بينما تتبقى أيام قليلة على طي صفحة عام 2025، والمضي نحو 2026، نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية تقريرًا مطولًا تناولت فيه أبرز الفائزين والخاسرين من السياسة الخارجية الجديدة التي خطها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الثانية. وفي السطور التالية نستعرض الدول التي حققت أقصى وأقل فائدة من قرارات ترامب: قائمة الفائزين 1 – الصين ذكرت "فورين بوليسي" أنه قد يكون من المستغرب تضمين أكبر خصم ونظير للولايات المتحدة في قائمة الفائزين، موضحة أنه من الصعب الدفع بأن الصين تكبدت معاناة كبيرة خلال فترة الولاية الثانية لترامب – لا سيما بالمقارنة مع الحرب التجارية الضارية والقيود التقنية التي شهدتها فترة ولايته الأولى. وأوضحت المجلة الأمريكية أن بعضًا من تلك القيود التقنية – من بينها مبيعات رقائق أشباه الموصلات إلى الصين، والمقترح الأمريكي بحظر منصة التكنولوجيا المملوكة للصين «تيك توك» — باتت الآن محل نقاش، إن لم تكن قد خُفِّفت صراحةً. وصعّد ترامب بشكلٍ كبير الرسوم الجمركية على الصادرات الصينية إلى الولاياتالمتحدة في بداية ولايته، لكنه تراجع عنها بالسرعة نفسها عقب اجتماعٍ عُقد في أكتوبر مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية. 2 – السعودية بحسب "فورين بوليسي"، أظهر ترامب ميلًا تجاه السعودية، حيث تجلى ذلك بجعلها الوجهة الأولى لأول زيارة رئاسية خارجية له خلال ولايتيه الأولى والثانية على حدّ سواء. ويبدو أن واشنطن والرياض الآن أقرب من أي وقت مضى. ففي نوفمبر، فرش ترامب السجادة الحمراء - حرفيًا - لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال زيارة حافلة بالمراسم، أسفرت عن سيلٍ من الصفقات الهادفة إلى ربط اقتصادي البلدين على نحو أوثق، بحسب المجلة الأمريكية. كما صنّف البيت الأبيض السعودية حليفا مهما من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو) – مما يعزز التعاون الدفاعي، وإن كان بدون ضمانات أمنية – ويمضي في خطط بيع مقاتلات "إف-35" إلى البلد. ويخطط البلدان كذلك إلى التعاون في قطاعات أخرى، مع توسيع نطاق هذا التعاون في الذكاء الاصطناعي والطاقة النووية والمعادن الحيوية. 3 – سوريا أصبح الرئيس السوري أحمد الشرع أول رأس دولة منذ حوالي 8 عقود يزور البيت الأبيض عندما استقبله ترامب هناك في نوفمبر، في خطوة تسلط الضوء على تحولٍ لافت في مسيرة الأول. لكن صعود الشرع إلى السلطة عقب الإطاحة بالديكتاتور السوري بشار الأسد يتجاوز البعد الشكلي؛ إذ نجح خلال تلك الزيارة في إقناع ترامب برفع معظم العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، قبل أن يصوّت الكونجرس في ديسمبر على إلغاء التشريعات التي كانت تُبقي بعض تلك العقوبات سارية، بحسب "فورين بوليسي". 4 – الأرجنتين لم يخف ترامب قط دعمه للرئيس الأرجنتيني وحليفه السياسي، خافيير ميلي، مشيدًا به بوصفه "الرئيس المفضل لديه". وقال ترامب في 2024: "أحبه لأنه يحب ترامب". وبلغ هذا التحالف حدًّا عميقًا لدرجة أنه عندما توجّه الأرجنتينيون إلى صناديق الاقتراع في أكتوبر للتصويت في انتخابات التجديد النصفي، أعلن ترامب دعمه العلني لميلي، ثم ربط حزمة إنقاذ ضخمة للبلاد بقيمة 20 مليار دولار بفوزه الانتخابي. 5 – باكستان خلال ولايته الأولى، هاجم ترامب باكستان وقادتها بشدة بسبب ما وصفه ب«الأكاذيب والخداع»، متهمًا إياهم بتوفير «ملاذ آمن للإرهابيين الذين نطاردهم في أفغانستان، مع قدر ضئيل من المساعدة»، كما علّق معظم المساعدات العسكرية الأمريكية المقدَّمة للبلاد. بعد أسابيع من ولايته الثانية، منح دور باكستان في اعتقال العقل المدبر لهجوم إرهابي في أفغانستان ترامب نصرًا مبكرًا، كما أتاح لإسلام آباد مدخلًا للتقارب مع الرئيس الأمريكي الجديد. قائمة الخاسرين 1 – فنزويلا فيما يخص العلاقات الثنائية مع الولاياتالمتحدة، يصعب تخيّل ما هو أسوأ من توجيه ضربات عسكرية أمريكية لقوارب قبالة السواحل الشمالية لبلدٍ ما، مع احتمال تنفيذ ضربات برية، وشبح تغيير النظام. ومع ذلك، فهذا بالضبط ما واجهته فنزويلا ورئيسها المثير للجدل، نيكولاس مادورو، من إدارة ترامب على مدى أشهر. كانت فنزويلا الهدف الأكبر لغضب ترامب فيما يتعلق بما أطلقت عليه إدارته لقب «الإرهابيين المرتبطين بالمخدرات»، حيث اتهم مادورو بالتآمر مع الكارتلات لإغراق الولاياتالمتحدة بالمخدرات، حتى في الوقت الذي منح فيه ترامب عفوًا لرئيس لاتيني سابق كان قد أُدين فعليًا بتجارة المخدرات. 