في يوم ما خلال الأشهر الستة المقبلة، تأمل ميريام فامبي في أن تستقل الطائرة للمرة الأولى في حياتها متجهة نحو جنوب أفريقيا. ويقوم معظم المسافرين من شعب زيمبابوي إلى جنوب أفريقيا بعبور الحدود بين البلدين بالحافلة حيث يعانون من سوء الطرق ووعورتها ولكن الاتحاد الدولي لكرة القدم لن يعجز عن تأمين ثمن تذكرة الطائرة. فإذا قبل طلب فامبي لكي تصبح أحد الخمسة عشرة ألف متطوع ببطولة كأس العالم بجنوب أفريقيا العام المقبل فبوسعها أن تأمل في الحصول على رحلة سفر أكثر راحة. وكانت المعلمة فامبي - 34 عاما - التي تعول طفلين في هراري واحدة من بين 449 شخصا آخرين من زيمبابوي تقدموا بطلبات للمساعدة خلال كأس العالم 2010، ويكفي أنه من مدرستها وحدها في ضاحية هايفيلدز عالية الكثافة بعاصمة زيمبابوي هراري، تقدم سبعة مدرسين بطلبات تعيين كمتطوعين بكأس العالم. وتقول فامبي: "ستكون تجربة رائعة وربما فرصتي الوحيدة لحضور أي مباراة ببطولة كأس العالم بالنظر إلى راتبي.. كما أنني واثقة من أنهم (الفيفا) سيدفعون لنا أكثر من راتبي الشهري (الذي يتراوح ما بين 150 و175 دولارا في الشهر)". ويعتبر برنامج المتطوعين في كأس العالم طريقة جيدة يأمل جيران جنوب أفريقيا من خلالها أن يختلسوا ولو نظرة بداخل البطولة التي سميت بطولة كأس العالم الأفريقية ولكنها في واقع الأمر أصبحت شأن جنوب أفريقي في المقام الأول. فمن بين 15 ألف متطوع سيشاركون في البطولة، خصص نحو 80 بالمائة من الأماكن المتاحة لمصلحة الجنوب أفريقيين مقابل عشرة بالمائة لباقي دول أفريقيا وعشرة بالمائة لبقية دول العالم. أما بالنسبة لتذاكر البطولة، لم يجد جيران جنوب أفريقيا أي معاملة خاصة فقد حجزت جميع التذاكر الرخيصة لمصلحة سكان جنوب أفريقيا فقط، وبالنسبة لباقي دول أفريقيا يبدأ سعر التذكرة في كأس العالم من ثمانين دولارا. وصرح إيان كاما رئيس بتسوانا في سبتمبر الماضي عندما سئل عما يتوقعه من بطولة كأس العالم قائلا: "أعتقد أن استفادتنا منها ستكون محدودة". وأضاف: "بينما أتحدث إليكم الآن لا أستطيع أن أحدد بشكل مطلق أي فائدة يمكن أن تدرها هذه البطولة على بتسوانا". ولكن هناك طريقة أمام جيران جنوب أفريقيا للحصول على بعض الاستفادة المادية بوضع أنفسهم على خريطة كأس العالم وهي أن يحاولوا اجتذاب بعض فرق البطولة للتدريب على أراضيهم خلال فترة الاستعداد السابقة لكأس العالم. فمن زيمبابوي إلى زامبيا مرورا ببتسوانا وموزمبيق، بنيت العديد من الاستادات الجديدة بينما تم تجديد وتطوير استادات أخرى بالمنطقة على أمل الفوز ولو بجزء من كعكة كأس العالم. ولكن في الوقت الذي قد تفكر فيه بعض المنتخبات الصغيرة في الاستعداد لبطولة كأس العالم خارج جنوب أفريقيا، فقد كان موقف المنتخبات الكبيرة حازما من حيث التوجه مباشرة إلى البلد المضيف. وتقع ثلاثة من المدن المضيفة، جوهانسبرج وبريتوريا وبلومفونتين، على ارتفاع ألف متر فوق سطح البحر مما يجعله أمرا مهما بالنسبة لمنتخبات كأس العالم أن تجرى استعداداتها للبطولة هناك من أجل التأقلم على الارتفاع.ولكن مازال هناك 400 ألف زائر يتوقع سفرهم إلى جنوب أفريقيا خلال فترة المونديال وربما يود بعضهم أن يستفيد من تذكرة السفر قدر المستطاع بزيارة أي دولة مجاورة أخرى فيما بين مباريات البطولة. ويقول داني تالبوت مدير السياحة الرياضية في شركة "توماس كوك" ببريطانيا: "كما جربنا من قبل عندما نقلنا مشجعين بريطانيين لمؤازرة منتخب الرجبي أو الكريكيت البريطاني في جنوب أفريقيا، كان بعض العملاء يطلبون إطالة مدة زيارتهم للقارة السمراء من أجل زيارة دول أخرى مجاورة مثل ناميبيا وكينيا وزانزيبار". ويقول والتر مزيمبي وزير السياحة في زيمبابوي: "يوجد لدينا إحدى عجائب الدنيا السبع متمثلة في شلالات فيكتوريا، وفنادقنا هناك على أهبة الاستعداد للحدث الكبير". وتأمل زيمبابوي في أن تنعش بطولة كأس العالم الصناعة السياحية بالبلاد والتي تدهورت كثيرا بسبب عقد كامل من أحداث العنف السياسية والاضطرابات الاقتصادية في ظل حكم الرئيس روبرت موجابي. ولكن الآن بعد تعيين حكومة وحدة جديدة بالبلاد تؤكد زيمبابوي أنها مستعدة تماما لكأس العالم 2010 وإن كانت مكاتب السياحة في بريطانيا تؤكد أن السياح هناك مازالوا يفضلون مشاهدة شلالات فيكتوريا من الجانب الزامبي الأكثر سلامة. وينتظر أصحاب الفنادق في موزمبيق، الجارة الواقعة شمال شرق جنوب أفريقيا وتتمتع بإمكانيات سياحية كبيرة، قرعة كأس العالم في الرابع من ديسمبر لإطلاق حملاتهم التسويقية. ويقول خوسيه جوميز دا سيلفا الأمين العام لاتحاد فنادق جنوب موزمبيق: "بعد القرعة ستصبح الأمور أكثر وضوحا لأننا سنعرف وقتها أين سيتواجد كل منتخب بالبطولة". وأوضح دا سيلفا أنه إذا أقام منتخب كبير مثل البرازيل معسكره في مدينة نيلسبروت الجنوب أفريقية، التي تبعد ساعة واحدة عن حدود موزمبيق، فسيعود ذلك على المستعمرة البرتغالية السابقة التي تتمتع بثلاثة آلاف كيلومتر من شواطئ الرمال البيضاء الاستوائية "بمنفعة هائلة". وحجزت وكالة ماتش المسئولة عن التذاكر والإقامة لدى الفيفا 400 غرفة فندقية في موزمبيق خلال المرحلة الأولى فقط من كأس العالم حسبما يشير دا سيلفا. ويقول عبد الأنيف - 26 عاما- وهو حرفي يبيع بضاعته خارج مركز تسوق تجاري بالعاصمة مابوتو: "إن جميع الأذهان تركز على بطولة كأس العالم الآن". أما بتسوانا التي يتواجد بها أكبر تعداد للأفيال في أفريقيا، فقد جربت مسلكا مختلفا حيث وضعت الدولة التي تضم مساحات صحراوية شاسعة نفسها في مكان يجعلها مقصد لكل من لا يريد حضور منافسات كأس العالم.