يعاني قطاع غزة هذه الأيام أقسي أنواع العذاب، ولكن العذاب تلك المرة لم يكن بسبب قصف إسرائيلي وحشي مثلما يحدث بين الحين والآخر، ولم يكن أيضا بسبب اجتياح بري دمر العديد من المنازل أو تفاقم شدة الحصار المفروض علي القطاع من قبل سلطات الاحتلال، حيث تعاني غزة من عدم وجود كهرباء في ظل تبادل الاتهامات بين حكومتي غزةورام الله حول مسؤولية كل منهما عن الأزمة. تبادل الاتهامات وترجع وقائع الأزمة لتوقف محطة كهرباء غزة عن العمل بسبب عدم توافر الوقود اللازم لتشغيلها، وتقول حماس إن السلطة الفلسطينية في رام الله لم تسدد فاتورة الوقود للشركة الإسرائيلية التي تورد الوقود وحكومة رام الله تقول إن غزة لم تحول نصيبها من الأموال اللازمة لدفع فاتورة الوقود لهذا الشهر. ونفى كنعان عبيد، مسؤول سلطة الطاقة في حكومة حماس، في تصريحات خاصة لهيئة الإذاعة البريطانية (B.B.C)، ادعاءات رام الله قائلا: هذا الكلام كذب وعار تماما من الصحة، لأن وزارة المالية استلمت من شركة توزيع الكهرباء 88 مليون شيكل من شهر يناير حتى شهر يونيو نظير فاتورة الوقود، وما يحدث ليس له علاقة بالأمور المالية، وإنما هو صراع سياسي بحت. فيما أكد جمال الدردساوي، المتحدث باسم شركة توزيع الكهرباء بغزة، أن شركة الكهرباء تقوم بعمل برامج تساوي مقدار فاتورة الكهرباء المدفوعة بواقع 6 ساعات إمداد بالكهرباء للمنطقة الواحدة، يليها 12 ساعة بدون كهرباء. تخلي الاتحاد الأوروبي عن تمويل فاتورة الوقود وأضاف الدردساوي: إذا وفرنا الكهرباء لآبار المياه لن نستطيع توفيرها لسكان العمارات والأبراج الذين أصبحوا النسبة الأكبر في غزة الآن، حيث إنهم لا يستطيعون الحصول على مياه الشرب بدون مضخات تعمل بالكهرباء. وأشارت منظمات حقوقية فلسطينية إلى أن مشكلة الكهرباء تزداد تفاقما في قطاع غزة، حتى وصلت إلى حدود خطيرة وأصبح الحديث الدائم في غزة ينصب حول انقطاع الكهرباء، والتي لا تأتي إلا ل6 ساعات فقط يوميا. وقد أدى تخلي الاتحاد الأوروبي عن تمويل الوقود المخصص لتشغيل محطة الكهرباء بغزة إلي تفاقم تلك الأزمة، وقام الاتحاد بتلك الخطوة في سبيل تمويل رواتب الموظفين في موازنة السلطة الفلسطينية، وأصبح لزاما علي السلطة أن تدفع أكثر من 10 مليون دولار شهريا لتمويل فاتورة وقود الكهرباء لغزة. الانقسام الفلسطيني هو سبب المشكلة ويقول أحد مواطني غزة: "لا يوجد لدينا مانع أن يعطونا كهرباء علي نفقتنا الخاصة، لأن محطة الكهرباء التي تغذي القطاع بلا فائدة من الأساس، وهذا الأمر لا يجوز". ويضيف آخر: لا يوجد لدينا، لا كهرباء ولا ماء ولا خدمات من أي نوع، وعلي الرغم من ذلك تريد الحكومة تحصيل ضرائب من المواطنين، الأولي بهم أن يوفروا لنا هذه الخدمات قبل المطالبة بالضرائب، كما أن الأجهزة الكهربائية جميعها احترقت بالكامل ويتساءل، من يتحمل مسئولية كل هذا؟ المواطن أيضا؟. وقد أجمعت الآراء في غزة علي أن الأزمة سياسية في المقام الأول بسبب الانقسام الفلسطيني وما نتج عنه من وجود حكومتين، إحداهما في رام الله والأخرى في غزة، الأمر الذي من شأنه أن يزيد الأمور سوءا في ظل غياب حلول منطقية لمشكلة الكهرباء الدائمة في غزة.