تمر العلاقات التجارية بين الولاياتالمتحدةوالهند بأزمة حادة، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الهند، إضافة إلى عقوبات غير محددة تتعلق بشراء نيودلهي ل النفط الروسي، مما يهدد بانهيار مفاوضات استمرت لسنوات بين البلدين. أشارت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، إلى أن ترامب لم يظهر أي بوادر للتراجع، بل صعّد من لهجته مؤخرًا، حيث صرّح يوم الثلاثاء بأنه سيرفع الرسوم الجمركية "بشكل كبير جدًا"، في خطوة قد تقوّض عقود من الجهود المشتركة بين أكبر ديمقراطيتين في العالم. تاريخ من المحاولات المتعثرة وأضاف التقرير، أن الاتفاق التجاري بين الولاياتالمتحدةوالهند طالما كان هدفًا لترامب دون أن يتحقق. فخلال ولايته الأولى، حاول الجانبان إبرام اتفاق يُعرف ب"الاتفاق المصغر"، لكن لم يتم التوصل إليه قبل يناير 2021، وكان يُفترض أن يشكل هذا الاتفاق خطوة أولى نحو مفاوضات أوسع ضمن ما يسمى "المرحلة الأولى" من الاتفاق التجاري الثنائي، وهو الهدف الذي لا يزال الطرفان يؤكدان رغبتهما في بلوغه. قضايا غير تجارية تعرقل التقدم أفادت المجلة، بأن ترامب منذ بداية ولايته الثانية في يناير تعمّد إقحام ملفات غير تجارية في المفاوضات، مثل العلاقات الهندية الروسية، والتوترات مع باكستانوالصين، وحق الهند السيادي في الانضمام للمنظمات متعددة الأطراف، ما أثار حساسية شديدة لدى حكومة نيودلهي. ورغم هذه التوترات، إلا أن هناك فرصة لإصلاح العلاقة، من خلال إجراءات لبناء الثقة، على غرار العمل المُشترك قبيل قمة قادة الحوار الأمني الرباعي "كواد"، وعقد لقاء رفيع المستوى على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتعاون التكنولوجي، وإعادة إحياء ملف "الاتفاق المصغر". واستعرض التقرير عدة مواقف ساهمت في تأزيم العلاقات، وهي كالتالي: في مايو الماضي، وخلال تصاعد التوتر الحدودي بين الهندوباكستان، زعم ترامب أنه استخدم التهديد بالرسوم الجمركية لإقناع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بتهدئة التصعيد، وردت نيودلهي رسميًا بنفي الرواية عبر نشر ملخص رسمي لمكالمة بين الزعيمين، تضمن سردًا مغايرًا للأحداث، معتبرة أن ترامب ساوى بين الهندوباكستان وتجاهل عمق التعاون الثنائي بين واشنطنونيودلهي. لاحقًا، هددت إدارة ترامب بفرض رسوم جمركية على دول مجموعة "بريكس" – ومنها الهند – في خطوة اعتبرتها نيودلهي تدخلًا سافرًا في سيادتها. ومؤخرًا، لوّحت واشنطن بعقوبات "ثانوية" ضد الهند بسبب شرائها المكثف للنفط الروسي، رغم التزامها منذ 3 سنوات بسقف الأسعار الذي فرضه التحالف الغربي، وقد عوقبت بالفعل شركات هندية خاصة بسبب مخالفات متعددة، لكن تهديدات ترامب الأخيرة اعتُبرت سابقة من نوعها. المثير للجدل – بحسب المجلة – أن ترامب لم يتخذ موقفًا مشابهًا تجاه دول أخرى مثل الصين، رغم شرائها أيضًا ل النفط الروسي، بل على العكس، مددت واشنطن مفاوضاتها التجارية مع بكين. خيارات قائمة لإنقاذ العلاقات رغم التوترات، ردّت الهند حتى الآن بشكل محسوب، ما يفتح المجال لإصلاح العلاقة عبر: -تعزيز التعاون الأمني الإقليمي، خاصة ضمن إطار الحوار الأمني الرباعي (Quad)، الذي يضم الهندوالولاياتالمتحدة وأستراليا واليابان، مع أهمية إظهار التزام واشنطن بالمنطقة الهندو-باسيفيكية. -التحضير للقاء ثنائي في نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، بين ترامب ومودي، لإعادة بناء الثقة. -إحياء التعاون التكنولوجي، من خلال مبادرة "TRUST" (تحويل العلاقة عبر التكنولوجيا الاستراتيجية)، التي تشمل مجالات الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، وتصنيع أشباه الموصلات، وغيرها من القطاعات التي تعهّد ترامب بتعزيزها في خطابه خلال فبراير الماضي. -استئناف المفاوضات التجارية،فمن المقرر أن يُستأنف الحوار التجاري في أواخر أغسطس، ويجب على الجانبين الاتفاق على صيغة "الاتفاق المصغر" بسرعة، تمهيدًا للمرحلة الأولى من الاتفاق الشامل.