة التكلفة وضعف التوزيع، أو القرصنة التى تتيح تلك السلاسل على الإنترنت بلا حقوق مادية أو أدبية لكتابها، أو حتى الملل والإحباط اللذين قد يسببهما القارئ ذاته لهؤلاء المؤلفين عبر النقد المتواصل لأعمالهم واتهامها بعدم مواكبة العصر. خصوصا بعد ظهور وسائط منافسة أكثر حيوية وواقعية من تلك الأفكار الماورائية الأخلاقية، التى تنتصر دائما للحق والعدل والجمال، بينما العالم تتراجع فيه تلك القيم، فإن للقارئ الذى أسهم بشكل مواز فى خلق أعمال هؤلاء الكتاب عبر متابعتها والتعليق عليها وانتظارها والتفاعل معها، الحق فى التساؤل عن سر هذه النهاية المأساوية لتلك الكتابات. وفى التحقيق التالى يحاول كتاب «سلاسل الجيب» أو أدب المراهقين الإجابة عن هذا السؤال: يقول الكاتب «د. تامر إبراهيم» إنه قرر إنهاء سلسلته لأن عمرها الفنى كان قصيرا وكان لا بد أن تنتهى عند هذا الحد. ويضيف أن توقف بعض السلاسل الأخرى لكتاب آخرين مثل «د. نبيل فاروق» و«د. أحمد خالد توفيق» كان ضرورة وخطوة ستتم أيا كان وقتها، مستبعدا تسبب القرصنة وسرقة ونشر تلك الأعمال على الإنترنت فى تراجع الطلب على المطبوع منها. كما نفى أن تتسبب محدودية المقابل المادى الذى يتقاضاه كتاب تلك السلاسل فى توقيفها، مشيرا لأن ذلك المقابل كان محدودا طوال الوقت، لكن السلاسل تراجعت الآن لأسباب أخرى، وأن ذلك فعلا ليس عصرها الذهبى. وأوضح «إبراهيم» أن مشكلة ذلك النوع من الكتابة أنه ظل لفترة طويلة مقصورا على اثنين أو ثلاثة من الكتاب الذين سيتوقفون حتما فى يوم ما لأى سبب، الأمر الذى سيترتب عليه فى النهاية تراجع ذلك النوع من الأدب ما لم تكن هناك بدائل أخرى، أى أعمال أخرى لكتاب أخر، وهو الأمر القليل فعلا بسبب صعوبة ذلك النوع من الأدب الذى يتطلب موهبة وتفرغا وصبرا على التجاهل النقدى المتواصل. ومن جانبه أكد «د. محمد سليمان عبد المالك» كاتب سلسلتى «لوتس» و«سين» أنه لم يقرر إنهاء تلك السلاسل، وإنما التوقف المؤقت لحين إيجاد صيغة توافقية مع المؤسسة العربية الحديثة التى تتولى طبع أعماله ضمن سلاسل روايات الجيب، ولحين العثور على شىء جديد لتقديمه للقارئ. وقال «سليمان» إن ثبات الآليات التى تتعامل بواسطتها المؤسسة الحديثة مع أعمال الجيب، والتى لم تتغير منذ بدء صدور تلك الأعمال عام 1984 هو المسئول فى رأيه عن تراجع بعض تلك السلاسل، وتوقف بعضها، وهروب البعض الآخر لدور نشر أخرى، موضحا استمرار نفس أساليب الطباعة والإخراج وكذلك الدعاية، فى الوقت الذى تتطور فيه جميع تلك الآليات، خصوصا مع توالى ظهور وسائط وآليات منافسة أحدث وأقرب إلى روح العصر. ولفت إلى أن المنافسة الناتجة عن الوسائط الأخرى كان يمكن استيعابها بل الاستفادة منها فى حال تطوير كتب الجيب التى كان من الممكن أن تحتفظ فى رأيه بنفس أرقام توزيعها بسبب شعبيتها الشديدة، وارتباط قطاع عريض من القراء بها، لكن تلك الإصدارت ظلت محتفظة بتقليديتها. كما لفت إلى ارتباط التأليف والإنتاج الإبداعى للكاتب بعمليتى النشر والتوزيع، ذلك لأنهما فى رأيه القنوات التى يتم عبرها تسيير أعمال المبدع، موضحا أن انصراف القارئ عن عمل ما بسبب عدم اهتمام الناشر بتجويده، سيؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على قرار الكاتب حيال إنتاج أو كتابة أعمال جديدة، وهو ما جرى معه حيث تأثر إنتاجه بسلوك النشر والتوزيع الذى تتبعه المؤسسة العربية الحديثة. أما الكاتب «محمد سامى» مؤلف سلسلة مغامرات «ساعات الخطر»، ومؤسس دار «ليلى» للنشر، التى تخصصت فى نشر كتابات المغامرات والألغاز، فى وقت تنسحب تدريجيا المؤسسة العربية الحديثة، التى كانت رائدة فى ذلك المجال، معلنة أنه لم يعد «يجيب همه»، فقال إن خروج مؤسسة من مجال ما لا يعنى أن تفشل أى مؤسسة أخرى عند اختراقها نفس المجال، موضحا اختلاف آليات العمل بمشروعه عنها فى المؤسسة الحديثة، وشدة اقترابها وتفاعلها مع روح العصر. وأضاف «سامى» أن إنشاء مؤسسته جاء فى وقت لم يكن فيه أى من كتاب سلاسل الجيب قد اتخذ قراره بالتوقف، فضلا عن أن هذا التوقف الذى تم بعد ذلك لم يكن نهائيا، بمعنى أنه لم يشمل جميع السلاسل التى يكتبها هؤلاء الكتاب وإنما بعضها، وذلك فى رأيه أمرٌ منطقى سيتم أيا كان وقته. ولفت الكاتب إلى أن توقف رواد ذلك النوع من الأدب، لا يعنى انتهائه مشيرا إلى وجود عدد كبير من الكتاب الجدد الذين يحتاجون فقط تسليط الضوء عليهم وعلى ما يقدمونه من جديد. كما لفت إلى عبث فكرة استحواذ الإنترنت على جمهور الروايات المطبوعة سواء فى سلاسل المراهقين أو غيرها من الأعمال الإبداعية بدليل تحميل تلك الأعمال ذاتها لنقلها لجمهور الإنترنت. هذا هو رأى الجيل الجديد من كتاب روايات الجيب، أو أدب المراهقين، والذين كانوا بالأساس قراء لكتابات الرواد فى هذا المجال مثل «محمود سالم» و«د. نبيل فاروق» و«د. أحمد خالد توفيق» والذين توضح آراؤهم فى السطور التالية: