الجامعات التكنولوجية.. ثورة لتعزيز الإنتاجية ودفع عجلة الاقتصاد

لتأهيل الشباب لسوق العمل

فى ظل الثورة التكنولوجية المتسارعة التى يشهدها العالم، بات الاقتصاد التكنولوجى محركًا أساسيًا للنمو والتنمية؛ إدراكًا لهذه التحولات، استحدثت الحكومة المصرية الجامعات التكنولوجية كمسار تعليمى حيوى.
تهدف هذه الجامعات إلى سد الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل المتغيرة، من خلال تأهيل الشباب بالمهارات التقنية المتخصصة اللازمة، مما يضمن تزويد الصناعة بكوادر فنية مؤهلة وجاهزة للانخراط الفورى، وبالتالى تعزيز الإنتاجية ودفع عجلة الاقتصاد الوطنى قُدمًا.
انطلقت هذه الجامعات لتأهيل الطلاب الجامعيين بصدور القانون رقم 72 لسنة 2019، لتبدأ الدراسة فى 3 جامعات خلال العام الدراسى 2020/2021. زاد العدد ليصل إلى 7 جامعات فى العام الدراسى 2021/2022، ووصل العدد إلى 12 جامعة حكومية وجامعتين خاصتين بحلول العام الجامعى 2024/2025.
ووافق المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجى فى اجتماعه المنعقد فى 26 يوليو 2025 على إنشاء 5 جامعات تكنولوجية جديدة، منبثقة عن الجامعات الحكومية بحسب بيانات وزارة التعليم العالى.
البرامج الدراسية
تضم هذه الجامعات حزمة متنوعة من البرامج الدراسية مثل «تكنولوجيا الميكاترونكس، تكنولوجيا المعلومات، تكنولوجيا الأوتوترونكس، تكنولوجيا الطاقة الجديدة والمتجددة، تكنولوجيا الأطراف الصناعية والأجهزة التقويمية، تكنولوجيا تشغيل وصيانة ماكينات الغزل والنسيج، وتكنولوجيا التصنيع الغذائى، وتكنولوجيا الملابس الجاهزة، وتكنولوجيا السكك الحديدية وتكنولوجيا الجرارات والمعدات الزراعية، تكنولوجيا مساعد تمريض وتكنولوجيا تركيبات الأسنان».
عدد الطلاب
كشفت نشرة الطلاب المقيدين بالتعليم العالى الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء وفقًا للمؤسّسات التعليمية، عن زيادة أعداد الطلاب الملتحقين بهذه الجامعات من 12 ألفًا و412 طالبًا وطالبة (بينهم 8836 طالبًا و3576 طالبة) فى العام الدراسى 2022/2023 ليصل إلى 20 ألفًا و872 طالبًا وطالبة (من بينهم 14 ألفًا و957 طالبًا و5915 طالبة) خلال العام الدراسى 2023/2024. وبحسب تصريحات سابقة للدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالى؛ فقد وصل عدد الطلاب المقيدين بالجامعات التكنولوجية خلال العام الجامعى 2024/2025 إلى 30 ألف طالب، ومن المستهدف أن يصل عدد هؤلاء الطلاب إلى 150 ألفًا فى عام 2030.
أوضح وزير التعليم العالى فى تصريحاته أن هناك تطورًا ملحوظًا فى زيادة أعداد الطلاب الملتحقين بهذه الجامعات، مما يشير إلى تغير ثقافة ورؤية المجتمع تجاه التعليم التكنولوجى، ويعكس ثقة أولياء الأمور والطلاب فى هذا المسار التعليمى باعتباره من المسارات التعليمية المهمة.
أهمية الجامعات التكنولوجية
قالت الدكتورة عبير قاسم، وكيل كلية الآداب جامعة دمنهور ونائب رئيس جامعة برج العرب التكنولوجية السابق، إن الجامعات التكنولوجية هى جامعات تعليمية متخصصة فى تأهيل الشباب والطلاب بالمهارات التقنية اللازمة لخوض سوق العمل؛ لتحقيق التنمية المستهدفة بحسب «رؤية مصر 2030»؛ حيث تلعب هذه الجامعات دورًا محوريًا فى سد الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، وتوفير فرص عمل جديدة، وزيادة الإنتاج، وتعزيز التنافسية.
