اجتياح من نوع آخر يعيشه الشعب الفلسطينى جراء تدهور الأوضاع الصحية فى قطاع غزة مع استمرار الحصار وتتضخم عمليات الاجتياح، فقد قدم العديد من الجرحى أرواحهم هدية لنصرة القضية الفلسطنية خلال الأيام القليلة الماضية، بعد أن نجو من القذف العشوائى الإسرائيلى، وذلك بسبب تأخير خروجهم من القطاع للعلاج، بالإضافة إلى النقص الكبير فى الأدوية والمعدات الطبية فى المستشفيات، والذى يعتبر حصار واجتياح اسرائيلى ولكن من نوع آخر. الحدود المصرية الفلسطينية تم فتحها لاستقبال حصاد الاجتياح الإسرائيلى من جرحى قطاع غزة، إذن فما سبب تأخير وصول المصابين؟ سؤال يجاوب عليه اليوم السابع باتصالاته لأفراد داخل قطاع غزة. الدكتور باسم نعيم وزير الصحة الفلسطينى أرسل أكثر من رسالة استغاثة إلى نقابة الأطباء ووزارة الصحة المصرية، يطالب فيها بضرورة فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى، وفعليا الحكومة المصرية فتحت أبواب المعبر ليدخل ما لا يتعدى المائة مصاب من إجمالى 2000 مصاب فلسطينى من جراء القصف الإسرائيلى!!! "ريم البطش" (34 عاما) أم لستة أطفال، والتى تسكن مخيم جباليا، كانت من بين هؤلاء المرضى، حيث لقت حتفها على إثر إصابتها بجلطة دماغية حادة، نقلت على أثرها إلى مستشفى الشهيد كمال عدوان فى بيت لاهيا، ثم حولت إلى مستشفى الشفاء فى مدينة غزة لخطورة حالتها الصحية، ونتيجة لتعطل العديد من أجهزة المستشفى الطبية، والنقص الحاد فى الأدوية والمستلزمات الطبية، اضطر الأطباء إلى اتخاذ قرار بتحويلها للعلاج فى مستشفى "إيخلوف" فى الكيان الصهيونى بعد موافقة المستشفى، وتم تقديم طلب لسلطات الاحتلال للحصول على تصريح للسفر عبر معبر بيت حانون(إيريز) لدخول المستشفى، إلا أن السلطات الصهيونية ماطلت فى الرد على طلبها لمدة 5 أيام، رغم خطورة حالتها الصحية، مما أدى إلى دخولها فى حالة موت سريرى. تأخير التحرك من قبل حماس لنقل المصابين إلى معبر رفح البرى، كان سببا أيضا فى وفاة "عبد العظيم عودة" (59 عاما) من سكان مخيم جباليا، والذى كان بحاجة لإجراء عملية القلب المفتوح، جراء تدهور حالته الصحية، حيث كان يعانى من انسداد فى شرايين القلب منذ نحو شهرين، وكان يرقد فى قسم العناية المكثفة فى مستشفى كمال عدوان. فى ظل الحصار توفى أيضا "سعيد العايدى"، طفل لم يتجاوز عمره عاما ونصف من سكان "حى الجنينة" فى مدينة رفح، نتيجة تدهور حالته الصحية، فالحصار وإغلاق معبر رفح البرى حال دون سفره مرة أخرى إلى مصر، ليلقى حتفه فى غزة!. وفى اتصال هاتفى مع مدير مستشفى الشفاء الدكتور "حسن خلف" وصف الوضع القائم بأنه "مقبل على كارثة" قائلا "لا يوجد لدينا90 صنفاً من أصناف الأدوية ال 480 فى قائمة منظمة الصحة العالمية، ومن ضمن الأصناف ال 390 المتوفرة، لدينا مخزون لأقل من ثلاثة شهور لحوالى 130 صنفا، فبعض الأدوية الضرورية مثل المسكنات القوية غير متوفرة، رغم احتياجنا الشديد لها"، وقد تعاملت المستشفى خلال الأشهر الست الماضية مع 100 شهيد وحوالى 230 إصابة سقطوا جميعهم بسبب الاعتداءات الصهيونية، ومنها بعض الإصابات التى بها بتر وإعاقة لمدى الحياة. ويواجه العاملون فى مستشفى دار الشفاء مشاكل يومية جراء انقطاع التيار الكهربائى، الذى يمكن أن يؤدى إلى وفاة العشرات من المرضى المعتمدين على الكهرباء لتشغيل أجهزة التنفس وغسيل الكلى والأجهزة الأخرى، كما أن أى انقطاع للتيار الكهربائى عن مستشفى الشفاء سيؤدى إلى موت حوالى 30 مولوداً فى قسم الحضانة بالمستشفى!! وفى المقابل أيضا اضطرت العديد من سيارات الإسعاف والطوارئ إلى التوقف تماماً عن العمل، وذلك جراء نفاذ الوقود اللازم لعملها، ووفقا لمصادر بوزارة الصحة الفلسطينية فإن 49 سيارة إسعاف من أصل 57 سيارة تتبع دائرة الإسعاف والطوارئ، توقفت عن القيام بمهامها، وذلك بسبب عدم تزويدها بالوقود اللازم لتشغيلها، مما تسبب فى تأخير إخلاء ونقل وتطبيب مئات الجرحى والمرضى، وتزامن ذلك مع تنفيذ القوات الصهيونية أعمالاً حربية فى عدة مناطق بالقطاع أوقعت العديد من القتلى والجرحى الذين تحولوا إلى أرقام فى دليل ضحايا القضية الفلسطينية على مدار سنوات النكبة الستين.