جاءت مصر فى المرتبة الأولى عالميا فى عدد اتفاقيات الاستثمار المباشر خلال 2009، وذلك بحصيلة قدرها 101 اتفاقية، كما احتلت المركز الثانى ضمن أعلى 5 دول أفريقية فى جذب الاستثمارات الأجنبية فى نفس العام، تبعا لتقرير الاستثمار العالمى لعام 2010، الصادر عن منظمة الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد). وتلقت مصر استثمارات مباشرة بقيمة 6.1 مليار دولار فى عام 2009، بحسب التقرير، بينما بلغت قيمتها فى العام المالى 2008/2009 نحو 8.1 مليار دولار، وفقا للبيانات المصرية التى تعتمد على العام المالى الذى يبدأ فى يوليو من كل عام وينتهى فى يونيو من العام التالى. وأشار استريت سولستاروفا خبير الاستثمار بالأونكتاد، إلى أن مصر بذلت خلال الأعوام الأربعة الأخيرة جهودا كبيرة لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث شهد العام الماضى عمليات دمج واستحواذ ضخمة، علاوة على استمرار الأنشطة الاستثمارية فى المناطق الاقتصادية الخاصة. وجدير بالذكر أن حصيلة صفقات الاستحواذ التى شهدتها البورصة المصرية خلال العام الماضى نحو 42 مليار جنيه، تمت من خلال تنفيذ 11 صفقة. وتقول ريهام الدسوقى، كبير محللى الاقتصاد الكلى فى بنك الاستثمار بلتون، «إن أفضل الأوقات لتنفيذ الاستثمارات يكون فى وقت التباطؤ الاقتصادى، بشرط توافر السيولة لدى المستثمر»، لذلك فمن المنطقى أن تشهد مصر زيادة فى عدد اتفاقيات الاستثمار المباشر فى عام 2009، الذى تباطأ فيه النمو الاقتصادى نتيجة الأزمة المالية العالمية. فالشركات التى تواجه خطر التعثر نتيجة للأزمة تنخفض قيمتها، وبالتالى يكون هذا الوقت مثاليا للاستحواذ عليها، تبعا للدسوقى، كما إن تأسيس مشروعات جديدة أو التوسع فى مشروعات قائمة يكون أسهل وأقل تكلفة مع تباطؤ النمو، سواء لما تقدمه الدولة من تسهيلات فى الإجراءات لجذب المستثمرين، أو انخفاض الأسعار فى هذا الوضع الاقتصادى، مما يساهم فى خفض تكاليف المشروعات. وجدير بالذكر أن صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة كان قد ارتفع بنسبة 90.67%، فى الربع الأول من 2010، مقارنة بالربع الأخير من 2009، ليصل إلى 1.706 مليار دولار، تبعا لبيانات البنك المركزى، معظمها موجهة إلى الصناعات الاستخراجية فى قطاع البترول، بحسب ما أكده الخبراء. وقال سولستاروفا خلال المؤتمر الصحفى الذى عقد لإطلاق التقرير أمس الأول إن العام الماضى شهد تزايدا فى عدد اتفاقيات الاستثمار الدولية الموقعة على مستوى العالم والتى بلغ عددها 5944 اتفاقية، بمعدل 4 اتفاقيات أسبوعيا، مضيفا أنه رغم تراجع معدلات الدمج والاستحواذ بسبب الأزمة المالية العالمية فإن الاستثمارات الجديدة شهدت ارتفاعا. وأشار التقرير الذى أطلق رسميا مساء الخميس بعنوان «الاستثمار فى اقتصاد منخفض الكربون» إلى أن الاقتصادات النامية والتى تمر بمرحلة تحول جذبت نصف الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى العالم، واستثمرت ربع التدفقات المالية الخارجية العالمية، لتقود هذه الاقتصادات عملية تعافى حركة الاستثمار الأجنبى المباشر، متوقعا أن تظل الدول النامية المناطق المفضلة لهذه الاستثمارات. وعلى صعيد الوضع فى أفريقيا، أظهر تقرير الاستثمار العالمى انخفاض تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى أفريقيا بنسبة 19% لتصل إلى 59 مليار دولار خلال العام الماضى، مرجعا هذا إلى انكماش الطلب العالمى على سلع التصدير الأفريقية، بالإضافة لانخفاض أسعارها. وأوضح التقرير أن الشركات العابرة للحدود التى تنتمى لاقتصادات صاعدة مثل الصين والهند وماليزيا وتايوان وكوريا الجنوبية؛ استثمرت فى الأسواق الأفريقية بمعدلات أكبر خلال السنوات الأخيرة، مما وفر مصدرا جديدا لفرص التنمية فى المنطقة، متوقعا أن تكون هذه المصادر الاستثمارية أكثر مرونة فى تجنب الأزمات أكثر من غيرها من المصادر التقليدية، مما يجعلها توفر حاجز أمان ضد الآثار السلبية. وإلى جانب دول شرق آسيا النامية التى حققت معدلات استثمار أسرع فى أفريقيا، حسب التقرير، جاءت دول الخليج خاصة فى جنوب وشرق أفريقيا وفى جميع المجالات بما فيها قطاع الزراعة. وكشف التقرير عن تراجع حاد فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى أفريقيا فى قطاع الصناعة بسبب انهيار أسعار السلع الأساسية ونضوب موارد التمويل الدولية، ليصبح قطاع الخدمات، الذى تتصدره صناعة الاتصالات، هو القطاع ذو الغلبة فى الحصول على الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مجتذبا النصيب الأكبر من عمليات الدمج والاستحواذ فى أفريقيا. وأظهر تقرير الأونكتاد أن مصر جاءت فى المركز ال31 من حيث أكثر الجهات الجاذبة للاستثمارات الأجنبية فى العالم، وهو الترتيب الذى اعتبره خبير الاستثمار سولستاروفا متقدما، إلا أن جنوب أفريقيا جاءت متقدمة عنها محتلة المركز العشرين. وعلى المستوى العالمى أظهر التقرير أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة شهدت تعافيا متواضعا وغير متساو خلال النصف الأول من العام الحالى، متوقعا أن تصل الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى العالم إلى 1.2 تريليون دولار خلال العام الحالى، وأن ترتفع إلى ما بين 1.3 و1.5 تريليون دولار خلال عام 2011، لتصل إلى معدلات ما قبل الأزمة المالية العالمية خلال عام 2012 بنحو 2 تريليون دولار. وحول الموضوع الفرعى الذى يركز عليه تقرير هذا العام «الاستثمار فى اقتصاد منخفض الكربون»، اعتبر التقرير أن الشركات العابرة للحدود تمثل جزءا من مشكلة تغير المناخ، كما أنها جزء من الحل أيضا، باعتبار أنها تتيح الاستثمارات والتكنولوجيا منخفضة الكربون التى يتوقع لها آفاق كبيرة للتطوير. وأشار تقرير الأونكتاد إلى أن الاستثمارات العالمية فى مجال الاقتصاد منخفض الكربون تصل إلى 90 مليار دولار مقسمة على 3 قطاعات فقط هى إعادة التدوير، والطاقة المتجددة، والصناعات منخفضة الانبعاثات الكربونية، مضيفا أن أفريقيا لديها إمكانات كبيرة للاستثمار فى الاقتصاديات منخفضة الكربون. وأوضح سولستاروفا أن مشكلة «تسرب الكربون»، بمعنى لجوء بعض الشركات لإقامة مشروعات مرتفعة الانبعاثات الكربونية فى الدول النامية للتهرب من اللوائح البيئية المتشددة فى الدول المتقدمة، تمثل أحد بواعث القلق، والتى لابد من التصدى لها من مصدرها بالعمل من خلال آليات حوكمة الشركات. وطالب تقرير الأونكتاد أن تركز السياسات على تعظيم المكاسب وتقليل التكاليف المرتبطة بالتحرك نحو جذب الاستثمار الأجنبى منخفض الكربون.