أوضحت «قاسم» أن هذه الجامعات أصبحت تستعد لاستقبال طلاب الثانوى العام وليس فقط طلاب التعليم الفنى؛ لتساهم فى تطوير التعليم الفنى وتأهيل الطلاب لمواكبة التطورات التقنية، عبر دراسة برامج دراسية متخصصة فى مختلف المجالات التكنولوجية، مما يعزز من مكانة التعليم الفنى فى المجتمع.
تطوير الصناعة
أشارت نائب رئيس جامعة برج العرب السابق إلى أن هذه الجامعات تعمل على بناء شراكات قوية مع المؤسّسات الصناعية والبحثية، مما يساهم فى دعم البحث العلمى، ونقل التكنولوجيا، وتطوير الصناعة، وتعزيز التنمية الاقتصادية من خلال توفير قوى عاملة ماهرة ومؤهلة، تساهم فى زيادة الإنتاجية، وتحسين الجودة، وتطوير الصناعة.
نوهت الدكتورة عبير قاسم إلى أن هذه الجامعات تقوم بوظيفتها كمحرك لاقتصاد الدول من خلال الجمع؛ حيث تلبى الاحتياجات الخاصة بسوق العمل المحلية فى مصر بل وتتعدى ذلك بتوفير فرص عمل خارج مصر أيضًا؛ وبخاصة فى القارة الأوروبية، وهو ما يعد أمرًا بارزًا بدأت الدولة فى الاهتمام به؛ حيث قامت بدراسة السوق الأوروبية ومعرفة احتياجاتها من المهارات اللازمة لها، ليس فقط فى مجال الصناعة والطاقة؛ بل أيضًا فى القطاع الطبى من توفير خريجين للعمل فى فنى التمريض وفنى معمل أسنان وفنى أشعة وغيرها.
ليست بديلًا للجامعات التقليدية
أكدت الدكتورة عبير قاسم، نائب رئيس جامعة برج العرب السابق، أن الجامعات التكنولوجية ليست بديلًا للجامعات التقليدية؛ وإنما مكملة لعَجلة إنتاج واقتصاد الدول المختلفة؛ لأنه بينما يحتاج العالم للتخصصات التقليدية؛ يحتاج أيضًا للتعليم التكنولوجى وحتى لا يتحول المجتمع كله إلى مجتمع تقنى وإنما لا بُدّ من التوازن بوجود كل التخصصات.
يتفق معها فى هذا الرأى المهندس حسن رمضان- خريج كلية التعليم الصناعى ومؤسّس اتحاد شباب التكنولوجيين، موضحًا أن هذه الجامعات مسار موازٍ ومكمل بالغ الأهمية لأنها موجهة نحو الجانب التطبيقى والعملى بشكل مباشر؛ حيث يمكن اعتبارها خيارًا مثاليًا للطالب الذى يميل إلى العمل الميدانى والتطبيقى أكثر من البحث الأكاديمى؛ لأنها تستهدف تخريج طالب جاهز للعمل، لذا هى ليست بديلًا يلغى التعليم التقليدى؛ بل خيار جديد فعال يلبى احتياجات حقيقية فى سوق العمل.
مقصد للمحترفين
أوضحت الدكتورة عبير قاسم أن هذه الجامعات أصبحت مقصدًا لفئات بعينها وحولت الحلم بالنسبة لهم لحقيقة، وهى الحصول على شهادة عليا مع الحفاظ على مهاراتهم التقنية التى ربما برع البعض فيها كهواية أو مجرد حرفة، وتحولت بالتعليم التكنولوجى إلى سلاح زودهم بالعلم والمهارة فى آن واحد؛ لتخريج شباب تلقى علمًا جيدًا وتدرب فى مجال تخصصه ليصبح الأفق مفتوحًا أمامه مزودًا بالعلم والمهارة.
