الشيوخ يفتح ملف التنمر داخل المدارس بحضور وزير التربية والتعليم    للأفضل أكاديميا.. إدراج جامعة سيناء بتصنيف التايمز 2025 (تفاصيل)    حسن عبدالله يتسلم جائزة محافظ العام 2025 من اتحاد المصارف العربية    وزارة النقل: وصول أول قطار للخط الرابع للمترو مايو 2026.. ودراسة تنفيذ مراحل جديدة    الاستخبارات الأمريكية: إيران لم تقرر بعد إنتاج سلاح نووي    رئيس البرلمان التركي: الموقف الهزيل للحلفاء بالناتو إزاء إبادة غزة يضر بمصداقيته    تقرير أممي يكشف حجم الانتهاكات ضد أطفال فلسطين في 2024    أتلتيكو مدريد يبحث عن النتيجة المستحيلة أمام بوتافوجو    حالة وفاة وثلاث ناجين في حادث انهيار عقاريين ب«حدائق القبة»    ضبط سائقين للسير برعونة وأداء حركات استعراضية على الطريق بالإسكندرية    العثور على جثة شاب بها طلق ناري بطريق الملفات بصحراوي قنا    بسبب دعوى خلع.. الداخلية تكشف تفاصيل فيديو اعتداء سيدة على أخرى بالدقهلية    فيلم "ريستارت" يحافظ على المركز الثاني في شباك التذاكر    الصفحة الرسمية لوزارة الأوقاف تحيي ذكرى وفاة الشيخ المنشاوي    محافظ الإسكندرية يشهد فاعليات الحفل الختامي للمؤتمر الدولي لأمراض القلب    طائرة في مران ريال مدريد استعدادًا لمواجهة باتشوكا    نجم اليوفي مطلوب في الدوري السعودي    محافظ المنوفية: "مشروعك" وفر 30 فرصة عمل بتمويل قارب ال11 مليون جنيه    «باركود» وخط ساخن للشكوى.. تفاصيل الزي الموحد للسايس في شوارع القاهرة    "القابضة لمياه الشرب" تعلن فتح باب القبول بالمدارس الثانوية الفنية    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة زينب    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني محافظة القليوبية.. استعلم فور اعتمادها    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخر في تصادم ميكروباص ونقل ثقيل بالفيوم    السعودية: استهداف المرافق النووية السلمية انتهاك للقانون الدولي    الصحة الإسرائيلية تعلن إصابة أكثر من 2500 شخص في الهجمات الإيرانية    رئيس وزراء صربيا يزور المتحف المصرى الكبير ومتحف الحضارة والأهرامات    وزير الدفاع الإسرائيلى: نواصل مهاجمة المنشآت والعلماء لإحباط البرنامج النووى لإيران    بعد نشر البوستر الرسمي ل أحمد وأحمد.. غادة عبد الرازق تتصدر التريند    أول ظهور ل هدى المفتي بعد أنباء ارتباطها بأحمد مالك (صورة)    وفقًا للقانون.. ما الحالات التي تسقط فيها نفقة العدة والمتعة للمطلقة؟    "التنمية المحلية × أسبوع" رصد أنشطة الوزارة خلال 13–19 يونيو 2025    ابتلعه من عامين .. فريق طبي بمستشفى أزهر أسيوط يستخرج تليفون محمول من معدة مريض    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر    تشغيل مستشفى القنطرة شرق بعد تطويرها بتكلفة 400 مليون جنيه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لما لا والمشترك واحد ?!    أسرار استجابة دعاء يوم الجمعة وساعة الإجابة.. هذه أفضل السنن    رئيس وزراء جمهورية صربيا يزور المتحف الكبير والحضارة    إير كايرو تتعاقد على طائرات جديدة لتعزيز أسطولها الجوي خلال مشاركتها في معرض باريس للطيران    القومي للأشخاص ذوي الإعاقة يشارك في احتفالية مؤسسة "دليل الخير"    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    سعر الخضار والفواكه اليوم الجمعة 20 يونيو 2025 فى المنوفية    وفاة رئيس لجنة ثانوية عامة متأثرا بإصابته في حادث سير بأسيوط    إدراج 20 جامعة مصرية في النسخة العامة لتصنيف QS العالمي لعام 2025    محافظ أسيوط يوجه بتخصيص أماكن لعرض منتجات طلاب كلية التربية النوعية    وزير الزراعة يبحث مع البنك الدولي تعزيز التعاون لدعم جهود التنمية في مصر    هل تجاوز محمد رمضان الخط الأحمر في أغنيته الجديدة؟    «الرصاصة الأخيرة».. ماذا لو أغلقت إيران مضيق هرمز؟ (السيناريوهات)    برشلونة يسعى للتعاقد مع ويليامز.. وبلباو متمسك بالشرط الجزائي    بنجاح وبدون معوقات.. ختام موسم الحج البري بميناء نويبع    حالة الطقس في الإمارات اليوم الجمعة 20 يونيو 2025    أوقاف شمال سيناء تطلق حملة موسعة لنظافة وصيانة المساجد    وزارة البيئة تشارك في مؤتمر "الصحة الواحدة.. مستقبل واحد" بتونس    إنتر ميامى ضد بورتو.. ميسى أفضل هداف فى تاريخ بطولات الفيفا    التشكيل المتوقع لمباراة فلامنجو وتشيلسي في كأس العالم للأندية    "مش كل لاعب راح نادي كبير نعمله نجم".. تعليق مثير للجدل من ميدو بعد خسارة الأهلي    الاتحاد الأفريقي يعلن مواعيد دوري الأبطال والكونفدرالية    ريبييرو: أغلقنا ملف بالميراس.. ونستعد لمواجهة بورتو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفهوم الولاء.. الذى اختفى
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 07 - 2010


أين ذهب الولاء؟
إننى لا أعنى الولاء ذاته، انما أعنى المفهوم، والذى كانت له استخدامات متعددة من الولاء الدينى والعقائدى والسياسى والاجتماعى والأخلاقى والشخصى والوجدانى.. وحتى الولاء بالمعنى الطبقى.