2 – إيران تعرّضت استراتيجية الردع المُكلِّفة والمعقدة لإيران، التي قضت عقودًا في بنائها، لضربة مدمرة هذا الصيف. وفي غضون 12 يومًا من الغارات الجوية في يونيو، شُلّت الدفاعات الجوية الإيرانية وبنيتها التحتية للصواريخ الباليستية جراء الهجوم العسكري الإسرائيلي. لكن ما يُعتقد أنه ألحَق أكبر الضرر ببطاقة الردع النهائية لإيران كان الظهور القصير للقوات الأمريكية في 22 يونيو، عبر قاذفات B-2 التي أسقطت ما يُعرف بقنابل «قادرة على تدمير المخابئ» على ثلاثة من المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية. 3 – جنوب أفريقيا تعرّضت الحكومة الجنوب أفريقية لضغوط كبيرة هذا العام من إدارة ترامب. هناك عدة عوامل تدفع البيت الأبيض لموقف عدائي تجاه أكبر اقتصاد في إفريقيا، بعضها ملفق وبعضها حقيقي. وروّج ترامب لادعاء كاذب بأن الأفارقة البيض، وهم أحفاد المستعمرين الأوروبيين في جنوب إفريقيا، يتعرضون لإبادة جماعية، ووافق على منحهم وضع لاجئ شامل، بحسب "فورين بوليسي". لكن هناك خلافات أخرى مع إدارة ترامب مبنية على حقائق، مثل سياسات الحكومة الجنوب أفريقية الرامية إلى تقليل التفاوت العرقي الطويل الأمد، ورفع بريتوريا قضية إبادة جماعية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بسبب معاملة الفلسطينيين في قطاع غزة. كما يشعر العديد من المسئولين الأمريكيين بالإحباط من تردد جنوب إفريقيا المستمر بشأن غزو روسيا لأوكرانيا وعلاقاتها الودية مع إيران. 4 – كندا شهدت العلاقات بين واشنطن وأوتاوا تدهورًا حادًا في وقت سابق من هذا العام، بعدما هدّد ترامب مرارًا بضم جارته الشمالية للولايات المتحدة وجعلها الولاية الحادية والخمسين. وبحسب "فورين بوليسي"، لا يبدو أن إدارة ترامب مازالت مهووسة بهذا التوسع الإقليمي، لكنها واصلت سلوكها العدائي تجاه أحد أكبر شركائها التجاريين، الذي يظل خاضعًا لتعريفات جمركية مرتفعة على نطاق واسع من القطاعات. وأشار ترامب إلى ما وصفه بالدور المزعوم لأوتاوا في تهريب الفنتانيل إلى الولاياتالمتحدة—وهي ادعاءات لا تدعمها بيانات الجمارك وحماية الحدود الأمريكية—وقد انهارت مفاوضات التجارة بين البلدين. 5 – الهند يصبح صعود باكستان في نظر ترامب أكثر لفتًا للانتباه بالنظر إلى أن ذلك تزامن مع تدهور العلاقات الأمريكية مع خصمها اللدود الهند إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عقدين. كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي — الذي أشار إليه ترامب مرارًا باعتباره «صديقًا عظيمًا» وأقام معه علاقات وثيقة خلال ولاياتهما الأولى — واحدًا من أوائل قادة العالم الذين زاروا واشنطن بعد إعادة انتخاب ترامب، وكان من المتوقع أن يستأنفا التعاون من حيث توقفا. لكن رفض الهند منح ترامب الفضل في التوسط لهدنة مع باكستان بعد صراع مسلح قصير بين الجارين في مايو، إلى جانب ما يُزعم من إحباط ترامب تجاه سياسات الهند التجارية وشراءاتها من النفط الروسي، أدى إلى فرض بعض أعلى التعريفات الجمركية من ترامب على نيودلهي. ومع ذلك، هناك عدة مؤشرات على أن الأسس الجوهرية للعلاقة الأمريكية-الهندية ما تزال صلبة. فقد وقّعت قواتهما المسلحة مؤخرًا اتفاقية تعاون دفاعي لمدة عشر سنوات، وتدعو استراتيجية الأمن القومي الجديدة لترامب واشنطن إلى «مواصلة تحسين العلاقات التجارية (وبغيرها) مع الهند».