أشارت نائب رئيس جامعة برج العرب السابق إلى أن وزارتىّ التعليم العالى والتعليم عملتا جنبًا إلى جنب لمصلحة خريج الجامعات التكنولوجية، وهو ما ساهم فى رفعة شأن هذه الجامعات فى فترة قصيرة، كما أنه بدراسة محتوى هذه الجامعات من كليات يتضح أنها أقيمت تلبية للبيئة المحيطة بها سواء صناعية أو زراعية أو غيرهما، مما يدل على رؤية ثاقبة للدولة المصرية التى تسعى إلى دراسة الأوضاع واحتياجات سوق العمل لتلبيتها بشكل جيد.
خريج جاهز للعمل
من جانبه قال المهندس حسن رمضان- خريج كلية التعليم الصناعى ومؤسّس اتحاد شباب التكنولوجيين- إن الجامعات التكنولوجية بمثابة جسر حقيقى بين التعليم التقليدى وسوق العمل، ساهمت فى سد الفجوة الهائلة بين خريجين يمتلكون التعليم التقليدى وتنقصهم الخبرة العملية، أو الفنيين المهرة الذين تنقصهم الخلفية الأكاديمية لمواكبة التطورات التكنولوجية السريعة.
وأشار «حسن» إلى أن الهدف من هذه الجامعات هو تخريج أخصائى تكنولوجى يجمع بين الفهم الأكاديمى القوى والتدريب العملى المكثف، عبر نموذج تعليمى يقوم على أساس (60% تدريب عملى و40% دراسة نظرية) بما يضمن تخريج كوادر فنية مؤهلة قادرة على الانخراط فى سوق العمل فورًا، مما يقلل من حاجة الشركات لإعادة تدريب الخريجين.
تحديات أمام الخريجين
نوه مؤسّس اتحاد شباب التكنولوجيين إلى أن التخصصات الحالية فى الجامعات التكنولوجية تغطى قطاعات مطلوبة بشدة فى سوق العمل المصرية والإقليمية، إلاّ أن هناك تخصصات لا تزال تحتاج للتوسع فيها مثل الأمن السيبرانى والذكاء الاصطناعى وعلوم البيانات وتكنولوجيا الصناعات الدوائية والغذائية والتكنولوجيا المالية والطباعة ثلاثية الأبعاد لتطبيقاتها الواسعة فى الصناعة والطب.
أوضح المهندس حسن رمضان أن أبرز التحديات التى تواجه خريجى هذه الجامعات هو عدم تفعيل قانون نقابة التكنولوجيين وعدم وجود مسمى وظيفى للخريج ومحاولة الدفع بالمسمى الوظيفى لأن يكون مسمى غير هندسى يحفظ الحقوق المعنوية والمادية للخريج بسوق العمل، ونظرة بعض أولياء الأمور لهذا التعليم باعتباره تعليمًا درجة ثانية بعد الكليات التقليدية، والحاجة إلى توفير فرص تدريب حقيقية واستقطاب أفضل أعضاء هيئة التدريس لهذه الجامعات وتحديث المناهج والمعدات باستمرار.

الجامعات الحالية - جامعة القاهرة الجديدة التكنولوجية - جامعة الدلتا التكنولوجية - جامعة بنى سويف التكنولوجية - جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية - جامعة برج العرب التكنولوجية - جامعة طيبة الجديدة التكنولوجية - جامعة السادس من أكتوبر التكنولوجية - جامعة سمنود التكنولوجية - جامعة شرق بورسعيد التكنولوجية - جامعة حلوان التكنولوجية - جامعة الفيوم التكنولوجية - جامعة أسيوط التكنولوجية
تحت الإنشاء
- جامعة بنها التكنولوجية - جامعة المنوفية التكنولوجية - جامعة سوهاج التكنولوجية - جامعة السويس التكنولوجية - جامعة العريش التكنولوجية
2
3