لم أعد أرى المصطلح مستخدما فى الكتابات السياسية أو الفلسفية أو الاجتماعية...
إن الولاء لم يعد كما كان يعبر عن المعنى نفسه الذى أدى دورا مهما فى الحياة الدينية والأخلاقية والسياسية للبشر على مدى قرون طويلة.
خلال عقود طويلة من القراءة لم أعرف إلا كتابا واحدا عن هذا المفهوم بالمعنى الفلسفى هو كتاب للفيلسوف المثالى الأمريكى جويس رويس، وكتابه بعنوان «فلسفة الولاء» نشر فى عام 1908. أما المقالات والبحوث التى تناولت مفهوم الولاء فى علوم النفس والاجتماع والسياسة والأخلاق وغيرها فهى كثيرة بحيث يصعب احصاؤها، ولكنها تميل لأن تكون قديمة أكثر منها بنت أفكار اليوم وتطوراته.
مع ذلك فان المصطلح الدال على مفهوم الولاء اختفى بصورة تكاد تكون كاملة. فهل يمكن الزعم بأن تطورات الحياة الحديثة جرفت مفهوم الولاء فى طريقها؟ لقد اختفى على الرغم من أن ظواهر مثل صعود دور الدين وأهميته فى حياة الناس فى السنوات الأخيرة، وأن ظاهرة الثورة لم تختف باتجاهاتها المختلفة وأن الأنظمة السياسية المختلفة لا تزال تأخذ بأداء طقوس الولاء للوطن أو للدستور أو للملك.. هذه كلها ظواهر لا يزال الولاء يلعب فيها دوره، مع ذلك يبدو أن دراسة معناه لم تعد تهم أحدا.
وإذا ما تركنا جانبا محاولة تفسير هذا الاختفاء للمفهوم ذاته من الدراسات النظرية، وحاولنا أن نبحث عن الولاء فى مجتمعنا خارج اطار الدور الطقوسى المعروف فى تولى الوظائف والمسئوليات والمهن القضاء، المحاماة، الصحافة، الطب... إلخ، هل ترانا نهتم كثيرا بدور الولاء فى حياة مجتمعنا المصرى أو العربى.
لعل ما نعرفه هو أنه مفهوم ذو شحنة وجدانية أخلاقية عالية. فالقيمة الأخلاقية للولاء أمر أكدته كل النظريات القديمة عنه، تلك التى كتبت من منظور مثالى. فعند المثاليين أن الولاء هو الخير الأخلاقى الأسمى. إن التكريس الشامل من القلب لقضية ما هو خير بطبيعته ولا يصبح شرا إلا حينما يتعارض مع ولاءات أخرى. مع ذلك فان كثيرين من الكتاب أكدوا أن الولاء يمكن أن يستخدم لتبرير أكثر أفعال الإنسان شرا. والمثال الأكثر ذكرا لتأكيد ذلك هو الولاء للنازية.
وعند المفكرين المثاليين أن هناك نوعا من الولاء يكون عند التعامل مع الانسان كمجرد وسيلة وليس كغاية فى ذاته. وهذا ما يطلقون عليه الولاء للولاء. لكن المشكلة الأكبر فى موضوع الولاء هى مشكلة الصراع بين الولاءات.. خاصة إذا كان بعضها مشروعا.
