** هذا حديث عن موضوع الساعة ، وهو الفارق بين مجتمعات الشك وبين مجتمعات اليقين ، وهو في الأصل حديث عن موضوعات الساعة وهى : 1- فوز الأهلى على الإسماعيلى فى الدقيقة 93 و46 ثانية .. وحالة الغضب والعاصفة التى هبت على الحكم لدرجة محاولة الاعتداء فى سلوك مشين وغير حضاري 2- عقوبة جدو ..وكيف يرفضها الزمالك والأهلي واللاعب .؟ 3- بيان اعتذار إتحاد الكرة عن إعلان مجدي عبد الغنى للعقوبة فى برنامجه قبل أن تعلن رسميا ؟ ** أولا مباراة الأهلى والإسماعيلى : أخطأ الحكم كوليبالى المالي قطعا حين لم يحتسب فأولا ضد أحمد حسن الذي دفع مدافع الإسماعيلى قبل أن تصل الكرة إلى وائل جمعة .. ولكن هل يستدعى ذلك كل هذا الاحتجاج والغضب والفوضى التى سادت الملعب ؟ أتعامل مع أخطاء الحكام على أنها قدر وجزء من لعبة كرة القدم ، وقد كانت العاصفة التى هبت على رأس الحكم كوليبالى بسبب هدف الفوز الذي جاء فى الدقيقة 93 و46 ثانية ولم يكن ممكنا تعويضه .. ولو كان الخطأ نفسه وقع من الحكم فى الدقيقة 15 من الشوط الأول وأسفر عن هذا الهدف ما قامت الدنيا على رأسه ..فعلى سبيل المثال كان يمكن عدم احتساب هدف محمد طلعت لأنه دفع المعتصم سالم ، لكن الهدف لم يحرك العواصف لتوقيت تسجيله ، ثم هناك أخطاء حكام أخرجت منتخبات من بطولة كأس العالم ، ولم يعترض مدرب كما اعترض العجوز ، ولم تصدر بيانات كما صدرت فى معقل الدراويش .. قولوا لنا ماهو الفارق ؟ لماذا يقبل الناس فى بطولات كبيرة مثل كأس العالم قرارات الحكام على الرغم من عدم صحتها ، حيث ألغيت أهداف لفرق ولم تحتسب أهداف صحيحة لمنتخبات ، وجاءت أهداف من فاولات ومن لمسات يد صريحة ، ولم نشاهد محاولات اعتداء على الحكام ، بينما نرى مشاهد اللطم والسب ، والقذف والضرب والهيستريا فى ملاعبنا ، وهو لم يكن حكما مصريا على أي حال .. فماهو الفارق بين لاعبنا ولاعبهم ، ومدربنا ومدربهم ، وإتحادنا وإتحادهم .. ومتفرجنا ومتفرجهم وإعلامنا وإعلامهم ؟! الأمر أصبح أسوأ وأسود مما يتخيله عقل.. ويدعو لليأس ! ** المباراة فنيا متوسطة المستوى، كانت صراعا متبادلا بين خطى الوسط .. تأثر هجوم الأهلى بالنقص العددي ، وهى واحدة من المباريات القليلة التى يقتحم فيها الفريق صندوق المنافس بعدد محدود من اللاعبين .. طلعت وحده وخلفه أبوتريكة من بعيد ولا أثر لمهاجم ثالث يساند .. بجانب عدم تقدم معوض وعبد الفضيل مما أفقد الأهلى أحد مفاتيح قوته .. ** الإسماعيلى لعب شوطا جيدا ثم تحرك بعد هدف طلعت .. وكان ثلاثي الوسط الأساسي حمص ، والسولية وسيمر فرج ندا لرباعي الوسط الأحمر .. وتألق بصف خاصة عمرو السولية الذي قام بالواجبات الدفاعية والهجومية ، كما تألق محمد صبحي حارس مرمى الإسماعيلى .. الذي تصدى لستة قذائف مختلفة النوع والمدى والقوة ..وتأثر أداء الإسماعيلى أيضا بنقص عدد المهاجمين على الرغم من وجود أحمد على وجدوين فى صندوق الأهلى .. كما غابت المساندة من الطرفين عبد الله الشحات وأحمد صديق ، خاصة الأخير الذي كلف بمهمة الحد من تقدم سيد معوض والسماح له بالقيام بطلعاته اليسارية .. واكتفى بهذا القدر من المباراة .. ** ثانيا عقوبة جدو .. وكيف ترفضها كل الأطراف ؟ جرت عملية المداولة فى إتحاد الكرة وسط مناخ يبث التهديد والوعيد والإرهاب عبر تصريحات من هنا ومن هناك ، وعبر وسائل إعلام تتبنى وجهات نظر كل طرف .. ورد الفعل للعقوبة يرسخ ظاهرة مرضية فى المجتمع ، أن توكل لجهة بالحكم فى أمر ، ثم يصدر الحكم فترفضه لأنه ليس على هواك .. ومن أسف أن من أسباب ذلك عدم وجود لائحة دقيقة تتعامل مع الحالات المشابهة بالعدل والتساوى .. لقد أوقف لاعب الشرقية أحمد جلال وكان هاويا . وجرى تغريم سعيد عبد العزيز وأحمد عمران وكلاهما لم يتعرض للإيقاف على الرغم من التوقيع لناديين .. وإذا كانت لوائح الفيفا لاتلزم إتحاد الكرة بإيقاف جدو ، فإن ذلك لايعنى عدم إستخدام هذا الحق ، وإزاء الضرر البالغ الذي وقع على الزمالك ، لأن اللاعب وقع فعلا للعب للنادي ، فإن عقوبة الإيقاف كانت واجبة خاصة أن ظاهرة التوقيع لناديين تكررت .. وكما طارد الأهلى حارس مرماه السابق عصام الحضري لعامين أو ثلاثة أعوام من اجل إيقافه وتغريمه ، فمن حق الزمالك أن يفعل ذلك مع جدو .. فى المقابل أشير إلى الأمر الأخطر وهو أن يعاقب اللاعب بتغريمه مليون ومائتى ألف جنيه وهو قد وقع على بياض دون أن يحصل على المبلغ ، كما يدعى ..ومن هنا فإن من حقه أن يتوجه إلى محكمة مدنية ويستدعى الشهود حسب القانون ؟! ويبقى أنه إذا كان إتحاد الكرة يقيس النجاح بالفوز ببطولات الأمم الإفريقية فإن مايجرى على ساحة الكرة المصرية من غياب للوائح وللمساواة بين الأندية وبين اللاعبين وبين الحالات هو قمة الفشل .. فتلك الخناقات تكررت لأنه لايحكمها دستور أو قانون ؟! ** ثالثا تصرف مجدي عبد الغنى فى برنامجه التليفزيوني : منذ أكثر من 30 عاما أعلنت ونشرت بوضوح انه لايجب أن يعمل الصحفي متطوعا بإتحاد أو ناد ، ومنذ أكثر من 10 سنوات طالبت بعدم الجمع بين العمل التطوعي والعمل الإحترافى المهني ، وقلت عشرات المرات أنه لايجوز أن تكون عضوا فى إتحاد لعبة وفى الوقت نفسه تعمل بالإعلام ، وكما لايجب أن تكون مدربا وإعلاميا فى الوقت نفسه ، وتلك مسألة يحكمها الشخص نفسه وليس اللوائح ، فصحيح أن الجمع بين العملين ساريا فى بعض دول العالم ، لكنها مجتمعات تخطت مراحل الشك منذ ثلاثة قرون ، وباتت فى مرحلة اليقين . فهناك الثقة والمناخ السليم .. بينما هنا نحن مازلنا فى مجتمع الشك فى كل شيء .. لكن قصة عبد الغنى تجسد خطأ وخطورة الجمع بين عضوية إتحاد الكرة وبين العمل الإعلامي .. هذا الرأي قلته وكتبته وحكيت به عشرات المرات .. وما أملكه هو رأيي ، ولا أملك تطبيق ما أراه صائبا . لكن القرار فى يد إتحاد الكرة والاتحادات الأخرى ، كما أنه الآن يجب أن يعود إلى يد الجهة الإدارية .. وفى الحالتين كان يجب أن يكون القرار نابعا من الشخص نفسيه فعليه أن يختار بين التطوع وبين العمل المحترف .. أما هذا الخلط وتلك " الكنافة " السائدة فهى لاتصلح لمجتمع يشهد الشك ويعيشه ، خاصة مع انتشار الدخلاء والجهلاء فى الأوساط الرياضية وفى غيرها ..؟! وانتم ترون الآن .. كيف يتلقى الجميع الخبر والكلمة والرأي .... وكيف أن التعصب والاحتقان بات مرضا عاما أنتشر ، بسرعة إنتشار النار فى الهشيم فعندما تقول رأيا لايتوافق مع رأى متفرج أو ناد فإنك مع الفريق الأخر ، أنت اليوم أهلاويا وغدا زملكاويا ، ولابد من التصنيف ، لأن المجتمع كله مصنف ومغرض وصاحب مصلحة ، والتصنيف تعدى الحدود وفاق التصورات ، وفى سياق لغة وقحة ومنحطة ، فمرة هو انتماء للمال ومرة للسلطة ، ومرة للهوى ، ومرة لشخص ومرة لناد ، ومرة لحزب ، كما أن الساحة الرياضية كلها مصنفة ، بما يراه الجمهور ويقرأه ويشاهده الجهور الذي يمثل الرأي العام ، لم يعد أحدا يصدق أنك مع " فريق الحقيقة " لأنه الفريق الوحيد الذي يلعب الآن فى الوقت الضائع .. أسأل الله ألا يخسر فى نهاية المباراة ؟!