لم يحدث أن شهدت بطولة لكأس العالم هذا العدد من السياسيين الذين يعودون إلي بلادهم ويطالبون بتغييرات أو تحقيقات عندما تخرج منتخاباتهم من المنافسة مثلما يحدث الان مع بطولة كأس العالم المقامة في جنوب أفريقيا , فقد تحول كأس العالم إلى شأن من شئون سياسة الدولة . وكما جرت العادة كان هناك تدخل من حكومات الدول مثل نيجيريا، لكن سياسيين من دول قوية مثل فرنسا وإيطاليا وانجلترا أدلوا أيضا بدلوهم هذه المرة. وبدأ تشكيل لجان برلمانية في هذه الدول لتحليل الأسباب وراء الأداء السيئ لمنتخباتها في جنوب أفريقيا. لم تشهد دولة حالة من الفوضى مثل فرنسا حيث تدخل الرئيس نيكولا ساركوزي وعقد لقاء مع مهاجم الفريق الفرنسي تيري هنري، بل إن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" حذر السياسيين الفرنسيين من التدخل في شئون كرة القدم. لكن هذا التحذير لم يمنع وزراء فرنسيين من الإعراب عن قلقهم بشأن مستقبل الفريق الفرنسي الذي خرج بشكل محرج من دور المجموعات. وقالت وزيرة الرياضة الفرنسية روزلين باشلو إن اللاعبين "شوهوا صورة فرنسا، لم يعد من الممكن أن يكونوا أبطالا لأطفالنا". ووجه سياسيون من دول أخرى أيضا انتقادات لاذعة لفرقها التي شاركت في البطولة. وقال تايرون أوجست رئيس تحرير صحيفة "كيب تايمز" الجنوب أفريقية : "لم يعد يتبق شيء من جمال كرة القدم بعد أن أصبح الملعب ساحة معركة" , وأضاف بأن كأس العالم تمثل "مؤشرا رئيسيا على الشجاعة الوطنية والفخر الوطني، وهو شكل جديد من أشكال الحرب". وبدأت بطولة كأس العالم 2010 وسط توقعات كبيرة حيث وعد رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما بأنها ستكون "خطوة هامة في بناء الدولة والتغلب على حالات التطرف العنصري". وفي أوروبا، كان الأمر أشبه بمعجزة حينما لم يحدث قطع للعلاقات الدبلوماسية بين أيرلندا وفرنسا بعد أن أحرز هنري هدفا بيده صعد به المنتخب الفرنسي للنهائيات وحرم أيرلندا من التأهل. وكان وزير الداخلية الألماني فولفجانج شويبله قد أشاد بقوة في عام 2006 بأن بطولة كأس العالم التي استضافتها بلاده هي "أفضل قمة للاندماج". ولا يزال وزن وأهمية الحدث العالمي تتزايد، ويبرز دور البطولة كعامل لتأكيد الهوية في ظل العولمة التي يشهدها العالم وهو ما يساعد على تشجيع الشعور بالهوية الوطنية. ويتجمع ملايين من مشجعي كرة القدم حول العالم لمتابعة مباريات كأس العالم في الأماكن العامة، ولا يفترض أن يكون مثيرا للعجب أن يسرع رؤساء الدول إلى "ساحة المعركة" المعروفة بكأس العالم للإعراب عن "دعمهم" المعنوي للقوات في الملعب، أو أنهم قد يتخذون إجراء صارما للإعراب عن عدم رضاهم عن الأداء السيء لفرق بلادهم. وقرر الرئيس النيجيري جودلاك جوناثان الأسبوع الماضي تعليق مشاركة كافة الفرق في بلاده من المشاركة في المسابقات الدولية خلال العامين المقبلين بعد أن خرج فريق النسور من بطولة كأس العالم بدون تحقيق أي انتصار في الدور التمهيدي. وعندما سحق منتخب البرتغال نظيره الكوري الشمالي بسبعة أهداف نظيفة، قالت مجلة "نيوزويك" الأمريكية أن بعض أعضاء الوفد واللاعبين وحتى أحبائهم قد يفرض عليهم العمل القسري في المعسكرات كعقوبة لهم أو حتى حدوث الأمر الأسوأ، وهو فقط الاختفاء. وبالرغم من أن مثل هذا الأمر المفرط لم يكن ليحدث أبدا في أوروبا، إلا أن سياسيين أوضحوا أن صغار اللاعبين عليهم مسئولية كبيرة. وقال السياسي الفرنسي جاك رميليه لصحيفة "كيب تايمز" "هذا الأمر ليس فقط كرة قدم، إنه يتعلق بفرنسا.. إن مكانتنا على المحك وتتهددها المخاطر".