ما تأكده هو هيمنة الولاء للذات على كل أشكال الولاءات الأخرى. وهذا ناتج بطبيعة الحال عن سيطرة الفردية والاهتمامات الداخلية للفرد على كل ما عداها من اهتمامات. لقد حل الولاء للذات محل ولاءات أخرى كثيرة وعلى الرغم من صعود الفكر الدينى الذى يستوجب ولاء عميقا ومثاليا للعقيدة الدينية وما تدعو اليه. أن شروط الحياة الحديثة جعلت الأفراد يتكالبون على مصالحهم الذاتية الفردية تكالبا يحاولون قدر مستطاعهم أن يخلّصوه من الورع الدينى، على الرغم من كل ما يبدو فى هذا من تناقض.
يساعد على انتشار الولاء للذات أن اكتشاف الآخرين هذا النوع من الولاء ليس أمرا هينا. وفضلا عن ذلك فان التناقض بينه وبين الولاء الدينى ليس بدوره من الأمور المكشوفة للآخرين. والولاء للذات كثيرا ما يكون وسيلة سهلة للآفلات من الولاءات المتصارعة، أى الولاءات المتعددة لقضايا أو لأشخاص بينها أو بينهم صراعات وتناقضات. ولا شك أن الحياة السياسية والاجتماعية فى زمننا الراهن تفرض على الفرد ولاءات كثيرة متناقضة، لهذا فانه يلجأ إلى الولاء الأسهل الذى لا يحاسبه عليه الآخرون وهو الولاء للذات.
ولعلنا نلاحظ انتشار الولاء للذات بين نخبة المثقفين المصريين لاعتبارات تتعلق بضياع الفوارق بين وجهات النظر المختلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن عدم وضوح الرؤية السياسية فى برامج الأحزاب الموجودة على الساحة المصرية والتى تجعل من العسير الاختيار بينها بهدف تحديد لمن يكون الولاء من بينها.
والاختيار حين يتم فى النهاية يكون على أساس شخصى بحت. فالولاء للحزب الوطنى الحاكم هو على أساس الولاء لشخص الرئيس حسنى مبارك. وهذا أحد أوجه الصعوبة فى مسألة التوريث. فالمطلوب من المواطن المصرى أن ينقل ولاءه الشخصى من الأب حسنى مبارك إلى الابن جمال مبارك.. مع ملاحظة أن مبارك الابن نفسه يبدى اهتماما بايضاح فوارق «فكرية» و«عملية» بين أبيه وبينه (...)
وما يقال عن الحزب الوطنى يمكن أن يقال عن الأحزاب المعارضة فيما يتعلق بالاختيار بينها على أساس الولاء الشخصى وليس السياسى البحت.
وليس خافيا على أحد أن أقسى الاتهامات التى توجه الى أحزاب المعارضة فى الوقت الحاضر هى تلك التى تزعم وجود اتفاقات سرية بينها وبين الحزب الحاكم لتنفيذ صفقات تضمن للمعارضة تمثيلا برضا الحزب الوطنى، أى برضا الحكومة، فى مجلس الشورى وبعد ذلك فى مجلس الشعب.
أى أن ولاء أحزاب المعارضة هو فى جانب منه على الأقل للحزب الحاكم لأن كلا منها يعرف أنه إذا تصرف وحده على الساحة السياسية لن يكون له نصيب فى كعكة الحكم. ويرجع هذا الى هيمنة الحزب الحاكم على نتائج الانتخابات بأساليب غير شرعية. ولا يقول أحد أحزاب المعارضة أن ضعفه السياسى على الساحة الجماهيرية يجعل الولاء له ضعيفا لا يعطى مردودا انتخابيا له وزن حقيقى.
وربما نتذكر إذا خرجنا من إطار الذات أن المصطلح الوحيد الباقى فى التداول حول الولاء هو مصطلح «الولاء المزدوج».
إن هذا المصطلح يحظى باهتمام سياسى واضح ويجدر بنا أن نقول إنه اهتمام مستحق. وهو يشير بنوع خاص الى ولاء اليهودى الأمريكى (اليهودى الأوروبى أيضا) لإسرائيل، ولعل الأحرى أن نقول إنه الولاء للعقيدة الصهيونية حتى لا نظلم اليهود الذين يعارضون الصهيونية ويعارضون بالتالى إسرائيل كدولة وكتنفيذ لخطط العقيدة الصهيونية.
ولكن لابد من الاعتراف بأن معالجة «الولاء المزدوج» نظريا من جانب المفكرين والكتاب العرب لا تزال تتسم بطابع التعجل وتتخذ صورة الدعاية أكثر منها صورة الدراسة الجادة على الرغم من أن كتابات اليهود المناهضين للصهيونية تتسم بدرجة عالية من الاستيعاب السياسى، وبالتالى يمكن الرجوع اليها والاعتماد عليها فى فهم هذه الظاهرة.وبوجه عام لا يمكن الاستغناء عن دراسة مفهوم الولاء إذا كنا جادين فى التصدى لمشكلاتنا الداخلية والخارجية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.